كتاب ومقالات

مستقبل العلاقات العربية – الغربية..!

صدقة يحيى فاضل

ويختتم المراسل الصحفي اليوم حواره (المتوهم) مع الغرب المتنفذ، بسؤاله الأخير: هل من سبيل إلى تعايش سلمى راسخ بين العرب والغرب، وقيام علاقات أفضل بين الجانبين، على أسس أكثر إنصافا للشعوب العربية؟!

- الغرب المتنفذ: للإجابة على سؤالك هذا، لا بد أن نذكر، مرة أخرى، بـ «طبيعة» العلاقات الدولية... هذه الطبيعة التي لا تعترف إلا بـ«القوة»، بمعناها الشامل. صحيح، لابد لقيام علاقات أفضل بين أي طرفين دوليين من حل تظلمات وشكوك كل طرف تجاه الآخر. لابد (مثلا) من تعهدنا بعدم التدخل في شؤونكم الداخلية –بشكل مباشر أو غير مباشر– مقابل التزامكم بعدم التعرض بأذى لما نعتبره مصالحنا بالمنطقة. ولابد (مثل آخر) من قيامنا بالضغط على إسرائيل لحل القضية الفلسطينية، حلا... يضمن الحد الأدنى –على الأقل– للحقوق المشروعة للفلسطينيين، عبر إلزام إسرائيل بقبول حل الدولتين. وعلى الجانب العربي أن يحجم «الإسلاموية»، ويردعها، خاصة تلك التيارات التي تمارس الإرهاب، وهكذا.

غير أن كل ذلك لا يكفى. إذ تظل مكانة (وتحقيق مطالب) أي دولة، أو أي مجموعة من الدول المتجانسة، رهناً بمدى قوتها... أي بمدى ما تملكه من عناصر القوة الستة المعروفة، وهى: الإدارة/‏ السياسة، كم ونوع السكان، الموقع الجغرافي، الموارد الطبيعية، المهارات التقنية، القوة المسلحة. ولذلك، فإنه كلما قوي الجانب العربي ستكون علاقاته بالآخرين، قريبة من الندية (والعدالة النسبية) ويزيد تجاوب الآخرين مع مطالبه ورغباته. والعكس صحيح تماما.

وهنا نجد أن هناك «تداخلا» وثيقا فيما بين: سياسة الغرب المتنفذ نحو العرب، ووضع العرب ومدى قوتهم، وقضية الإصلاح في بلادهم، وبين مدى تضرر/‏ استفادة العرب من علاقاتهم معنا، ومع غيرنا. ونحن، بالطبع، لا نساعد من يسعى لتحدينا، أو يتطلع لأن يكون ندا (أو شبه ند) لنا. نحن نحترم من يفرض احترامه، ويجبر الآخرين على أن تحقق علاقاته معهم مصالح مشتركة حقيقية.

والعلاقات السليمة فيما بين دول وأمم العالم تخدم السلم والأمن الدوليين، لأنها «متوازنة». أما العلاقات التي يستفيد منها طرف دولي أكبر الاستفادة، ويستأثر فيها الأقوى بنصيب الأسد، بينما يكون للطرف الآخر الفتات، أو الضرر، فهي علاقات غير عادلة، وغير متوازنة... وكثيرا ما ينتج عنها صراعات، وحروب. إن المتنافسين لا يساعدون بعضهم البعض. كيف لمتسابق (مثلا) أن يسهم في تقوية متسابق منافس له؟! إن دولنا أبعد ما تكون عن «الخيرية»، أو كونها مؤسسات خيرية.

***

- المراسل الصحفي: ما رأيكم في فكرة «الحوار» الموضوعي العربي – الغربي... ألن يقود هذا الحوار إلى علاقات أفضل للطرفين المعنيين؟!

- الغرب المتنفذ: الحوار الموضوعي فكرة ممتازة... توضح موقف أطرافه، أو طرفيه... كأن يكون بيننا وبين العرب (ممثلين بفريق مختار). إذ يطرح فيه كل طرف مطالبه وتظلماته تجاه الطرف الآخر... ومن ثم تتم مناقشة سبل خلق علاقات مستقبلية أفضل بين الطرفين المعنيين، غالبا عبر: تعهد كل طرف بتلبية مطالب الطرف الآخر الأهم (التسوية، التوفيق، التنازلات المناسبة)... ومن ثم بدء صفحة جديدة من التعاون السلمى المقنن بين الجانبين المعنيين.

نحن نعرف ماذا تريدون منا، وماذا نريد منكم. ولكننا لن نستجيب طوعا لمطالبكم في الأوضاع الحالية لكلينا. واسمح لنا بأن نخبرك بأننا، مع ذلك، سنأخذ ما نريد... دون أن نضطر لإعطاء شيء... قد يؤثر إعطاءه بالسلب على ما نعتقد أنه مصلحتنا. وبالتالي، فإن الحوار –إن تم في مؤتمرات قمة، أو غيرها– لن ينتج عنه مغنم يذكر لكم، طالما أنتم في موقف ضعيف. يؤسفنا أن نقول لكم: قووا أنفسكم... قبل مطالبتنا بأي شيء... لن نستمع لأى طرف، طالما هو في موقف ضعيف. وستبقى علاقاتنا كما هي، طالما معظمكم على ما هم فيه من ضعف واستكانة. ماذا يتوقع ثعلب صغير من أسد مخضرم؟! أو دعنا نتساءل: ماذا يتوقع ظبى عربي من ذئب قطبي كاسر؟!

- المراسل الصحفي: إجابة صريحة مشكورة، رغم أنها –بالنسبة لنا– جارحة ومؤلمة.

***

وفي ختام هذه المقالات، التي تضمنت حوارا متوهما (أو وهميا) بين كاتب تقمص دور مراسل صحفي عربي، حاور «الغرب المتنفذ»، يؤكد هذا المراسل أن ما ذكره على لسان هذا الغرب هو «حقائق» أغلبها معروف، ومؤكد... وإن كان مسكوتا عليه. وما ادعاه المراسل لم يأت به من فراغ... بل استند إلى وثائق منشورة تؤكد صحة ما ذكر على لسان ذلك الغرب. وليت من يدعي العكس، ويشكك في بعض مضامين ما ذكر، أن يثبت ادعاءه... بوثائق لها ذات مصداقية ما استند إليه كاتب هذا الحوار، الوهمي المختصر، أو يكتفى باعتبار كل ما كتبه مراسل الغفلة هذا مجرد تخريفات.