أخبار

زولي لـ«عكاظ»: أيتها الجماعات دينوا بالولاء للوطن لا المرشد!

قال إن العرب والمسلمين في حالة انكسار تاريخية

حاوره: علي مكّي

ليلة القدر، ليلة استثنائية بكل المعايير، يحفّها النور من كل اتجاه، وتلهج الألسنة بالدعاء لبلوغها، وقد آثرت «عكاظ» أن تلتقي خلال الليالي العشر الأواخر، ثلة من النجوم، على المستوى الديني والاجتماعي والثقافي والفني والرياضي، لتبحر معهم في المعاني التي تحملها ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن. ضيف «عكاظ» اليوم هو الشاعر إبراهيم زولي.. هنا نص الحوار:

•‏لكلّ زمن طقوسه، ولكلّ فصلٍ مواسمه.. ماذا تعني لك العشر الأواخر من رمضان؟

‏•• العشر الأواخر نافذة مشرعة في السماء، وباب أبيض يفتحه الله للمذنبين والخطّائين.

‏•رمضان ليس شهراً مثل كل الشهور، وثلثه الأخير موعود بليلة القدر، فهل تتحراها؟ وما طقوسك في هذا التحري؟

‏•• هذه ليلة بألف شهر كما جاء في التنزيل المحكم، ما يعني أن لها بركات نورانية، وتتنزل فيها الملائكة والروح فيها، ليلة تشرئبّ لها النفوس الظمأى، وهي ضارعة للخالق طلبا للرحمة والغفران.

‏ •كل من يتحرى ليلة القدر يحمل بين جنبي قلبه حلماً عظيماً.. ما الذي تترجّاه منها؟

‏ •• ما أرجوه أن ينزل الله السكينة على قلبي، ويمطر روحي بفيض من الطمأنينة، ويغدق عليّ بعفو باذخ من لدنه سبحانه وتعالى.

‏•بين شرط العبادة وطموح الحلم.. ما الذي يتبقى لك كي تتأمل فيض الرحمانية في هذه الليلة؟

‏•• الله الذي يتجلّى في الزمان والمكان، ليست رحماته رهنا بليلة واحدة في السنة، والمؤمن الحق يبحث عن خيوط طوال سنيّ عمره. ألم يأت في الحديث أن الله ينزل في الثلث الأخير من كل ليلة، سائلا عباده: هل من مستغفر فأغفر له، هل من طالب حاجة فأقضيها له. أو كما جاء في الحديث.

‏•هل أنت موقن بأي توقيت هي، أي ليلة القدر، ستكون؟ أم ستضرب كل الأوقات المحتملة؟

‏•• أنا على يقين أن الله في قلوب كل الناس، ويتجلّى في جميع الكائنات، وبالتالي فكلّ وقت هو ممكن وصالح لهذه الليلة المباركة. الله ليس بعيدا -عز وجل- حتى يهرع إليه الناس في ليلتين أو ثلاث من السنة.

‏•‏لو كلّ الليالي ليالي قدر.. ما الذي ستراهن عليه كي يتحقق أولاً؟

‏•• لو أن كل الليالي ليلة قدر، لن يذهب الناس إلى أعمالهم، ولن نجد من يعمر الأرض. الله بحكمته لا يودّ لنا أن نترهبن، وننقطع عن الدنيا، فالرسول الكريم كان يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويتزوج النساء.

‏•بين الخاص والعام.. أيهما ترى هو الأولى هذه الليلة: ترميم الذات؟ أم إصلاح العالم؟

‏•• إصلاح العالم يبدأ بترميم ذواتنا من الخراب ودنس الشهوات الذي علق بها. إصلاح العالم قول وعمل، وليست أمان يتشدق بها المفلسون، أو يترنم بها دعاة دجالون.

•ما الأمنية التي تخشى أن تتمناها في مثل هذه الليلة؟

‏•• كل الأمنيات لا يمكن أن تتلبسها الخشية في هذه الليلة أو سواها. فلندع الأطفال والفتيان، وحتى من رُدّوا إلى أرذل العمر يحلموا ويتمنّوا، كل الأماني والأحلام، حتى تلك الأمنيات الصغيرة السابحة في براءتها، ولم تخرج بعد من بكارتها الأولى. كلّ ذلك ليس على الله بعزيز.

•العشر الأواخر وليلة القدر بالذات.. بين الطفولة والآن، ما هو القاسم المشترك بينهما؟

‏•• منذ الطفولة وليلة القدر تتراءى لي أن السماوات سوف تشقّ، وملائكة ذوو وجوه بيض، وثياب بيضاء، يقتعدون أرائكهم عن اليمين وعن الشمال، وأن كلّ يد تطلق أحلامها في الأعالي لن تعود خائبة.

•برأيك ماذا قدم المسلمون العرب لمجتمعاتهم ولدينهم قبل ذلك؟ هل أفاد منهم دينهم ومجتمعاتهم؟ أم هم الذين استفادوا منها؟

‏ •• العرب والمسلمون في حالة انكسار تاريخية على مختلف الصعد والمستويات، وما يؤسف له أن بعضهم لم يستوعب هذا الدين بما فيه من تنوع وغنى على اختلاف فرقه ومذاهبه، بل حصروا أنفسهم في زاوية ضيقة، وتأويل محدود، ووظّفوا الدين، أو النصوص الدينية بمعنى أدقّ، لخدمة رجسهم وضلالاتهم، وظهر ما يسمى «الإسلام فوبيا» توصيفا لصنيعة هؤلاء الذي أساءوا للأمة، هؤلاء الذين يرون في الذبح والتفجير أقصر الطرق إلى الجنة والله. باءوا وخسروا، فديننا العظيم هو دين الإنسانية بالدرجة الأولى، والله كتب على نفسه الرحمة، وليس غير الرحمة.

‏•أخيراً.. لديك وصايا عشر سريعة؟ فمن تختار أن توصي في مثل هذه الليالي الروحانية؟ وما وصاياك العشر؟

‏ •• ليست هناك إلا وصية واحدة، أو نداء للجماعات الراديكالية التي تدين بالولاء لمرشدها وليس للوطن. أقول لهم، الرسول عليه الصلاة والسلام حنّ لوطنه مكة وهي حينذاك عاكفة على أصنامها، فكيف لا تهفو أفئدتكم لوطنكم وهو مهبط الوحي وقبلة المسلمين.