تطور المؤسسات المالية الإسلامية يطغى على عالم المال

التزام المجتمعات بشريعتها سبب نجاحها

تطور المؤسسات المالية الإسلامية يطغى على عالم المال

مجدي الحويصي (جدة)

بدأت المصارف الإسلامية تأخذ مكانتها في عالم المال والأعمال ليس في الدول العربية والإسلامية وحسب بل في كافة الأقطار في العالم وهو ما يشير بتطور كبير
في عالم الاقتصاد الإسلامي بالرغم من بعض المصاعب القانونية والتسويقية التي تواجهها المصارف الإسلامية. واستطاع العمل المالي الإسلامي أن يشكل حجر الزاوية في العمل المالي ككل في عصرنا اليوم، كما أن نمو هذا القطاع أذهل كل المراقبين المحليين والإقليميين والدوليين رغم انف كل المعوقات هنا وهناك لاسيما على صعيد النقص في التشريعات المحفزة والدافعة لمزيد
من الابتكار.ومع ذلك تشهد البلاد الإسلامية طفرة غير مسبوقة في الصيرفة الإسلامية التي باتت تصدر خبراتها إلى الخارج وتتوسع في تطلعاتها إلى مختلف أرجاء العالم. (الدين والحياة)
استطلع آراء لبعض المشتغلين في القطاع المصرفي عن أسباب الطفرة في العمل الإسلامي، وهل لتدين المجتمعات الإسلامية دور في نجاح المصرفية الإسلامية، فإلى تفاصيل التحقيق:


تحدث ابتداء الاقتصادي المعروف د.صلاح بن فهد الشلهوب الأكاديمي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، عن أسباب نمو المصرفية الإسلامية بقوله “ من المعلوم أن سوق الصيرفة الإسلامية يشهد نموا عاليا حتى انه وصلت أصول المصرفية الإسلامية في بعض التقارير إلى ما يقارب الخمسمائة مليار دولار ، وأصبح معدل النمو المتوقع خلال السنوات القادمة قد يصل إلى معدل العشرة بالمائة في نظر من يمكن أن يوصفوا بالمتحفظين في حين أن هناك من يتفاءل بوصول النمو إلى ما يزيد عن العشرة بالمائة ، خصوصا بعد أن نجحت المصرفية الإسلامية في استقطاب استثمارات يمكن أن توصف بأنها من مؤسسات ومستثمرين غير مسلمين مما يعزز الثقة بنجاح هذه الصناعة من الناحية الاقتصادية بعد أن كانت في فترة سابقة تحظى بدعم من المجتمعات المسلمة وذلك من منطلق الأسس والمبادئ التي ينتمي إليها المستثمرون وهي مبادئ الإسلام.
ويضيف د. الشلهوب “ لعل من أهم أسباب الطفرة هو الرغبة الشديدة لدى المجتمعات المسلمة بالالتزام بدين الإسلام سواء على مستوى العبادات المحضة أو على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي . وهذا يفسر الإقبال الكبير على التمويل في المجتمعات الإسلامية ، ولو لاحظنا مثلا سوق الصيرفة المحلي نجد أن حجم التمويل نما بشكل كبير خلال الخمس سنوات الماضية وهي الفترة التي توسعت فيها المصارف التقليدية بشكل ملحوظ في نشاطها التمويلي بالطرق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية “.
ويشير د.الشلهوب إلى عامل آخر في نجاح هذه المصارف بقوله” وكما هو معلوم ومشاهد بأن المصارف الإسلامية اليوم تحقق عوائد جيدة إذا ما قورنت بالنموذج التقليدي حيث انه ومع زيادة عامل المخاطرة فيها إلا أن هذا ينعكس على مستوى العائد حيث نجد أن العائد يزيد عن مثيله التقليدي ، وبالتالي نجد أن عوائد المصارف من المنتج الإسلامي اكبر من المنتج التقليدي” .
ويضيف د.الشلهوب عاملا ثالثا يتمثل في تنوع وتعدد أدوات التمويل المتوافقة مع الشريعة وتناسب شريحة اكبر من طالبي التمويل، مضيفا “ بمعنى إننا نجد تمويلا عن طريق المرابحة وهو الأكثر انتشارا لدى المؤسسات المالية ، وفي نفس الوقت نجد تمويلا عن طريق الاستصناع وما يسمى أيضا بالاستصناع الموازي ، بالإضافة إلى العقود التي تنبني على عقد السلم ، وعقد المشاركة والمضاربة ، وعقد المشاركة المتناقصة ، وعقود الإجارة . فنجد انه يمكن أن يتولد عن أدوات التمويل المتوافقة عن الشريعة ما يزيد عن العشرة أشكال تناسب شريحة اكبر من المستفيدين إذا ما قارنا ذلك بالمنتج التقليدي الذي يعتمد وبشكل أساسي على نوع واحد وهو القرض بفائدة”. 
وعن دور التدين في نمو الأعمال الإسلامية المالية  ، أجاب د.الشلهوب بقوله “ لاشك أن التدين يعتبر عاملا أساسيا في نمو المصرفية الإسلامية ، وذلك لأن كثير من أفراد المجتمع المسلم وبعد مضي مدة طويلة من التعامل مع المؤسسات المالية التقليدية لم يقبل التعامل معها بشكل عام إلا بالحد الأدنى من التعامل عبر فتح حسابات مثلا أو التحويل أو غير ذلك مما قد يضطر إليه الفرد ، لكنه في نفس الوقت لا يقبل بالتعامل بالقروض بفائدة والتي يرى عامة الفقهاء المعاصرون أنها نوع من الربا الذي حرمته الشريعة الإسلامية ومن الصعب أن يقبل به المسلم .
الأستاذ خضر تمساح مدير عام المصرف الإسلامي اللبناني يقول “ بداية لابد من الإشارة والقول آن العمل المصرفي الإسلامي بعد النجاحات التي حققها منذ انطلاقته في العام 1975 والتي لا تزال تتابع تطورها الايجابي بمعدل سنوي يتراوح بين 12 – 15 % سنويا” أصبح واقعا” ملموسا” في التعاملات المصرفية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إن من احد أهم الأسباب الأساسية لهذه النجاحات يتمثل ليس فقط بتعداد المسلمين في العالم الذي يزيد عن 1.2 مليار مسلم بل كذلك إلى ثروات العالم الإسلامي وتحديدا” الخليجية منها المتعطشة إلى البديل الشرعي لاستثمار هذه الثروات بأدوات ومنتجات لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية “
ويشير تمساح إلى أن المصارف أثبتت حضورها في الواقع العربي ونجحت بشكل كبير ، مضيفا “استنتاجا” واستدراكا” منها لهذا الواقع قامت المراجع الحكومية وتحديدا” المصارف المركزية العربية بإصدار القوانين الخاصة بعمل المصارف الإسلامية وإصدار التعاميم اللازمة المنظمة والمسهلة للمعاملات المصرفية الإسلامية الأمر الذي ساهم أيضا في انتشار وقبول الصيرفة الإسلامية”.
وقد أفاض لنا الدكتور عصام كوثر الأكاديمي الاقتصادي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة بأن هناك أسبابا لنجاح الصيرفة الإسلامية من أبرزها ارتفاع دخل الفرد وزيادة عدد السكان مع مواءمة البنوك الإسلامية ، وخصوصا انه لا يوجد بنوك بديلة، والسبب في ذلك هو مؤسسة النقد العربي السعودي التي لا تمنح تراخيص لبنوك أخرى لفتح باب المنافسة والتي هي من مصلحة المستهلك”.
و رأى د.عصام أن دور التدين في نمو المصارف الإسلامية اقتصر في العصور السابقة الأولى فقط، ، أما في هذا الوقت فهناك شريحة كبيرة من الناس تريد التعامل مع البنوك الإسلامية ، لأنها أثبتت نجاحها في ارض الواقع المصرفي، وعلى سبيل المثال في ماليزيا البنوك تتعامل بأحكام الشريعة وأن هذا لا يعكس التدين بل الأنظمة الإسلامية .