كتاب ومقالات

المملكة.. خلطة الشيوخ والشباب

حمود أبو طالب

لطالما اعتادت بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية ذات المواقف السلبية المعروفة على استخدام وصف «المملكة الهرمة» عندما تتحدث عن بلادنا، حتى لو كانت المناسبة إيجابية والحدث يمثل إضافة متميزة للمجتمع السعودي، والمغزى من استخدام هذا التوصيف معروف ويمكن استبطان الدلالات المقصودة منه. هكذا يتجاوز الكارهون الحقيقة ويتغافلون كيف عصرت التجارب حكام المملكة وصقلتهم وأنهم لا يصلون إلى سدة الحكم إلا بعد نضوج التجربة وحسب تراتبية منضبطة يحترمها الجميع.

نعم، كانت المملكة بحاجة إلى قيادة الكبار سنا بحكم طبيعة تأسيسها وظروفه، لم تكن عرضةً للمغامرات أو الاندفاع، ولكن إذا رجعنا للتاريخ سنجد أن مؤسس الدولة السعودية الحديثة الملك عبدالعزيز رحمه الله، خاض حلم استعادة حكم آبائه وهو في عز شبابه، واستعاده وهو في عنفوان العمر، وأمد الله في عمره كي يجهز من أبنائه من هو قادر على استمرار بناء دولة جديدة وهو مواكب لعمرها الجديد، فكان أبناؤه يطوفون العالم ممثلين له في الزيارات الرسمية ومشاركين في المحافل الدولية وهم في شرخ الشباب، عودوا إلى أرشيف التاريخ بأخباره وصوره وستجدون أولئك الأبناء يتصرفون كرجال دولة بكل ما تعنيه الكلمة.

المملكة العربية السعودية لم تكن هرمة في أي مرحلة لأنها متجددة دائما، يتوالى على حكمها الأصلح والأكفأ. هي تؤمن بالكفاءة والقدرة على تحمل استحقاق الحكم وتبعاته والتزاماته، وما حدث يوم الأربعاء الماضي هو الدليل الدامغ على هذه الحقيقة عندما تم اختيار الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد بإجماع هيئة البيعة رغم وجود عدد كبير من إخوانه وأبناء عمومته وحتى أعمامه، الذين باركوا هذه الخطوة والتفوا حول بعضهم في لحظة تاريخية لا تحدث في أنظمة الانقلابات والمؤامرات.

المملكة دولة شابة ومتجددة دائما، وإذا كان البعض يصفها بالهرمة فإنه الآن في مأزق أمام الحقيقة التي تدحض كل ادعاءاته المغرضة. مملكتنا، أيها الموبوؤون بالضغينة، تسابق الزمن بدمائها المتجددة والجديدة. عودوا مرة أخرى إلى ما حدث في قصر الصفا بمكة المكرمة يوم 21 يونيو وستعرفون كم كنتم تغالطون.