صوت المواطن

خالد المرزوقي.. رحلة الأمل والألم

الفقيد خالد المرزوقي

عبدالله عباس

لم يكن صباح الإثنين الماضي (16 رمضان) يوماً عادياً، إذ استيقظت على اتصالات متتابعة للأبناء زابن وسعود وبندر أبناء خالد بن زابن المرزوقي وكل منهم ينقل إلىّ الخبر الفاجعة برحيل أخي وصديق عمري بعد معاناة مع مرض أصاب كبده، وحول رحلة كفاحه الطويلة والناجحة في مجال المال والأعمال إلى ترحال مستمر بين عواصم عالمية عدة بحثاً عن علاج ناجع يضع حداً لأوجاعه. وتمتد علاقتي مع خالد المرزوقي لما يقارب الثلاثة عقود، وتحديداً في العام 1989.. أذكر ذلك اليوم جيداً، إذ وقف شاب بدوي بقوامه الفارع على باب مكتبنا في الصحيفة وألقى التحية على الجميع، ثم تقدم نحوي وجلس أمامي ليخصني بتحية سودانية الملامح، وبلا مقدمات قال لي «أنا محب للسودان وأهله وأريدك أن تكون أخاً لي».. لم يترك لي مجالاً للتفكير، إذ واصل قائلاً: «أنا جديد في جدة وأفكر في نقل استثماراتي في المجال الطبي إليها وأريدك أن تكون عوناً لي».. فأجبته بأننا ما تعودنا أن نرد يداً تمتد إلينا أخوة ومحبة.. فكانت بداية صداقة ازدادت مع تعاقب السنوات قوة ومتانة، وانتقلت إلى محيط الأسرتين بل وأغلب الأهل والمعارف. عرفت الفقيد أخاً عزيزاً وصديقاً وفياً وإنساناً بكل ما تحمله الكلمة من معان.. ساعياً في دروب الخير والبر والإحسان عطاءً متصلاً دون منّ أو أذى. وفي مجال عمله كان مثالاً للرجل العصامي المثابر، إذ بنى نفسه من الصفر، وصعد سلم الإنجاز خطوة خطوة.. وكان شديد الحرص على الوقوف على جميع أعماله بنفسه.. دقيقاً في مواعيده صادقاً في تعامله مع الآخرين، ما أهله ليكوّن رصيداً هائلاً من العلاقات الإنسانية التي كانت مفتاح نجاحه في مجال عمله. ولما كانت سنة الحياة أن تكون لكل بداية نهاية، قدر الله سبحانه وتعالى أن يصاب في كبده، ورغم كل ذلك ظل متشبثاً بالأمل، مسافراً بين الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وعواصم عدة طلباً للعلاج. وعاد أخيراً إلى أرض الوطن بعد أن أجريت له زراعة كبد ناجحة في أمريكا.. ففرح به أهله ومحبوه.. وأقيمت احتفالات عدة، ولكن فرحتنا به لم تكتمل، إذ سرعان ما داهمته آلام لم يحتملها قلبه الطيب فأسلم الروح إلى بارئها في يوم مبارك (الإثنين) وفي شهر مبارك (رمضان)، وصلى عليه الصائمون ظهرا في الحرم المكي، وووري جثمانه - حسب وصيته - في مسقط رأسه (محافظة تربة). نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه ومحبيه كافة الصبر الجميل.

abulamyah@hotmai.com