ورقة الوزير العوّاد البيضاء
الأربعاء / 05 / رمضان / 1438 هـ الأربعاء 31 مايو 2017 01:59
محمود صباغ
حسناً فعل وزير الثقافة الجديد عوّاد العواد حينما توجّه في زيارته الأولى إلى النادي الأدبي بجدة، بورقته البيضاء إلى الرأي العام التي حددّ فيها معالم خطته للثقافة في ثلاثة محدّدات: الشراكات مع أرباب الثقافة والفنون، خلق مؤسسات قوية، ثم إحاطتها بضمانات التنوّع واللامركزية.
هكذا بعد سنوات من تغوّل النموذج الريعي والفوقي في إدارة الثقافة العمومية، والذي أثبت عجزه التام، وفشله المطلق في تقديم أي منظومة فاعلة أو حيوية أو مُنتجة.. يبشرنا الوزير إلى كوننا نتجه نحو منطق حديث هو: الشراكة.
ومبدأ «الشراكة» ينطوي على درجة أرقى من التعاقدات الراهنة؛ من «الزبائنية الثقافية»، ومن «الاحتواء»، ومن «التعاقد/المقاولة». وهو يخلق بذلك طبقة جديدة من المشتغلين الصحيحيين بالثقافة والفنون، هم، على التوالي، أعلى من «مثقف الحكومة»، ومن «مثقف مشاغب تحتويه الحكومة»، ومن «مثقف ينتفع من عقود الحكومة».
وحسناً فعل الوزير حينما قرن توجّه الشراكة، بخلق مؤسسات قويّة، تكون هي الحاضنة والرافد والبيت للشركاء الجدد، كلُ في جنسه الفني أو موهبته الإبداعية.
إن الإنتاج العمومي للثقافة لدينا فقير، وفقره جناية ضعف البنية التحتيّة الثقافية وعدم ناجزيتها.
هناك مؤسسات ترهلت حان أوان تصحيحها وإعادة هيكلتها، مثل: الأندية الأدبية وجمعيات الفنون، والمعارض التشكيلية ومعارض الكتاب، وأخرى غير ناجزة بعد بحاجة إلى تأسيس وإطلاق: مثل متحف الفن الحديث والمعاصر، مؤسسة السينما، دار الأوبرا، البينالي، المسرح الوطني، والمعاهد العليا، وغيرها.
وحسناً فعل الوزير حينما أعلن في محدده الثالث، عدم رضوخه إلى منطق المزايدات التي تريد «تفصيل» المحتوى الثقافي وفق أمزجة أو نفسيات فئوية، فهو بذلك، يدفع بالنشاط الثقافي إلى آفاقه الفسيحة التي تليق به.
ولعل دعوة التنوع هذه، تنسحب أيضاً على تحقيق «لا مركزية» الثقافة، وكسر احتكارها، والانتقال بها من كونها ممارسة نخبوية للخاصة والأثرياء والجماعات الضيّقة إلى أن تكون ضرورة حياتية عامة. وتجنيب المؤسسات الجديدة آفات الإدارة الهرمية والذهنية الأبوية والبيروقراطية، وتحريرها أيضاً من أوهام الأكاديميين والمثقفين الشلّليين.
في مارس ٢٠١٦ أصدرت وزارة الثقافة والإعلام والرياضة في بريطانيا، بعد نقاشات وورش عمل مطولة، ورقتها البيضاء الثقافية التي حددت فيها معالم وطموحات قطاعاتها الثقافية لخمسين عاماً مقبلة، حددت أبرز معالمها في: الشراكة، تطوير نماذج التمويل، والثقافة كسفير حضاري لبريطانيا.
كانت آخر ورقة بيضاء للثقافة في بريطانيا قد قُدمت في عام ١٩٦٥، أي قبل خمسين عاماً، من بدء العمل في الورقة الجديدة.
كان الراحل فيصل بن فهد هو مؤسس البنية الثقافة الحديثة في البلاد، منذ انطلاق الإدارة العامة للنشاطات الثقافية في رعاية الشباب في ١٩٧٤.
وكان عقد السبعينات هو الذي تشكلت فيه أغلب معالم البنية التحتية الثقافية الحالية، من أندية وجمعيات ومؤتمرات ومسابقات للفن التشكيلي ومعارض الفن المعاصر والمقتنيات.. تلك الحيوية، سرعان ما قوّضت، بعد أن داهمتها أعراض البيروقراطيا وذهنية الريع -وأضف- صعود المزاج اليميني المحافظ آنذاك.
ثلاثون عاماً من الجمود والفراغ، تأتي ورقة العوّاد البيضاء لتسعفنا بالإجرائي والموضوعي، ولتعيد الأمل في إنعاش الحالة الثقافية من جديد. فما الورقة البيضاء إلا مقدمة للتشريع.
هكذا بعد سنوات من تغوّل النموذج الريعي والفوقي في إدارة الثقافة العمومية، والذي أثبت عجزه التام، وفشله المطلق في تقديم أي منظومة فاعلة أو حيوية أو مُنتجة.. يبشرنا الوزير إلى كوننا نتجه نحو منطق حديث هو: الشراكة.
ومبدأ «الشراكة» ينطوي على درجة أرقى من التعاقدات الراهنة؛ من «الزبائنية الثقافية»، ومن «الاحتواء»، ومن «التعاقد/المقاولة». وهو يخلق بذلك طبقة جديدة من المشتغلين الصحيحيين بالثقافة والفنون، هم، على التوالي، أعلى من «مثقف الحكومة»، ومن «مثقف مشاغب تحتويه الحكومة»، ومن «مثقف ينتفع من عقود الحكومة».
وحسناً فعل الوزير حينما قرن توجّه الشراكة، بخلق مؤسسات قويّة، تكون هي الحاضنة والرافد والبيت للشركاء الجدد، كلُ في جنسه الفني أو موهبته الإبداعية.
إن الإنتاج العمومي للثقافة لدينا فقير، وفقره جناية ضعف البنية التحتيّة الثقافية وعدم ناجزيتها.
هناك مؤسسات ترهلت حان أوان تصحيحها وإعادة هيكلتها، مثل: الأندية الأدبية وجمعيات الفنون، والمعارض التشكيلية ومعارض الكتاب، وأخرى غير ناجزة بعد بحاجة إلى تأسيس وإطلاق: مثل متحف الفن الحديث والمعاصر، مؤسسة السينما، دار الأوبرا، البينالي، المسرح الوطني، والمعاهد العليا، وغيرها.
وحسناً فعل الوزير حينما أعلن في محدده الثالث، عدم رضوخه إلى منطق المزايدات التي تريد «تفصيل» المحتوى الثقافي وفق أمزجة أو نفسيات فئوية، فهو بذلك، يدفع بالنشاط الثقافي إلى آفاقه الفسيحة التي تليق به.
ولعل دعوة التنوع هذه، تنسحب أيضاً على تحقيق «لا مركزية» الثقافة، وكسر احتكارها، والانتقال بها من كونها ممارسة نخبوية للخاصة والأثرياء والجماعات الضيّقة إلى أن تكون ضرورة حياتية عامة. وتجنيب المؤسسات الجديدة آفات الإدارة الهرمية والذهنية الأبوية والبيروقراطية، وتحريرها أيضاً من أوهام الأكاديميين والمثقفين الشلّليين.
في مارس ٢٠١٦ أصدرت وزارة الثقافة والإعلام والرياضة في بريطانيا، بعد نقاشات وورش عمل مطولة، ورقتها البيضاء الثقافية التي حددت فيها معالم وطموحات قطاعاتها الثقافية لخمسين عاماً مقبلة، حددت أبرز معالمها في: الشراكة، تطوير نماذج التمويل، والثقافة كسفير حضاري لبريطانيا.
كانت آخر ورقة بيضاء للثقافة في بريطانيا قد قُدمت في عام ١٩٦٥، أي قبل خمسين عاماً، من بدء العمل في الورقة الجديدة.
كان الراحل فيصل بن فهد هو مؤسس البنية الثقافة الحديثة في البلاد، منذ انطلاق الإدارة العامة للنشاطات الثقافية في رعاية الشباب في ١٩٧٤.
وكان عقد السبعينات هو الذي تشكلت فيه أغلب معالم البنية التحتية الثقافية الحالية، من أندية وجمعيات ومؤتمرات ومسابقات للفن التشكيلي ومعارض الفن المعاصر والمقتنيات.. تلك الحيوية، سرعان ما قوّضت، بعد أن داهمتها أعراض البيروقراطيا وذهنية الريع -وأضف- صعود المزاج اليميني المحافظ آنذاك.
ثلاثون عاماً من الجمود والفراغ، تأتي ورقة العوّاد البيضاء لتسعفنا بالإجرائي والموضوعي، ولتعيد الأمل في إنعاش الحالة الثقافية من جديد. فما الورقة البيضاء إلا مقدمة للتشريع.