محطة أخيرة

سوق عكاظ.. من «دايم السيف» إلى «سلطان الفضاء»

جادة سوق عكاظ.

علي الرباعي (الباحة)

Al_ARobai@

ربما لو أطل النابغة الذبياني مجدداً على صخرة (الأثيداء) في سوق عكاظ لجدد افتتانه بالمكان والإنسان، ولما زاد على قوله «لو أنها عرضت لأشمط راهب.. عبَدَ الإلهَ صرورةٍ متعبدِ، لرنا لبهجتها وحسن حديثها، ولخاله رشداً وإن لم يرشدِ، نظرت إليك بحاجة لم تقضها، نظر السقيم إلى وجوه العوّدِ»، ولتملكته دهشة عناية أحفاده بموسمه السنوي، وإعادته إلى الوجود بحلة جديدة، مع احتفاظهم بحس النابغة، وشغفه بديوان العرب، ومنحه كل عام لشاعر بردته ليذيع صيته بين قبائل العرب مؤذناً بمولد موهبة.

وبما أن إحياء التراث من مهمات الدول الحضارية، فللملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله ريادة في إعادة الحياة إلى ملتقى العرب الأول شعرياً وفنياً وتاريخياً. وكلف المؤرخ الدكتور عبدالوهاب عزام بالتحقق من موقع السوق وآثاره الباقية، فأدى المهمة وألف كتابا بعنوان (عكاظ). ثم جدد رئيس رعاية الشباب سابقا الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الدعوة إلى إحياء سوق عكاظ، وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله في 1428هـ عاد سوق عكاظ لما هو أجمل من سابق عهده، إثر غياب استمر نحو 1300 سنة.

وتولى مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بما حباه الله من مواهب الشاعر وحس الفنان إخراج السوق من كونه حدثاً ثقافياً إلى إطار مشروع حضاري متكامل يراعي مختلف جوانب التنمية ثقافياً، وعلمياً، وفكرياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وتراثياً، وتكاتفت مع طموحاته وأسهمت في إنجاحه وزارات وجهات حكومية عدة، كما عزز النجاح أهالي الطائف العاشقون للفن والجمال والورد، وفي هذا العام سلّم دايم السيف عكاظ التاريخ والمكان والمشروع لرائد فضاء وسياحة مؤهل لتسويق المشروع ومأسسته، إذ تولته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بريادة وقيادة رئيسها الأمير سلطان بن سلمان.