قطر.. والجمع بين المتناقضات
الجمعة / 21 / رمضان / 1438 هـ الجمعة 16 يونيو 2017 03:58
نايف بن سعيد العطوي
لنبدأ الحكاية من آخرها وتحديدا عند أكذوبة اختراق وكالة الأنباء القطرية، وهنا لابد من الإشارة العادلة بأنه يحدث دائما في الأعراف والتقاليد الدبلوماسية تراجع الدول عن تصريحاتها حتى بعد توثيقها عبر القنوات الرسمية، لأسباب مختلفة، أغلبها يدور حول مصالح تلك الدول التي ستتأثر سلبا بسبب تلك التصريحات؛ فيعمد ساستها إلى تعديل أو نفي تلك التصريحات، وغالبا يأتي النفي عبر العبارة الشهيرة «التصريح خرج عن سياقه»، وبما أن هذا النفي أو التعديل يقبل في الغالب، فمن المنطقي أن نقبل نفي الدولة لتصريحات منسوبة لرئيسها تم اختراق أجهزتها الرسمية. فما بالك إذا كانت هذه الدولة عضو أصيل في الجسد الخليجي!
إلا أنه في الحالة القطرية بالذات لا يستطيع عقلي قبول عذر ذلك الاختراق. وحاولت أن أقنع نفسي وأحسن النية، وأقدر كل ذلك الكم الهائل من عمق الارتباط الخليجي بقطر على كل الأصعدة، إلا أنني أصطدم بادعاء اختراق آخر في التليفزيون الرسمي القطري، وادعاء آخر باختراق وزارة الخارجية القطرية، وادعاءات كثر لاختراقات في قنوات رسمية سياسية وإعلامية قطرية عدة، باللغتين العربية والإنجليزية تتضمن نفس المحتوى. متسائلا لو أن هذا «الاختراق» حدث لدولة أخرى، ولنقل الكويت مثلا، ترى هل ستحدث كل هذه التداعيات، أجزم بأن الإجابة ستكون بالنفي. ولكنها قطر.. وما أدراك ما قطر.
هذه الدولة الصغيرة، تملك ذراعا إعلامية مؤثرة جدا في المنطقة والعالم يتمثل في قناة الجزيرة، التي أصبح لها جماهيرية غير مسبوقة عربيا خاصة في العشر سنوات الأولى. أيضا لقطر ذراع مالية تتمثل في الغاز والنفط، جعل منها دولة تسبح في الأموال. أما الذراع الثالثة فهي قاعدة العديد الأمريكية والتي تتفاخر قطر بوجودها، متخذة منها قوة ردع إقليمي كما تظن. هذه الأذرع الثلاث أسقطت قطر في فخ الغرور، وجعلتها تتوهم الريادة في العالم العربي، فانطلقت سريعا نحو محاولة السيطرة والتمكن دون حساب لعواقب هذا الوهم، فعاثت فسادا في الدول العربية بداية من القاهرة مرورا بطرابلس ثم صنعاء ودمشق. قطر تلك الدولة التي دأبت على الجمع بين المتناقضات، تدعم حماس ثم تفتح مكتبا للعلاقات التجارية مع إسرائيل، تنادي عبر أبواقها للسلام وتنسج خيوط الخيانة للإطاحة بالأصدقاء، تثمن عاليا دور الأخوة والدم الواحد فتدعم الإرهاب في البحرين، تنادي باستقلال القرار العربي وتحتضن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، تدعم بالسلاح والمال الحرب ضد النظام السوري وتصف إيران بصديق المنطقة، تشارك في عاصفة الحزم وتدعم الحوثي.
تمادت كثيرا حتى وصل بها هذا الوهم للتطاول على مقام السعودية وبقية جيرانها، فأخذت تمارس انتهاكات جسيمة تضر بالأمن الوطني السعودي والخليجي، كالتحريض للخروج على الدولة، ودعم المنظمات الإرهابية كداعش والقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين، والترويج بشكل دائم لأدبيات ومناهج تلك المنظمات عبر وسائل الإعلام القطرية، ناهيك عن الدعم والمساندة لجماعة الحوثي، مرورا بدعم النشاطات الإرهابية في شرق المملكة. متناسية بذلك وعن عمد كل العهود والمواثيق التي أقامتها سابقا مع دول الخليج والتي كان آخرها تعهدها في الرياض بتنفيذ الاتفاقية الأمنية الخليجية التي تنص على امتناع جميع الأعضاء عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول. ثم جاءت الطامة عبر تلك التصريحات التي أطلقها تميم «رغم دعوى الاختراق»، لتكشف للجميع مدى الحقد الذي تعاني منه قطر منذ بداية مراهقتها السياسية، ولعل القمم الثلاث التي عقدت في الرياض أخيرا هي من عجل بخروج تلك التصريحات، فكان لزاما على المملكة العربية السعودية أن تنفض عنها غبار المجاملات السياسية، وتتخذ مع بقية جيرانها وأصدقائها هذا الموقف الحازم الذي وضع قطر في أسوأ حال لها منذ تأسيسها في سبعينات القرن الماضي.
nayif_saeed@hotmail.com
إلا أنه في الحالة القطرية بالذات لا يستطيع عقلي قبول عذر ذلك الاختراق. وحاولت أن أقنع نفسي وأحسن النية، وأقدر كل ذلك الكم الهائل من عمق الارتباط الخليجي بقطر على كل الأصعدة، إلا أنني أصطدم بادعاء اختراق آخر في التليفزيون الرسمي القطري، وادعاء آخر باختراق وزارة الخارجية القطرية، وادعاءات كثر لاختراقات في قنوات رسمية سياسية وإعلامية قطرية عدة، باللغتين العربية والإنجليزية تتضمن نفس المحتوى. متسائلا لو أن هذا «الاختراق» حدث لدولة أخرى، ولنقل الكويت مثلا، ترى هل ستحدث كل هذه التداعيات، أجزم بأن الإجابة ستكون بالنفي. ولكنها قطر.. وما أدراك ما قطر.
هذه الدولة الصغيرة، تملك ذراعا إعلامية مؤثرة جدا في المنطقة والعالم يتمثل في قناة الجزيرة، التي أصبح لها جماهيرية غير مسبوقة عربيا خاصة في العشر سنوات الأولى. أيضا لقطر ذراع مالية تتمثل في الغاز والنفط، جعل منها دولة تسبح في الأموال. أما الذراع الثالثة فهي قاعدة العديد الأمريكية والتي تتفاخر قطر بوجودها، متخذة منها قوة ردع إقليمي كما تظن. هذه الأذرع الثلاث أسقطت قطر في فخ الغرور، وجعلتها تتوهم الريادة في العالم العربي، فانطلقت سريعا نحو محاولة السيطرة والتمكن دون حساب لعواقب هذا الوهم، فعاثت فسادا في الدول العربية بداية من القاهرة مرورا بطرابلس ثم صنعاء ودمشق. قطر تلك الدولة التي دأبت على الجمع بين المتناقضات، تدعم حماس ثم تفتح مكتبا للعلاقات التجارية مع إسرائيل، تنادي عبر أبواقها للسلام وتنسج خيوط الخيانة للإطاحة بالأصدقاء، تثمن عاليا دور الأخوة والدم الواحد فتدعم الإرهاب في البحرين، تنادي باستقلال القرار العربي وتحتضن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، تدعم بالسلاح والمال الحرب ضد النظام السوري وتصف إيران بصديق المنطقة، تشارك في عاصفة الحزم وتدعم الحوثي.
تمادت كثيرا حتى وصل بها هذا الوهم للتطاول على مقام السعودية وبقية جيرانها، فأخذت تمارس انتهاكات جسيمة تضر بالأمن الوطني السعودي والخليجي، كالتحريض للخروج على الدولة، ودعم المنظمات الإرهابية كداعش والقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين، والترويج بشكل دائم لأدبيات ومناهج تلك المنظمات عبر وسائل الإعلام القطرية، ناهيك عن الدعم والمساندة لجماعة الحوثي، مرورا بدعم النشاطات الإرهابية في شرق المملكة. متناسية بذلك وعن عمد كل العهود والمواثيق التي أقامتها سابقا مع دول الخليج والتي كان آخرها تعهدها في الرياض بتنفيذ الاتفاقية الأمنية الخليجية التي تنص على امتناع جميع الأعضاء عن التدخل بالشؤون الداخلية للدول. ثم جاءت الطامة عبر تلك التصريحات التي أطلقها تميم «رغم دعوى الاختراق»، لتكشف للجميع مدى الحقد الذي تعاني منه قطر منذ بداية مراهقتها السياسية، ولعل القمم الثلاث التي عقدت في الرياض أخيرا هي من عجل بخروج تلك التصريحات، فكان لزاما على المملكة العربية السعودية أن تنفض عنها غبار المجاملات السياسية، وتتخذ مع بقية جيرانها وأصدقائها هذا الموقف الحازم الذي وضع قطر في أسوأ حال لها منذ تأسيسها في سبعينات القرن الماضي.
nayif_saeed@hotmail.com