«فتنة الحفل» تضع عافت بين إدوارد سعيد وماركيز
بيوت تسكن الناس
الجمعة / 30 / شعبان / 1438 هـ الجمعة 26 مايو 2017 02:36
قراءة: علي الرباعي
Al_ARobai@
لعل من أبدع قصائد (لوركا) ما كتبه في رثاء صديقه مصارع الثيران (ميخياس) ومنها: (أغني لك، أُغني ذرية صورتك، أغني النضج النبيل لتفهمك، اشتهاؤك الموت، ومذاق فمه، الحزن العميق في مرحك البطولي). والنظريةُ النقديةُ المعاصرةُ أولت اهتماماً بالكائناتِ المقموعة والمهمّشة من الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مثل النساء وغيرهن. ولم يتحرج مفكر بحجم إدوارد سعيد من كتابة مقالة عن الراقصة (تحية كاريوكا) انطلاقاً من النظرية ذاتها أو لمبررات إنسانية وعاطفية قد لا نعلمها، وتالياً كتب الروائي الكولومبي العالمي جابريل ماركيز عن المطربة (شاكيرا) ووصفها بجسد ثائر لم يروّض.
فيما أدخلنا الشاعر فهد عافت ذات المخاض من خلال (فتنة الحفل) وهو يرسم ملامح موحية فاتنة فريدة بمفردات أقرب إلى السليقة، وكأنما هو الضوء المتلهف لفراشة توشك أن تقع عليه أو فيه لتقطع شعرة لا تزال هي في العرف العام الحد الفاصل بين العبقري وبين المجنون:
فتنة الحفل زيدي مشيتك بخترة
كل خطوة بروق وكل لفحة صهيل
باقي بين عقلي والجنون أشعرة
اقطعيها يا شينه عاشق مو هبيل
قرأ عافت وظائف اللغة، وسبر تأثير الأسطورة في الوعي العام، ورصد العلاقة بين الإيحائية وبين الطبيعة وبين مبدأ اللذة فصاغ بكل ما يملك من قدرات بلاغية شخصية (ربما كانت عادية) وقدمها مشروعاً لإحياء ما فينا من قوى طبيعية قابلة للتلف، وآيلة للتشوه:
خلي الأرض تأخذ شكل غير الكُرة
خلي النار تأخذ رمز غير الفتيل
ارقصي بين حد الذنب والمغفرة
أرحلي في سكونك واسكني في الرحيل
اختار زاوية من ذلك المساء ليفتح حقيبة التأمل، ويخرج قاموس الناس ويتصفح مكونات الغيمة الساردة وهي تهمي بعض فتنتها من خلال رقصة تنثال منها قريحته وتهيج منتخبات الذكريات. لم يكن يملك سوى أنامل الحلم ليغرسها في جسد اليقظة وهو يرى فيها ما لا يراه مجاوروه من منابع الماء وغصون الثمار وفزعات البدو:
ارجفي كنك الما فززته احجره
واثبتي كنك الفضة بعين البخيل
وانحني مثل غصن في طرفه أثمره
واوقفي مثل فزعات أبدوي أصيل
قصيدة تحولت إلى سلاح يدافع به الشاعر عن حق التعبير عن الذات بما يتوافر من إمكانات، وينافح من خلاله عن كل قادرة على كب الملح على الجرح، ولن يقل عافت عن قدرات مثقف بحجم إدوارد سعيد وإن تجاوز ماركيز في التعبير عن الفتنة بما يليق بها كونه لا يفل الحنين إلا الحنين.
لعل من أبدع قصائد (لوركا) ما كتبه في رثاء صديقه مصارع الثيران (ميخياس) ومنها: (أغني لك، أُغني ذرية صورتك، أغني النضج النبيل لتفهمك، اشتهاؤك الموت، ومذاق فمه، الحزن العميق في مرحك البطولي). والنظريةُ النقديةُ المعاصرةُ أولت اهتماماً بالكائناتِ المقموعة والمهمّشة من الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مثل النساء وغيرهن. ولم يتحرج مفكر بحجم إدوارد سعيد من كتابة مقالة عن الراقصة (تحية كاريوكا) انطلاقاً من النظرية ذاتها أو لمبررات إنسانية وعاطفية قد لا نعلمها، وتالياً كتب الروائي الكولومبي العالمي جابريل ماركيز عن المطربة (شاكيرا) ووصفها بجسد ثائر لم يروّض.
فيما أدخلنا الشاعر فهد عافت ذات المخاض من خلال (فتنة الحفل) وهو يرسم ملامح موحية فاتنة فريدة بمفردات أقرب إلى السليقة، وكأنما هو الضوء المتلهف لفراشة توشك أن تقع عليه أو فيه لتقطع شعرة لا تزال هي في العرف العام الحد الفاصل بين العبقري وبين المجنون:
فتنة الحفل زيدي مشيتك بخترة
كل خطوة بروق وكل لفحة صهيل
باقي بين عقلي والجنون أشعرة
اقطعيها يا شينه عاشق مو هبيل
قرأ عافت وظائف اللغة، وسبر تأثير الأسطورة في الوعي العام، ورصد العلاقة بين الإيحائية وبين الطبيعة وبين مبدأ اللذة فصاغ بكل ما يملك من قدرات بلاغية شخصية (ربما كانت عادية) وقدمها مشروعاً لإحياء ما فينا من قوى طبيعية قابلة للتلف، وآيلة للتشوه:
خلي الأرض تأخذ شكل غير الكُرة
خلي النار تأخذ رمز غير الفتيل
ارقصي بين حد الذنب والمغفرة
أرحلي في سكونك واسكني في الرحيل
اختار زاوية من ذلك المساء ليفتح حقيبة التأمل، ويخرج قاموس الناس ويتصفح مكونات الغيمة الساردة وهي تهمي بعض فتنتها من خلال رقصة تنثال منها قريحته وتهيج منتخبات الذكريات. لم يكن يملك سوى أنامل الحلم ليغرسها في جسد اليقظة وهو يرى فيها ما لا يراه مجاوروه من منابع الماء وغصون الثمار وفزعات البدو:
ارجفي كنك الما فززته احجره
واثبتي كنك الفضة بعين البخيل
وانحني مثل غصن في طرفه أثمره
واوقفي مثل فزعات أبدوي أصيل
قصيدة تحولت إلى سلاح يدافع به الشاعر عن حق التعبير عن الذات بما يتوافر من إمكانات، وينافح من خلاله عن كل قادرة على كب الملح على الجرح، ولن يقل عافت عن قدرات مثقف بحجم إدوارد سعيد وإن تجاوز ماركيز في التعبير عن الفتنة بما يليق بها كونه لا يفل الحنين إلا الحنين.