اقتصاديات رسوم العمالة الأجنبية
الأحد / 15 / شوال / 1438 هـ الاحد 09 يوليو 2017 01:18
عبدالله صادق دحلان
اقتصاديات تشغيل المشاريع تهدف أولا وأخيرا لموازنة المصروفات مع الإيرادات ومن ثم تحقيق فائض ربحي أو عوائد تشغيل، وفي اقتصاديات التشغيل يلجأ المخططون أحيانا إلى أسهل الطرق في ترشيد الإنفاق لمعادلة المصروفات مع الإيرادات، ويلجأ البعض الآخر كوسيلة من الترشيد إلى رفع الحوافز والمميزات الممنوحة لأهم عناصر الإنتاج وهم القوى البشرية العاملة، وإن كان في هذا توفير لميزانية الشركة، وقد توفر مبالغ كبيرة لكنها من المؤكد ستخسر إنتاجية كبيرة من القوى العاملة التي كانت تضاعف من مجهودها وتتقن عملها مقابل الحوافز المشجعة لمضاعفة الإنتاج وجودته. وفي اقتصاد السوق، يرى الاقتصاديون أن أي خفض في نمو دخل الفرد أو الأسرة أو أي انخفاض في دخل الفرد والأسرة سوف يسهم مباشرة في إضعاف القوة الشرائية سواء للسلع الأساسية أو الكمالية أو للطلب على الخدمات.
وتنطبق هذه النظرية الاقتصادية على العمالة أو القوى البشرية العاملة السعودية وغير السعودية، ولقد لاحظنا مصداقية هذه النظرية عندما تم تجميد البدلات على الموظفين في الدولة، وقارنا الفرق في القوة الشرائية وأثرها على حركة السوق قبل وبعد التجميد ثم بعد رفع التجميد ووجدنا أن أثر وقف البدلات السلبي على القوة الشرائية وحركة السوق أكبر من أثر توفير البدلات على دخل ميزانية الدولة.
وبنفس النظرية لو طبقت على قياس أثر فرض الرسوم على العمالة الأجنبية وأبنائها وأسرها سوف نصل إلى نتيجة في مجملها وليس لأجزائها قد تكون غير مفيدة لاقتصاد الوطن، إلا أنها من المؤكد أنها مفيدة لإيرادات الدولة لكنها غير ذات فائدة بل سلبية على اقتصاد السوق، لأنه وبحسب التوقعات سيخرج من البلاد على الحد الأدنى في أول عام مليون شخص (معال) أي مرافقين وغير عاملين 75% منهم تقريبا أطفال وزوجات سيعودون لأوطانهم وسيتحول لهم أكثر من 80% من إيراد الموظف ولي أمرهم (عائلهم) ليعولهم في وطنهم، وبالتالي سيخسر السوق سلعا وخدمات بنسبة 80 % من دخل مليون شخص على الأقل في السنة الأولى وستستفيد منها أسواق أوطانهم، وسنلحظ الأثر على السوق وعلى الخدمات بصفة عامة ومنها الصحية والتعليمية والترفيهية وتجارة التجزئة، وستتضاعف أرقام التحويلات للعملة خارج الوطن، كما أن رفع قيمة تأشيرات الزيارة والعمرة سوف يحد من زيارة أسر المقيمين في المملكة لقضاء إجازاتهم مع أزواجهم، وسيحرص المقيمون لقضاء جميع الإجازات في أوطانهم، وبالتالي زيادة الادخار للإنفاق في أوطانهم أو خارج المملكة في إجازاتهم.
أما الأثر المباشر الذي سيظهر حال خروج خمسة مليارات ريال شهريا بمعدل ستين مليار ريال سنويا من الأسواق السعودية تحويلات العمالة الأجنبية بمعدل 80% من دخلهم الشهري بمتوسط خمسة آلاف ريال ادخار شهري للصرف على عوائلهم التي أعيدت إلى أوطانهم. ومن المؤكد سيكون لهذه المبالغ المصدرة أثر سلبي على الأسواق في السعودية على جميع المجالات، وكنت أتمنى أن تكون هناك دراسة تحليلية للتعرف على الجوانب الاقتصادية من قرار فرض رسوم على العمالة الأجنبية والمرافقين لهم والتعرف على أثره في إضعاف قوة الإنفاق في السوق السعودية. إن الأهداف السامية وراء توجهات الدولة نحو السعودة تحظى بتقدير واعتزاز ودعم ومساندة من الجميع، وإن جميع القرارات الاقتصادية الهادفة لتنويع مصادر الدخل من خلال إقامة مشاريع تنموية واقتصادية تخلق الوظائف وترفع من نسب نمو الناتج المحلي تحظى بالدعم والمساندة من جميع فئات المجتمع، وإن دراسة البعد الاقتصادي في قرارات الرسوم والضرائب تسهم في حماية الأسواق من الكساد وضعف النمو، وإن الخروج الجماعي لملايين المستهلكين من المقيمين أخشى أن يؤثر سلبا على الأسواق ويعمل على تصدير المليارات لإعادة صرفها في أسواق أوطان المقيمين. كما أن ترحيل المرافقين الأساسيين (زوجة وأبناء) من رفقة أزواجهم وآبائهم سوف يرفع من نسب (العمالة العازبة) والتي أخشى من إساءة السلوك من بعضها. بالإضافة إلى عدم جاهزية البنية التحتية لاستيعاب الملايين من العزاب في المساكن العامة وقد يصيب بعض الكساد الشقق التي ستصبح شاغرة بعد رحيلهم.
إن طرح الرأي وتقبل الرأي الآخر هو أحد وسائل الحوار الديموقراطي، وإن طرح الفكرة للنقاش لا يعني فرضها على الطرف الآخر، لكنها تسهم في تطوير الخطط لتعالج جميع نقاط الضعف فيها. وإن النجاح في تحقيق الأهداف المباشرة يتطلب أن تأخذ في الاعتبار الأثر أو الآثار السلبية إن وجدت، على بقية الأطراف التي قد لا تستطيع أحيانا إيصال رأيها أو التعبير عن الأثر السلبي الذي لحق بها. وكما يقال إن المخطط الناجح ليس هو الذي يصل إلى هدفه فقط وإنما هو من يصل إلى هدفه دون إحداث أي ضرر على الآخرين أفرادا أو أسواقا أو اقتصادا.
* كاتب اقتصادي سعودي
abdullahdahlan@yahoo.com
وتنطبق هذه النظرية الاقتصادية على العمالة أو القوى البشرية العاملة السعودية وغير السعودية، ولقد لاحظنا مصداقية هذه النظرية عندما تم تجميد البدلات على الموظفين في الدولة، وقارنا الفرق في القوة الشرائية وأثرها على حركة السوق قبل وبعد التجميد ثم بعد رفع التجميد ووجدنا أن أثر وقف البدلات السلبي على القوة الشرائية وحركة السوق أكبر من أثر توفير البدلات على دخل ميزانية الدولة.
وبنفس النظرية لو طبقت على قياس أثر فرض الرسوم على العمالة الأجنبية وأبنائها وأسرها سوف نصل إلى نتيجة في مجملها وليس لأجزائها قد تكون غير مفيدة لاقتصاد الوطن، إلا أنها من المؤكد أنها مفيدة لإيرادات الدولة لكنها غير ذات فائدة بل سلبية على اقتصاد السوق، لأنه وبحسب التوقعات سيخرج من البلاد على الحد الأدنى في أول عام مليون شخص (معال) أي مرافقين وغير عاملين 75% منهم تقريبا أطفال وزوجات سيعودون لأوطانهم وسيتحول لهم أكثر من 80% من إيراد الموظف ولي أمرهم (عائلهم) ليعولهم في وطنهم، وبالتالي سيخسر السوق سلعا وخدمات بنسبة 80 % من دخل مليون شخص على الأقل في السنة الأولى وستستفيد منها أسواق أوطانهم، وسنلحظ الأثر على السوق وعلى الخدمات بصفة عامة ومنها الصحية والتعليمية والترفيهية وتجارة التجزئة، وستتضاعف أرقام التحويلات للعملة خارج الوطن، كما أن رفع قيمة تأشيرات الزيارة والعمرة سوف يحد من زيارة أسر المقيمين في المملكة لقضاء إجازاتهم مع أزواجهم، وسيحرص المقيمون لقضاء جميع الإجازات في أوطانهم، وبالتالي زيادة الادخار للإنفاق في أوطانهم أو خارج المملكة في إجازاتهم.
أما الأثر المباشر الذي سيظهر حال خروج خمسة مليارات ريال شهريا بمعدل ستين مليار ريال سنويا من الأسواق السعودية تحويلات العمالة الأجنبية بمعدل 80% من دخلهم الشهري بمتوسط خمسة آلاف ريال ادخار شهري للصرف على عوائلهم التي أعيدت إلى أوطانهم. ومن المؤكد سيكون لهذه المبالغ المصدرة أثر سلبي على الأسواق في السعودية على جميع المجالات، وكنت أتمنى أن تكون هناك دراسة تحليلية للتعرف على الجوانب الاقتصادية من قرار فرض رسوم على العمالة الأجنبية والمرافقين لهم والتعرف على أثره في إضعاف قوة الإنفاق في السوق السعودية. إن الأهداف السامية وراء توجهات الدولة نحو السعودة تحظى بتقدير واعتزاز ودعم ومساندة من الجميع، وإن جميع القرارات الاقتصادية الهادفة لتنويع مصادر الدخل من خلال إقامة مشاريع تنموية واقتصادية تخلق الوظائف وترفع من نسب نمو الناتج المحلي تحظى بالدعم والمساندة من جميع فئات المجتمع، وإن دراسة البعد الاقتصادي في قرارات الرسوم والضرائب تسهم في حماية الأسواق من الكساد وضعف النمو، وإن الخروج الجماعي لملايين المستهلكين من المقيمين أخشى أن يؤثر سلبا على الأسواق ويعمل على تصدير المليارات لإعادة صرفها في أسواق أوطان المقيمين. كما أن ترحيل المرافقين الأساسيين (زوجة وأبناء) من رفقة أزواجهم وآبائهم سوف يرفع من نسب (العمالة العازبة) والتي أخشى من إساءة السلوك من بعضها. بالإضافة إلى عدم جاهزية البنية التحتية لاستيعاب الملايين من العزاب في المساكن العامة وقد يصيب بعض الكساد الشقق التي ستصبح شاغرة بعد رحيلهم.
إن طرح الرأي وتقبل الرأي الآخر هو أحد وسائل الحوار الديموقراطي، وإن طرح الفكرة للنقاش لا يعني فرضها على الطرف الآخر، لكنها تسهم في تطوير الخطط لتعالج جميع نقاط الضعف فيها. وإن النجاح في تحقيق الأهداف المباشرة يتطلب أن تأخذ في الاعتبار الأثر أو الآثار السلبية إن وجدت، على بقية الأطراف التي قد لا تستطيع أحيانا إيصال رأيها أو التعبير عن الأثر السلبي الذي لحق بها. وكما يقال إن المخطط الناجح ليس هو الذي يصل إلى هدفه فقط وإنما هو من يصل إلى هدفه دون إحداث أي ضرر على الآخرين أفرادا أو أسواقا أو اقتصادا.
* كاتب اقتصادي سعودي
abdullahdahlan@yahoo.com