الشيخ الأحمر.. حكيم اليمن وصديق الجميع

تركي العسيري

ودعت اليمن والأمة العربية قبل أيام الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر.. رئيس مجلس النواب اليمني وشيخ مشايخ حاشد، وبفقدانه تفقد اليمن شخصية تاريخية لعبت دوراً مهماً في تاريخ اليمن الحديث، وساهمت بفاعلية في تقدم ورقي ووحدة هذا البلد الشقيق ناهيك عن الدور الذي لعبه في الدفاع عن قضايا أمته العربية والإسلامية بكل شجاعة وصدق واقتدار.
ورغم أنني لم أتشرف بمعرفة الرجل، ولم يسبق لي زيارة اليمن السعيد رغم تشوقي لذلك.. إلا أنني كنت متابعاً ومطلعاً على الكثير من أعمال هذا الرجل الكبير، وعلى مواقفه الحكيمة التي وقف خلالها رافعاً الصوت بشجاعة ضد كل المواقف والتعديات النزقة التي تساهم في تمزيق عرى الأخوة العربية. وإن ننسى فلن ننسى أن الشيخ الأحمر وقف بصلابة، وقاد المظاهرات التي تندد باحتلال الكويت.. وشجب بعنف هذه المغامرة المشؤومة لـ(صدام حسين) والتي ساهمت في نهايته وحكمه. ولن ننسى أن الشيخ عبدالله وقف ضد كل من أراد أن يسيء للعلاقة الأخوية بين اليمن والسعودية، فقد كان رحمه الله يعتقد ويؤمن أن اليمن والسعودية بلد واحد، وأرض واحدة، وأن السعودية -كما يردد دائماً- هي عمق اليمن وامتداده، وأن الروابط التي تجمع بين البلدين لا تقتصر على روابط الأخوة العربية «الدين واللغة والمصير المشترك» بل هي علاقة أعمق بكثير بحيث تمتد إلى الدم والنسب والتقاليد المشتركة.
ولقد كان يرحمه الله محباً لبلادنا كما نحن محبون له، وقد حدثني أحد الإخوة السعوديين الذين تعرضوا لمشكلة (ما) في اليمن فقال: ذهبت إلى منزل الشيخ في صنعاء فرحب بي وأكرمني وحل مشكلتي وقد أسمعني في مجلسه كلاماً نبيلاً عن قادة بلادنا، وعن شعبها، وعن العلاقة الأزلية بين القطرين الشقيقين.. ويذكر أنه قال:
نحن شعب واحد، وقبائل واحدة.. ما يؤلم السعودية يؤلمنا، وما يفرحها يفرحنا.. فخرجت من عنده وأنا أشعر بالفخر والاعتزاز كسعودي. وكانت تربطه بقيادة هذه البلاد علاقة أخوية صادقة قائمة على الحب والتقدير.
وعلى المستوى المحلي ساهم الفقيد في التعامل مع القبائل وإقناعها في الانضواء تحت سلطة الدولة والقانون. كان رجل التوازنات القبلية بامتياز، ورجل الحكمة اليمنية، ولذا، فإن فقدانه في هذا الوقت العصيب هو خسارة لليمن خاصة وللعرب عامة ولعل حجم الجنازة التي تعدت المليون دليل على استشعار الأشقاء لجسامة الخطب ولمكانة الرجل في نفوس اليمنيين.
مات حكيم اليمن.. وصديق الجميع، وعلى تراب هذه الأرض التي أحبها وأحبته، تقدم المصلين على جنازته في الرياض كبار قادة هذه البلاد الطاهرة يتقدمهم سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز.. والأمل كل الأمل بأن يسير أبناؤه وعلى رأسهم الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر على خطى والدهم.. وفي ذلك وحده العزاء كل العزاء لليمن ولنا ولكل العرب.. رحم الله الشيخ عبدالله.. واسبغ عليه شآبيب رحمته، وعظيم غفرانه. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
تلفاكس 076221413