آمال نصف المجتمع بالعهد الجديد
تأملاتي
الجمعة / 06 / شوال / 1438 هـ الجمعة 30 يونيو 2017 01:36
بشرى فيصل السباعي
بموضوعية يمكن القول، إن نصف الشعب والذي يلد ويربي نصفه الآخر وهو بالطبع النساء، يشعر بالتفاؤل والأمل أكثر من أي وقت مضى بأن يحقق لهن العهد الجديد مطالبهن المشروعة في المساواة بحقوق المواطنة وإجراءاتها الرسمية، ما سيحسن نوعية حياتهن المادية والمعنوية ويقيهن العنت، والمجتمع بات جاهزا لها؛ لأنه بأسفاره وبمطالعته للقنوات والمسلسلات والأفلام الأجنبية تعود على أنماط المساواة بحقوق المواطنة للجنسين، والدليل أن نسبة كبيرة ممن يشاركون بحملات المطالبة بحقوق المرأة السعودية عبر الإعلام والصحافة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي هم من الذكور، الذين يمتلكون ما يكفي من الوعي بالذات ليشعروا بالحرج من المعاملة غير العادلة للمرأة في مجتمعهم، وإحداث هذه النقلة النوعية هو أساسي لمحاربة الإرهاب وتحصين المجتمع ضده، فمحاربة الإرهاب لها شقان، شق أمني جراحي، وشق ثقافي متمثل في الثقافة العامة للمجتمع والتي أهم ما يصوغها، الأنظمة الحكومية ومناهج التعليم، والمؤمنون بنظريات المؤامرة يتساءلون بنبرة اتهامية، لماذا كل العالم مهتم بتمكين المرأة في المجتمعات الإسلامية التي ينتشر فيها الإرهاب؟ والجواب على هذا التساؤل يكمن في النظر للمعجزة التي تحققت للدول الاسكندنافية صاحبة تراث إرهاب الفايكنج والاستعمار العنيف لغيرها، لكنها حاليا تتصدر منذ عقود قوائم سيادة السلام في الداخل والخارج وهي الأقل في نسب التحرش والجريمة والعنف بأنواعه، والأفضل في النزاهة وانعدام الفساد المالي والإداري، والأفضل في المساواة وحقوق الإنسان ورعاية الأمومة والطفولة والعائلة، فهي تمنح إجازة للأم والأب لأشهر وقد تصل لسنة مدفوعة للتفرغ لرعاية الطفل، وهي الأكثر إنفاقا على الأعمال الخيرية أفرادا ودولا، والأعلى بمؤشرات الصفات الإيجابية كالتواضع والتعاون والروح الجماعية والثقة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، والسلوك الدبلوماسي الراقي والشفافية وعدم وجود فقراء ومشردين وغياب التفاوت الطبقي وجودة ومجانية كل الخدمات العامة، وحماية البيئة وإنتاج الطاقة النظيفة، والأفضل بمعاملتها للنساء حتى بالمقارنة مع دول غربية وبخاصة أمريكا التي تأتي بمراكز متأخرة في كل مؤشرات جودة الحياة كما ولو أنها دولة نامية، والسبب اختلاف ثقافي بين ثقافة «مؤنثة القطبية» والتي باتت تتميز بها الدول الاسكندنافية، وثقافة «مذكرة القطبية» والتي تتميز بها أمريكا والعالم العربي، فالقطبية المؤنثة تتمثل بسجايا، حب الحياة الطيبة واللطف والرحمة والروحانية والمسالمة والمرونة وحس الرعاية والتعاون والودية والشورى والمنظور المعمق، بينما القطبية المذكرة تتميز بالمنظور الحرفي المادي الظاهري والتصلب وفرض القولبة وتضخم غرور الأنا والتفرقة والاستبداد وفرض الهيمنة بالعنف والإكراه وحب الصراع والحروب والموت والبغضاء.