كتاب ومقالات

يومان في الدوحة

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

قبل انعقاد القمة الخليجية الخامسة والثلاثين في الدوحة في ديسمبر 2014 أقام المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مؤتمرا عن آفاق التعاون الخليجي في مواجهة التحديات، ورغم معرفتي بأن عزمي بشارة هو من يدير المركز إلا أن عنوان المؤتمر والظروف التي تعيشها المنطقة وتوقيت عقده قبل القمة مباشرة كان سببا لإثارة فضولي لحضور المؤتمر، وكانت تلك المرة الأولى التي أزور فيها الدوحة متطلعا لسماع شيء مفيد أو جديد على الأقل.

لقد كانت المفاجأة الأولى حاضرة في الافتتاح الرسمي للمؤتمر عندما شاهدت مسؤولا إيرانيا رسميا كبيرا يجلس على يمين راعي حفل الافتتاح وعلى يساره يجلس خالد مشعل وعزمي بشارة، وبعد انتهاء الحفل وتمعني في وجوه المشاركين تبينت العدد الكبير من المنتمين إلى التنظيمات والفصائل المشبوهة والمحظورة ممن لا علاقة لهم بالخليج من قريب أو بعيد، وكان هذا الأمر سببا في مزيد من الإثارة والتحفيز على سماع ما سيقوله هؤلاء عن الخليج ودول مجلس التعاون.

انعقد المؤتمر على مدى يومين سمعت خلالهما العجب العجاب من التهجم على دول الخليج التي يعقد المؤتمر في إحداها، والذم المبطن والصريح لكل دولة وقفت في وجه مشروع التخريب العربي وساندت الدول المتضررة منه، وبشكل واضح كان التركيز في الهجوم على المملكة من قبل جوقة منتقاة تجيد هذه المهمة القذرة دون إتاحة فرصة لأحد بالرد والتفنيد للمغالطات الفاضحة. كانوا ثلة من المرتزقة يعلون من قدر إيران وأهميتها ويحطون من قدر دول خليجية وعربية كبيرة ومهمة. لم يكن للمؤتمر من موضوعه غير الاسم، ولم يتحدث أحد بموضوعية منذ البداية حتى النهاية.

كان مؤتمرا بائسا لم أتوقع أبدا أن أسمع فيه ذلك الانحطاط في الطرح والفجور في الرأي والانتقائية الرخيصة في الهجوم، وكان القطبان خالد مشعل وعزمي بشارة يتمخطران في قاعات الفندق كطاؤوسين يتحلق حولهما الأفاقون والمرتزقة ويسمعون توجيهاتهما وهما محاطان بكتيبة من الحرس المدني الذي لا تخطئه العين. أمضيت اليومين على مضض محاولا ضبط أعصابي انتظارا لرحلة العودة، وحين حلقت الطائرة في سماء الدوحة نظرت إليها بعتب المحب وفي داخلي سؤال مؤلم: إلى أين أنت ذاهبة يا شقيقتنا قطر. وها هي قطر تجيب الآن على السؤال بفضيحة مدوية ومخزية.