أخبار

العيسى: المتنكرون قلة.. والوطن خط أحمر

الملحق الثقافي أكد في حوار مع «عكاظ» إلغاء بعثات مزوّري درجات اللغة

حاوره: عبدالرحمن باوزير (واشنطن)

A_Bawazier@

قلل الملحق الثقافي السعودي في واشنطن الدكتور محمد العيسى من حالات خرجت للإعلام الأمريكي من المبتعثين وأساؤوا إلى وطنهم، معتبراً إياهم حالات «نادرة» ولا تمثل المبتعثين السعوديين الذين بلغ عددهم في الولايات المتحدة أكثر من 88 ألف مبتعث ومبتعثة. وكشف العيسى في حوار مع «عكاظ» من مكتبه المطل على شارع «hilltop» في مبنى الملحقية بفايرفوكس بولاية فرجينيا عن تحركات لمنح المبتعثين في الجامعات المميزة امتيازات مالية، موضحاً أن 850 طالبا وطالبة يدرسون في أفضل 10 جامعات في أمريكا. وأكد العيسى الذي يقضي عامه الـ10 في قيادة أكبر ملحقية ثقافية سعودية، عدم وجود أي نية لخصم بدلات الطلبة المبتعثين في المستقبل، مجدداً موقفه الصارم ممن «يعتقد أن الابتعاث رحلة سياحية مدفوعة التكاليف». ورفض اتهامهم بـ«عدم المرونة» في شرط وجود المحرم في بلاد الابتعاث «نحن مرنون في هذا الجانب، ولكن نحرص ألا يكون على حساب أشياء أخرى»، فإلى نص الحوار:

• «عكاظ» تشكر لكم منحها فرصة المكاشفة معك. متى بدأ الابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟

•• أتشرف اليوم بلقائي مع صحيفة عكاظ، واحدة من الصحف الكبيرة في المنطقة وفي السعودية، وأنا أحد القراء المستمرين للصحيفة، قارئ يومي لكل ما يكتب في الصحيفة ولكتابها المتميزين. الابتعاث إلى الولايات المتحدة قديم كون العلاقة قديمة وعميقة، يمكن وصفها بـ«من أقدم العلاقات في المنطقة، إن لم تكن أقدمها»، الابتعاث بدأ في الخمسينات، وكان ثمة مكتب للملحقية في نيويورك في ذلك الوقت، وكان عدد الطلاب بسيطا، وبدأ يرتفع مع امتداد العلاقة مع الولايات المتحدة، ووصل في ذروته في الثمانينات (1984) إلى 18 ألف مبتعث ومبتعثة. وفي درجات مختلفة وفي تخصصات مختلفة وجزء منها من وزارة التعليم العالي في ذلك الوقت وأغلبها كان من جهات حكومية.

وثبة برنامج الابتعاث

• هل نستطيع أن نقول إن بداية برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي كانت في 2006؟

•• هو بدأ بعدما وقع الاتفاقية سمو ولي العهد –آنذاك- الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) في 2005، عندما قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتقى بالرئيس بوش الابن، وتم الاتفاق على ابتداء برنامج الابتعاث الخارجي، وبدأ الابتعاث الفعلي في 2006، وكلفت بالعمل في الملحقية الثقافية في 2007، وكان عدد المبتعثين والمبتعثات بمرافقيهم 7 آلاف طالب وطالبة، بدأت الاعداد تتزايد، حتى وصلنا في 2014 إلى أعلى سقف؛ 120 ألف طالب وطالبة.

اليوم لدينا أكثر من 88 ألف مبتعث ومبتعثة مع مرافقيهم، ينتشرون في أغلب الولايات الأمريكية في عدد من التخصصات المختلفة، لدينا أكثر من 850 طالبا وطالبة يدرسون في أفضل 10 جامعات أمريكية كهارفارد، MIT، ستانفورد، برنستون، كولومبيا، براون، كورنيل، وغيرها من الجامعات المتميزة، ولدينا عدد كبير من الأندية الطلابية في الولايات المتحدة، تجاوزت الـ360 ناديا طلابيا سعوديا من بينها 17 ناديا ترأسها طالبات سعوديات، هذه الأندية الطلابية تجربتنا فيها مختلفة عن أي مكان في العالم.

التكتلات محظورة

• لماذا كانت تجربتكم مختلفة؟

•• لأنه في السابق كانت الأندية الطلابية عبارة عن مقرات يستأجرها الطلاب وتدفع رسومها الملحقية، وكانت تسيطر عليها مجموعة من الطلاب، وكانت موجهة بحسب توجه من يديرها، من نهاية 2007، تم إلغاء كل المقرات الطلابية، وتم الطلب من الطلاب جميعاً إنشاء أندية طلابية تحت مظلة الجامعات الأمريكية، وتكون جزءا من اتحاد الطلبة في داخل الجامعات.

الملحقية تدعم الأندية الطلابية في عيد الفطر وعيد الأضحى وفي اليوم الوطني، كما أن أي ناد لديه نشاط طلابي وافقت عليه الملحقية يدعم، دائماً نقول إن هذه الأندية الطلابية لكل السعوديين والسعوديات، بغض النظر عن المنطقة والقبيلة والطائفة والجنس، نحرص دائماً على الموافقة على تشكيل الهيئة الإدارية لكل ناد طلابي أن تكون مزيجا وخليطا من كل مناطق المملكة المختلفة، ولا نسمح أن تسيطر عليها فئة أو قبيلة أو منطقة أو طائفة أو حتى جنس، نطلب دائماً أن تكون مزيجا وخليطا من أبناء وبنات الوطن.

بالمناسبة هم يرسمون صورة رائعة ومشرقة عن وطنهم عبر ما يقدمونه من أنشطة وفعاليات، وأفتخر برؤية نماذج رائعة ترسم صورة جميلة عن المملكة. وبكل تجرد هذه الأندية استطاعت أن تغير بشكل كبير الصورة النمطية الموجودة عند الأمريكان عن المملكة وطناً ومجتمعاً. الأندية لعبت دوراً كبيراً حتى أنها أدت ما عجز عنه الإعلام، عبر الطلاب الذين نعتبرهم سفراء لبلدهم، «لا أقول إن هناك سفيرا واحدا في الولايات المتحدة، بل هناك 88 ألف سفير».

• الأرقام الرسمية في الابتعاث لا تشير إلى انخفاض في أعداد المبتعثين، ولكن الواقع يشي بانخفاض حاد يصل إلى 40%، كيف ترون هذا الاستنتاج؟

•• نحن في الملحقية لا نستطيع أن نعطيك إجابة دقيقة، أعتقد أن الجهة المسؤولة عن الإجابة هي وكالة شؤون الابتعاث في الوزارة، نحن جهاز تنفيذي ولسنا جهازا تشريعيا. ما يصلنا من قرارات ابتعاث للمبتعثين يتم فتحها ومتابعتها. نحن نتابع ونساعد ونقدم يد العون للطلبة لكني لا أعرف هل فعلا الأعداد المقبولة أقل أو أكثر.

لا إلغاء لبدلات المبتعثين

• هل ثمة خطوات لإلغاء بدلات مالية للمبتعثين، على غرار بدل العلاج؟

•• أبداً لا يوجد توجه لإلغاء بدلات، وما تم إلغاؤه هو بدل العلاج، والنظام يقول إن كان الطالب مغطى بالتأمين الطبي فلا يستحق بدل العلاج.

• مع ارتفاع تكلفة المعيشة في الولايات المتحدة، هل تعتقد أن المكافأة تكفي الطلاب في مدن كواشنطن ونيويورك وبوسطن؟

•• رفعنا مقترحا قبل فترة –ليست بالقريبة- نطلب من الوزارة أن ينظر إلى الطلاب الملتحقين في الجامعات المميزة، على سبيل المثال بوسطن يوجد فيها عدد كبير من الجامعات المميزة، وهي مدينة معروفة على مستوى الولايات المتحدة بالغلاء، وطلبنا من الوزارة أن يكون للطلاب الملتحقين في هذه الجامعات وضع خاص.

من لديه قبول من هارفرد لا أستطيع أن أقول له اترك بوسطن وادرس في مكان آخر، رفعنا طلبا، وكان توجه الوزارة حياله إيجابيا، وأتوقع أن يحصل شيء تجاه الطلب، كما أعتقد أن من يدرس في هذه الجامعات المميزة لا بد أن تكون لهم معاملة مميزة، ليس من أجل الغلاء فقط بل نظير تميزهم.

• الملحقية أضحت أكثر حزماً في تطبيق القوانين على الطلاب واختفت المرونة في أعمالها، أتحدث هنا عن إلحاق الطلبة بالبعثة وتغيير التخصص، كيف تفسر ذلك؟

•• الحزم في تطبيق القوانين موجود منذ اليوم الأول، ودائماً أقول نحن صارمون مع كل شخص يعتقد أن البعثة رحلة سياحية مدفوعة التكاليف، الملحقية حازمة وصارمة مع كل من يعتقد هذا الاعتقاد، ولكننا في الوقت نفسه مرنون ونتعاون مع من يستحق، لدينا الكثير من الصلاحيات، والوزارة أعطت الملحقية الثقافية كثيرا من الصلاحيات.

المتنكرون لوطنهم

• يبدو أن إساءة مبتعثين لبلادهم لا تزال قليلة، لكن هل يقلقك الأمر، وما هي الإجراءات التي تتخذ ضدهم، كـ«فتيات CNN» وابن نمر النمر؟

•• نحن جهاز إشرافي وتوجيهي، لدينا كثير من البرامج التوعوية التي نقدمها من خلال منصاتنا في التواصل الاجتماعي أو اللقاءات بالمتبعثين، دائماً نقدم ما نستطيع تقديمه من توجيه وإرشاد ونصح للطلاب قبل وقوع أي مشكلة. الحالات التي ذكرتها حالات محدودة جداً ولا تقلقني بالأمانة، لأنها محدودة. وطلابنا الغالبية العظمى –وأكاد أجزم لك أنها أكثر من 99%- على قدر كبير من المسؤولية والوطنية والجد والمثابرة، ولو خرج واحد أو اثنان أو 10 أو 100 فهم لا يمثلون المجموع العام، حتى الأسرة الصغيرة في بيتك قد يخرج من بينهم أبناء عن الخط، لكننا حازمون وصارمون مع كل شخص يحاول أن يسيء إلى بلده، ودائماً أقول إن الدين والوطن خطان أحمران، ولن نسمح لكائن من كان بتجاوزهما.

يجب أن يكون الطالب على قدر كبير من الوطنية وألا يسيء لوطنه ودينه. وبالمناسبة لم تظهر إلا حالات قليلة، حتى ابن نمر النمر، المملكة قدمت الكثير له عندما كان طالباً مبتعثاً، تم الصرف عليه، وعلى اثنتين من أخواته، إلى أن تخرجوا، وكانت لهم حقوق، ولعلهم أخذوا حقوقاً أكثر من غيرهم، ولكنهم ناكرون للجميل، ولم يتعرضوا على الإطلاق في يوم من الأيام لأي مساءلة أو أي تضييق، بالعكس أخذوا حقهم بالكامل.

• قلت إنكم لن تتهاونوا مع المسيئين، ما هي الإجراءات التي ستتخذونها إذن؟

•• قلت لك لن نسمح لأي شخص أن يسيء لوطنه، سيتم الرفع للجهات المختصة وستأخذ الجهات إجراءاتها، ولن نسمح، وسنتحرك بكل ما نملك لأخذ الإجراءات المناسبة في حقهم، بعد أن نتأكد من التجاوز.

مرنون ونتفهم الظروف

• كيف تتعامل الملحقية مع شرط وجود المحرم في بلاد الابتعاث، ما الحل لمن لا محرم لها؟

•• للأمانة، هذا شرط من الشروط التي تشترطها الوزارة وأنظمة الابتعاث، نحن نثق في بناتنا، وأقول لك إنهن على قدر كبير من المسؤولية والحرص، وتجربتنا معهن ممتازة، وعندما تخرج واحدة أو اثنتان فهن لا يمثلن المجموع العام، ومن لديها ظروف نتفهم ونتساعد معها، ونحن مرنون في هذا الجانب، ولكن نحرص ألا يكون على حساب أشياء أخرى.

• كم نسبة الطالبات من إجمالي مبتعثي الولايات المتحدة؟

•• الطالبات المبتعثات يصلن إلى 36%، وللأمانة فالغالبية العظمى متميزات أخلاقياً وعلمياً وأكاديمياً.

• كيف أثرت المرأة السعودية في مسيرة الابتعاث؟

•• لهن تأثير كبير في المجتمع الأمريكي، ويلعبن دورا كبيرا في تغيير الصورة النمطية عن المملكة، ولدينا عدد من الطبيبات السعوديات في مراكز طبية مرموقة، لدينا عدد كبير من المهندسات السعوديات والصيدلانيات، وكثير من المتخصصات. نحرص على أن ينتشرن في كثير من الولايات الأمريكية ويقدمن صورا جميلة عن بلادهن.

• خلال عملك في الملحقية لـ10 أعوام وقربك من المجتمع الطلابي، هل رفعت توصيات لتغيير بعض أنظمة الابتعاث؟

•• رفعنا الكثير من التوصيات، لعل من أهمها ما أشرت إليه في حوارنا، وتوصيات تخص الحضانة، وتوجد كثير منها تمت الموافقة عليها، والبعض الآخر تحتاج إلى مزيد من الدراسات وإجازتها من جهات عليا.

• كيف تنظرون إلى ارتفاع وتيرة «الإسلاموفوبيا» في الولايات المتحدة، وهل هناك خشية على الطلاب المبتعثين؟

•• أعتقد أن المجتمع الأمريكي شعب متحضر، والمتطرف موجود في كل المجتمعات، والغالبية هم شعب منفتح ويتقبل الآخر، وطلابنا وطالباتنا منفتحون واجتماعيون بطبيعتهم، ولي 10 أعوام ولم نجد مضايقات، وعندما تظهر حالات قليلة فهي لا تمثل المجتمع الأمريكي.

شراء التوفل

• كيف تواجهون عمليات شراء درجات التوفل والايلتس؟

•• نواجها بكل حزم، متى ما ثبت لنا تورط الطالب في الأمر، يتم الرفع للوزارة بعد أن تراجعها لجنة في الملحقية اسمها «لجنة التحقق»، للتأكد من أن الدرجة مزورة، ويتم الرفع للوزارة بتوصية لإنهاء بعثة الطالب، وتم إنهاء بعثات عدد من الطلبة للأمر ذاته.

• لماذا لا تستفيدون من الطلبة المتميزين في الإشراف الأكاديمي بدلاً من الأجانب؟ السعودي أقدر على فهم الطالب السعودي!

•• لدينا نماذج مشرفة ونوظفهم في الملحقية، ولدينا عدد منهم عملوا في الشؤون الثقافية، ونستفيد منهم دائماً في العمل التطوعي، ونحرص على الجانب التطوعي، ولدينا أكثر من خمسة منظمات تطوعية تحت مظلة الملحقية، ولعل آخر منظمة تم اعتمادها منظمة «ask Saudis» (اسأل السعوديين)، وهي منظمة توضح كثيرا من الصور المغلوطة عن بلادنا، من خلال إجابة السعوديين أنفسهم. لدينا لجنة دعم ومساندة ويوجد عدد كبير من الطلبة يعملون معنا وأكثرهم متطوعون، وأبناؤنا يسعون لتطوير إمكاناتهم، والملحقية تساعدهم على ذلك، وأنشأنا مكتب «مركز التدريب الوظيفي» ترأسه نهلة الجبير لمساعدة الطالب أن يجد فرصة للعمل في الولايات المتحدة الأمريكية. وتمت مساعدة أكثر من 6 آلاف طالب وطالبة للعمل مع جهات أمريكية وفي القطاع الخاص، وتم تدريبهم وأُعطوا فرصة للعمل في الولايات المتحدة، ونحرص كثيرا على المركز الذي بلغ عمره ستة أعوام، قبل فترة كان لدينا لقاء ايرباص، شل، بوينغ وكثير من طلابنا يعملون في شركات كبيرة، وهذا يساعدهم كثيراً ويطورهم عند العودة إلى البلاد، وكثير من الشركات الأمريكية الكبيرة تستقطب المبتعثين للعمل في مكاتبها في السعودية.

• توجد معضلة تصفها دائماً بـ«ليست بالكبيرة»، زواج المبتعثين بالأمريكيات، كيف تواجهونه؟

•• هذه حالات نادرة جداً ولا تستحق الحديث، وأنا شخصياً لا أؤيد الزواج من أجنبية على الإطلاق، وأقول في كل لقاءاتي مع الطلاب إن تركتم بناتنا من يتزوجهن؟ ودائماً أقول في الغالب الزواج من أجنبية ينتهي بالفشل، وإن حصلت حالات ناجحة فهي نادرة ولا يُستند إليها، وأسباب الفشل كثيرة. وبالمناسبة هي حالات محدودة جداً ولا تذكر.

شكاوى التأمين

• تصلكم شكاوى كثيرة ضد شركة التأمين الطبي الجديدة، كيف تتعاملون معها؟

•• عادة نرفع ما يأتينا من شكاوى من الطلاب إلى الوزارة، وتوجد لجنة مكونة من وزارة التعليم ووزارة المالية هي المشرفة على ملف التأمين الطبي، ونرفع لهم باستمرار، والملحقية ليس لها دور في تغير شركة التأمين، بل اللجنة هي من أقرت الشركة الجديدة.