كتاب ومقالات

دهاليز الظلام

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

ربما تكون صدفة التزامن بين حدثين مهمين هي التي أعادت جماعة الإخوان المسلمين إلى واجهة الحديث، الحدث الأول كان في مقابلة الأمير محمد بن سلمان مع داود الشريان عندما سأله عن حقيقة الخلاف المصري السعودي فأشار سموه فورا إلى «الإعلام الإخونجي»، والحدث الثاني هو بدء تلفزيون أبو ظبي بث سلسلة وثائقية مهمة عن تأريخ وأفعال الجماعة في الإمارات عنوانها «دهاليز الظلام» بدأت يوم الأحد الماضي 14 مايو.

السلسلة الوثائقية تأتي كنتيجة لاكتشاف السلطات الإماراتية المخطط التآمري السري الخطير على الدولة في صيف 2012 وضبط المتورطين فيه، ما شكل صدمة كبيرة للمجتمع الإماراتي الذي لم يكن يتوقع الكثيرون فيه أن يتآمر عليه بعض أبنائه إلى ذلك الحد. وقد تناولت الحلقة الأولى فكر الجماعة وظروف تأسيسها في الإمارات وتطورها إلى حد التمكن والسيطرة على التعليم العام والجامعات وجمعيات النفع العام والمناشط الاجتماعية واستطاعتهم إنجاز 120 منهجا إخوانيا تهدف إلى إلغاء القيم الوطنية وترسيخ فكر الإخوان ونظرياتهم، وحربهم القذرة على الوطنيين الذين انتبهوا لمخططهم وحاولوا التصدي له.

ربما كانت قسوة الصدمة وألمها هي التي جعلت دولة الإمارات تكشف تفاصيل التأريخ الإخواني هناك بعد تفكيك منظومته والقبض على أعمدتها ورموزها، فهل يحتاج أي مجتمع خليجي ومن ضمن ذلك المملكة إلى الانتظار حتى تصل الأمور لا قدر الله إلى هذه المرحلة على يد تنظيم عتيد يحترف العمل السري والمراوغة والمناورة وله أتباع كثيرون قدموا البيعة له وينتشرون في قطاعات ومفاصل كثيرة ومهمة. لا يستطيع أحد إنكار وجود التنظيم لدينا وإن اختلف تكتيكه وأساليب نشاطه، ولا نشك في قدرة وكفاءة أجهزة الدولة على معرفة كل تفاصيله والإحاطة بخفايا عمله، ولكن حتى مع معرفة التنظيم بهذه الحقيقة فإنه يتلون في أساليب إثبات ولائه لعقيدته وفكره بأي طريقة كانت، وليس بخاف علينا نشوة بعض أعضائه عندما وصل الإخوان إلى الحكم في مصر حيث مقر التنظيم، ما جعلهم يكشفون حقيقتهم بسذاجة وتهور، وكذلك تغيير أسلوب عمله بعد سقوطهم عن حكم مصر ليركز على تكثيف نشاط آلته الإعلامية بكل الوسائل لتلويث علاقة الدول المساندة لمصر ما بعد الإخوان والتشويش عليها، كأضعف الإيمان، وموضوع العلاقة المصرية السعودية دليل على ذلك.

هذا التنظيم الطامح للسلطة الذي يكفر بالدولة الوطنية ولا بيعة له إلا لمرشده والذي يبيح لنفسه كل الممارسات غير الشريفة والأساليب اللا أخلاقية لتحقيق أهدافه، لا أمان له ولا عهد ولا وطن ولا دولة ولا مجتمع إلا مجتمعه، وحري به أن يُعرّى ويُجتث لشدة خطره على الأوطان.