رسالة إلى ولي العهد
طوق نجاة
الاثنين / 09 / شوال / 1438 هـ الاثنين 03 يوليو 2017 01:39
حسين شبكشي
التقيت في أول أيام العيد بأحد أهم الشخصيات المصرفية في الشرق الأوسط، وهو أمريكي عربي ويحمل جنسيتين ومطلع جدا بحكم منصبه الحساس على شؤون المنطقة السياسية والاقتصادية. وبدأ حديثه معي بالتهنئة على التطورات السياسية الأخيرة التي حصلت في السعودية، وأضاف قائلا بما أنك من أكبر المتحمسين لسياسات الأمير محمد بن سلمان ما الذي من الممكن أن تقول له الآن بعد أن وصل إلى المنصب الجديد؟ قلت له إن أول البشائر على مستوى التغيير المتوقع القادم هو أن الأسرة الحاكمة نفسها قررت أن تغير أسلوب إدارة البلاد وتسليم دفة الأمور لجيل جديد، ما يعني أن فلسفة الحكم نفسها في السعودية تتغير وتتطور؛ لأن الأوضاع والظروف نفسها تغيرت وتبدلت، وبالتالي حصل التوجه الجديد. فكرت جليا في كلامي مع صديقي المصرفي الكبير، وعن الرسالة التي من الممكن أن توجه للأمير محمد بن سلمان اليوم. التحديات كبيرة جدا ولكن الفرص أكبر وبقدر التحديات تكون إمكانيات التغيير، وهذا بحد ذاته ليس ضارا. ولكن ما يمكن الوثوق فيه أن الرجل مطلع على معظم التحديات وبشكل معمق وموثق، ولكن التحدي الأهم أمامه هو تحويل السعودية من بلد إلى وطن، والمقصود هنا تعزيز قيمة المواطنة بالقانون، وحماية المواطنين من أوجه التمييز والتفرقة والعنصرية والطائفية والمناطقية، وهي أمراض استشرت بشكل مهووس ومجنون وباتت تهدد النسيج الوطني، وهو ما تلعب عليه الأطراف الخارجية دائما، فهي لو تركت بلا رادع ولا عقاب كما هو الحال الآن ستكون سرطانا مدمرا. وطن يحس الجميع فيه بالانتماء وضمان حقوقهم والنظر فقط في كفاءاتهم لتقييمهم في الفرص المتاحة دون أي اعتبارات أخرى. موضوع آخر هو نقل مركز السعودية في أذهان العالم عموما والعالم الإسلامي منه تحديدا لتكون قبلة كافة المسلمين السياسية والفكرية وليس قبلة بعضهم، وأن ينعكس هذا الأمر على الخطاب الديني والتعليمي والسياسي للبلاد، كموقعها الجغرافي، وريادتها الإسلامية واحتضانها للحرمين الشريفين يقتضيان ذلك، فهذا قدرها الملزم. الخصوصية السعودية التي كانت ذات يوم ذريعة للتقوقع والانعزال عن موكب الحداثة والإصلاح والتطوير لم يعد من الممكن القبول بها، وعليه بالتالي التعريف الجديد لمفهوم الخصوصية السعودية، يجب أن يكون هو خصوصية الفرصة الذهبية لبلاد لديها ثروة نفطية وثروة من جيل الشباب ولحظة صناعة المستقبل لاستغلال ذلك ومنح الفرص وتهيئة كل الظروف الحقيقية والعادلة لتمكين ذلك. إعطاء المرأة حقها بالكامل في الفرص والتوظيف لتكون عنصرا فعالا في المجتمع بلا عائق يمنع وصولها إلى منصب الوزيرة أو السفيرة فهناك العشرات من الفتاوى المؤيدة لذلك الأمر من حول العالم الإسلامي. الفساد مسألة لابد من علاجها وهذا لن يحصل إلا بوجود عقوبات ومحاكمات بحق المخطئين، لتكون رادعا ومانعا للهدر في وقت لم يعد من الممكن المغامرة ولا المجاملة. ومجددا يبقى الأمل في الاعتماد على أهل الكفاءة وليس أهل الثقة، لأن الفئة الثانية كلفتنا الكثير عبر السنوات ولم يعد هناك مجال للمجاملة على حساب المستقبل. ما يطمئن هو أن محمد بن سلمان يعلم الكثير من التحديات، وأحدث نقلات في فترة قصيرة كانت من الممكن أن تحتاج عقودا من الوقت لإنجازها، ولذلك الأمل في تحقيق المطلوب يبقى ممكنا. السعودية بلد طموح ويستحق أن يعيش أبناؤه بقدر هذا الطموح حياة كريمة يشعر فيها الجميع بالمساواة والأمل.