كتاب ومقالات

مليون جهاز «بي إن» ماذا سنفعل بها !!

محمد الساعد

تقول مصادر من داخل سوق الإعلام الرياضي إن عدد الأجهزة الفعالة لشبكة «بي إن سبورت» الرياضية القطرية التابعة لقناة الجزيرة تزيد على مليون جهاز في المملكة لوحدها، تغذي ما لايقل عن عشرة ملايين مشاهد وتشكل رأيهم العام، من إجمالي عشرين مليون مواطن تقريبا.

التغلغل الذي قامت به دولة قطر للداخل السعودي على مدى عشرين سنة لم يكن مصادفة، بل كان ممنهجا ومدروسا، لأهداف لم تكن بأي حال من الأحوال بريئة، استخدمت لذلك عدة أدوات كان من أهمها الرياضة، التي حاربت وبذلت المبالغ الطائلة للاستيلاء على سوق حقوقها زادت على خمسة مليارات ريال من أجل ذلك، إضافة لرعاية الأندية والفنون من خلال تحريض أدواتها في الداخل للهجوم على أي مظهر للفرح، بينما تقوم هي باستضافة الفنانين وإقامة الحفلات الصاخبة والمهرجانات المختلطة لاستقطاب السعوديين.

السياسة الناعمة الموجهة للكراهية والعنف كما تعرف لها برامجها، من أهمها الرياضة والفن والدعاية الإخبارية والمؤسسات المدنية، وأبرز من قام بها النازيون ومن بعدهم الإسرائيليون لتشكيل الرأي العام الدولي، وتغيير صورتهم من دول عنصرية همجية إلى دول مظلومة، وحاليا حكام قطر.

من تابع جهود الدوحة الدؤوبة للتدخل بالشؤون السعودية وغيرها من الدول العربية، يجزم أن ذلك لم يأت من فراغ، بل نتيجة تخطيط وبناء لسنوات من غزو الشارع العربي وتهيئته لتلقي السياسات والتوجيهات والتحكم بعقله الجمعي ليصبح طيعا يمكن قيادته، وهو ما حصل فعليا في مصر وليبيا وتونس وسورية واليمن خلال ما يسمى بالخريف العربي.

اليوم نحن على أبواب انتفاضة سعودية كبرى تزيل ما خلفته سياسة قطر الناعمة التي استفادت من تراجعنا لعقدين على الأقل، أو لنقل أنها ساهمت في ذلك التراجع من خلال استخدام بعض الخونة لتمرير خطاب الرفض والتحريم للفنون والرياضة، واختلاق أزمات متتالية، وتغليفها بالتعاطف المزور مع غزة وسورية واليمن، ومن ثم تقوم هي بالقفز والاستيلاء عليها لتسخيرها لصالح مشاريعها التأمرية.

الأخبار عن قرب إنشاء شبكة سعودية للنقل الرياضي، تستثمر في السوق المحلي التي تعد الأكبر في الشرق الأوسط من حيث القدرة المالية، واتساع نطاق المشاهدة، أخبار مفرحة جدا، ستمكن السعودية من تصدر المشهد الإعلامي الرياضي مرة أخرى بعدما تنازلت عنه بلا سبب منطقي.

في سوق الإعلام الرياضي يوجد خبراء كبار، تنحوا جانبا نتيجة لانحسار الاهتمام، لعلنا نستطيع اليوم أن نعيدهم من مدرجات المتفرجين إلى ساحة الصناعة.

لنتذكر سويا كيف كانت السعودية ملهمة العرب في الرياضة من خلال لاعبيها الكبار وإنجازاتها الضخمة، على المستوى القاري والدولي، بل وصل نفوذ الرياضة السعودية على يدي الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله-، إننا ابتكرنا كأس القارات، ونفذنا نسخته الأولى في الرياض، واليوم هي بطولة دولية معترف بها وتتنافس عليها كبرى المنتخبات.

في الفنون كنا كذلك الأوائل، نباهي بفنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب طلال مداح، وأخطبوبط العود العربي عبادي الجوهر، وابتسام لطفي أم كلثوم السعودية، وعتاب وعبدالمجيد عبدالله وراشد، بل تحولت ألحانهم وأغانيهم إلى موضة عالمية، هل تنسون ليلة ليلة التي جابت العالم وغنيت بكل اللغات.

كان الملحنون العرب يلتقطون الألحان من تراثنا المحلي، والفنانون يتقاطرون للسعودية بحثا عن كلمات شاعرية تنقلهم للشهرة وتحقق لهم جماهيرية كبيرة، لقد كنا ملء السمع والبصر.

نحن من أسسنا روتانا أكبر شركة إنتاج موسيقية، التي تحولت في ما بعد لشبكة عملاقة للموسيقى، أما «إيه آر تي» فهي الرحم التي خرجت منها شبكة الرياضة، وكذلك مجموعة إم بي سي، وقناة العربية، التي لولاهما لما استطعنا الدفاع عن وطننا أمام الهجمة التآمرية التي قادتها قطر ومرتزقتها.

إيران غزت العام بالسينما، وقطر بقناة إخبارية وشبكة رياضية، لم يعد مغفورا لنا أن نقتات على ما تفرزه الدوحة من سموم، علينا أن نعيد للسعوديين ومن ورائهم العالم العربي روح الفن البريئة وجمال الرياضة.

ألم يكن معرض المملكة بين الأمس واليوم يجوب عواصم الدنيا، مدهشا ملهما، ومعارضنا وفنوننا ورقصاتنا كانت محط أنظار الغرب في شوارعهم وميادينهم.

نحن في حاجة لتفعيل كل ما نملك من أدوات السياسة الناعمة السعودية، ضمن خطة ثقافية كبرى تشمل المتاحف ومراكز الثقافة ومهرجانات السينما والفن والموسيقى والشعر والرسم والمسرح وغيرها من أشكال التحضر وبنيته الأساسية.