مفتاح: اجتهاداتي التعبدية جمعتها في «وآخره عتق من النار»
«يا علي رصّ الفناجين عندنا دولة وعسكر».. تسكن ذاكرته
السبت / 22 / رمضان / 1438 هـ السبت 17 يونيو 2017 02:30
حاوره: علي مكي
ليلة القدر، ليلة استثنائية بكل المعايير، يحفها النور من كل اتجاه، وتلهج الألسنة بالدعاء لبلوغها، وقد آثرت «عكاظ» أن تلتقي خلال الليالي العشر الأواخر، ثلة من النجوم، على المستوى الديني والاجتماعي والثقافي والفني والرياضي، لتبحر معهم في المعاني التي تحملها أرواحهم تجاه الليلة التي أنزل فيها القرآن. وفي حوار «عكاظ» اليوم، نلتقي بأحد رواد الأدب في المملكة، الشاعر إبراهيم مفتاح، الذي كرم أخيرا في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض.
• لكلّ زمن طقوسه، ولكلّ فصلٍ مواسمه.. ماذا تعني لك العشر الأواخر من رمضان؟
•• أستطيع أن أقول: إنه من خلال سنوات عمري الذي بلغ من الزمن عتيًّا.. خلال هذه السنوات حصلت تغيرات كثيرة وتغيرت مفاهيم كثيرة أيضًا، فأنا الآن أحنُّ إلى زمن بدايات العمر، وأتذكر كيف الناس كانوا يستقبلون هذا الشهر الكريم.. أتذكر عودةً من غياب تلمّ الشمل وتسعد النفوس وأتذكرهم استعدادًا نفسيًّا يتناسب وقداسة هذا الشهر، وأتذكرهم تهيئة للمنازل واستبشارًا بلياليه المترعة بتلاوة القرآن.. وما زالت حاسة شمِّي تتذكر عبق مياه الشِّرَاب الفخارية المبردة في الهواء الطلق وعبق بخور المستكة و«شَعِين» روائح الملحَّات المتربعة على عروشها النارية وجلسات ربات البيوت أمامها.. كما أنه لم يغب عن ناظري دخان «الموافية» التي تنبعث من أجوافها روائح السمك وقرصان الخمير. أشياء كثيرة يصعب حصرها أتذكرها، يأتي من بينها تجمعات الأطفال في الساحات وأناشيد ما قبل الغروب: «يا علي رص الفناجين عندنا دولة وعسكر عندنا رجّال مكسّر قهوة الهندي رزينة حالية من غير سُكّر»، ومن طقوس تلك المرحلة أتذكر ذلك الرجل العجوز الذي يحمل مصحفه تحت إبطه ويدور على المنازل على ضوء ذبالة فانوسه الصدئ.. وعندما يحين موعد السحور أتذكر ذلك المؤذن الذي كان يوقظ الناس بصوته العذب: تسحّروا غفر الله لنا ولكم تسحّروا فقد قرب الصباح أما العشر الأواخر، فقد جمعت كل اجتهاداتي التعبدية في الحديث الذي يقول: «وآخره عتق من النار».
• رمضان ليس شهراً مثل كل الشهور، وثلثه الأخير موعود بليلة القدر، فهل تتحراها؟
•• أولاً، ليلة القدر ليست محددة بليلة معروفة، وقد تُرك عدم تحديدها لحكمة تمنح الفرصة للمسلم لأن تكون «فرادى» العشر الأخيرة ليالي لبذل المزيد من العبادة والطاعة، رجاء اغتنام تلك الليلة من منطلق الإغراء الإلهي «ليلة القدر خير من ألف شهر»، وكما هو معروف أن الاعتقاد السائد عند جميع المسلمين أن ليلة السابع والعشرين - من هذا الشهر الكريم - هي آكد ليلة لهذه الليلة المباركة.. لكن الذي يحز في النفس - في زمننا الحاضر - أنه لم يكن هناك اتفاق موحد لدى الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا برأيي يؤدي إلى مزيد من الاجتهاد والتحري.
• لو كلّ الليالي ليالي قدر.. ما الذي ستراهن عليه كي يتحقق أولاً؟
•• نحن لسنا أكبر من الحكمة الإلهية.. وأظن، بل أجزم، لو أن كل الليالي ليالي قدر فإنها ستفقد روحانيتها، وستفقد حالة الترقب التي يعيشها المسلم الآن، بمعنى أنaها ستصبح ليلة عادية، وستضيع هذه الروحانية في خضم الحياة الصاخب، خصوصا في هذا الزمن الذي نعيشه.
• بين الخاص والعام.. أيهما ترى هو الأولى هذه الليلة: ترميم الذات، أم إصلاح العالم؟
•• أبدأ الإجابة من آخر السؤال.. إصلاح العالم عبارة فضفاضة يندرج تحت عباءتها من يعنيه ومن لا يعنيه الأمر.. والإصلاح مسألة تهم الجميع ولأنها كذلك يصبح في الأمر شيء من الاستحالة.. وهنا أقول لنفسي: «عليَّ بنفسي». أما قضية أولوية هذه الليلة وترميم الذات فهما مرتبطان ببعضهما البعض، وترميم الذات يجب أن يكون مسبقًا، أو بعبارة أدق يجب أن يكون تهيئة لقبول العمل الصالح في هذه الليلة المباركة.
• لكلّ زمن طقوسه، ولكلّ فصلٍ مواسمه.. ماذا تعني لك العشر الأواخر من رمضان؟
•• أستطيع أن أقول: إنه من خلال سنوات عمري الذي بلغ من الزمن عتيًّا.. خلال هذه السنوات حصلت تغيرات كثيرة وتغيرت مفاهيم كثيرة أيضًا، فأنا الآن أحنُّ إلى زمن بدايات العمر، وأتذكر كيف الناس كانوا يستقبلون هذا الشهر الكريم.. أتذكر عودةً من غياب تلمّ الشمل وتسعد النفوس وأتذكرهم استعدادًا نفسيًّا يتناسب وقداسة هذا الشهر، وأتذكرهم تهيئة للمنازل واستبشارًا بلياليه المترعة بتلاوة القرآن.. وما زالت حاسة شمِّي تتذكر عبق مياه الشِّرَاب الفخارية المبردة في الهواء الطلق وعبق بخور المستكة و«شَعِين» روائح الملحَّات المتربعة على عروشها النارية وجلسات ربات البيوت أمامها.. كما أنه لم يغب عن ناظري دخان «الموافية» التي تنبعث من أجوافها روائح السمك وقرصان الخمير. أشياء كثيرة يصعب حصرها أتذكرها، يأتي من بينها تجمعات الأطفال في الساحات وأناشيد ما قبل الغروب: «يا علي رص الفناجين عندنا دولة وعسكر عندنا رجّال مكسّر قهوة الهندي رزينة حالية من غير سُكّر»، ومن طقوس تلك المرحلة أتذكر ذلك الرجل العجوز الذي يحمل مصحفه تحت إبطه ويدور على المنازل على ضوء ذبالة فانوسه الصدئ.. وعندما يحين موعد السحور أتذكر ذلك المؤذن الذي كان يوقظ الناس بصوته العذب: تسحّروا غفر الله لنا ولكم تسحّروا فقد قرب الصباح أما العشر الأواخر، فقد جمعت كل اجتهاداتي التعبدية في الحديث الذي يقول: «وآخره عتق من النار».
• رمضان ليس شهراً مثل كل الشهور، وثلثه الأخير موعود بليلة القدر، فهل تتحراها؟
•• أولاً، ليلة القدر ليست محددة بليلة معروفة، وقد تُرك عدم تحديدها لحكمة تمنح الفرصة للمسلم لأن تكون «فرادى» العشر الأخيرة ليالي لبذل المزيد من العبادة والطاعة، رجاء اغتنام تلك الليلة من منطلق الإغراء الإلهي «ليلة القدر خير من ألف شهر»، وكما هو معروف أن الاعتقاد السائد عند جميع المسلمين أن ليلة السابع والعشرين - من هذا الشهر الكريم - هي آكد ليلة لهذه الليلة المباركة.. لكن الذي يحز في النفس - في زمننا الحاضر - أنه لم يكن هناك اتفاق موحد لدى الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا برأيي يؤدي إلى مزيد من الاجتهاد والتحري.
• لو كلّ الليالي ليالي قدر.. ما الذي ستراهن عليه كي يتحقق أولاً؟
•• نحن لسنا أكبر من الحكمة الإلهية.. وأظن، بل أجزم، لو أن كل الليالي ليالي قدر فإنها ستفقد روحانيتها، وستفقد حالة الترقب التي يعيشها المسلم الآن، بمعنى أنaها ستصبح ليلة عادية، وستضيع هذه الروحانية في خضم الحياة الصاخب، خصوصا في هذا الزمن الذي نعيشه.
• بين الخاص والعام.. أيهما ترى هو الأولى هذه الليلة: ترميم الذات، أم إصلاح العالم؟
•• أبدأ الإجابة من آخر السؤال.. إصلاح العالم عبارة فضفاضة يندرج تحت عباءتها من يعنيه ومن لا يعنيه الأمر.. والإصلاح مسألة تهم الجميع ولأنها كذلك يصبح في الأمر شيء من الاستحالة.. وهنا أقول لنفسي: «عليَّ بنفسي». أما قضية أولوية هذه الليلة وترميم الذات فهما مرتبطان ببعضهما البعض، وترميم الذات يجب أن يكون مسبقًا، أو بعبارة أدق يجب أن يكون تهيئة لقبول العمل الصالح في هذه الليلة المباركة.