كتاب ومقالات

الحاجة العاجلة لأفلام ومسلسلات تنقذ الأوضاع

تأملاتي

بشرى فيصل السباعي

بحق لا يوجد تعبير صدمة وتفجع وكآبة يمكنه التعبير عن مدى بؤس وسوء أوضاع العالم العربي والإسلامي مع أعاصير العنف العبثي العدمي الهمجي الجنوني التي عصفت بالعرب والمسلمين بخاصة في العقد الأخير فوق التخلف والتدهور التنموي، وبالطبع هذا يستدعي معالجات هيكلية بنيوية فكرية حضارية ومؤسساتية، لكن عندما يكون هناك حريق مشتعل تكون هناك حاجة لإجراءات عاجلة لإطفاء الحريق ولا تناقض الإجراءات العاجلة ضرورة عكوف الخبراء على دراسة وعلاج الأسباب الجذرية؛ ولأن العلماء يقولون إن قلة من الناس لديهم سلوك مستقل متولد عن قناعات جوهرية وقيم عليا مكرسة ذاتيا وهؤلاء هم الأعلى ثقافة واطلاعا وتفتحا ووعيا، بينما بقية الناس مسيرون بالكامل بالقوالب التي يلتقطونها من الظروف المحيطة والثقافة السائدة والمواد الترفيهية والإعلام والخطاب الرائج، لهذا ما يمكن أن يساعد على إخماد حرائق تدمير الذات في العالم العربي وإنقاذ العالقين في معتركات هذا الجحيم هو إنتاج أفلام ومسلسلات ومقاطع إعلامية توجيهية ملهمة تحقق خمسة أهداف:

* تقديم نموذج بديل ملهم تصالحي يقدم رؤية جميلة أخلاقيا وفنيا، مشجعة على التصرف بالمثاليات العليا النبيلة المتسامية عن رد جهالة الإساءة بمثلها.

* تبصير الناس بالصورة الكبرى؛ أي جعلهم يدركون حقيقة انحطاط السلوكيات الغوغائية الهمجية الشيطانية العبثية العدمية التي يتصرفون بها بلا وعي في الصراعات الدائرة والتي يدمرون بها أنفسهم وبلادهم، ويردون بها أنفسهم أخرويا.

* نشر خطاب الحكمة واللاعنف وإبراز مفكريه كالمفكر الإسلامي «جودت سعيد» الذي تنصب مؤلفاته على إثبات أن سنة الإسلام الربانية الأصلية هي اللاعنف والسلام، ونشر خطاب الواقعية العقلانية التي تثبت أن العنف زاد سوء واقع المسلمين واضطهاد الإسلام والتنفر عنه والإلحاد.

* تفكيك قوالب ودعوات «الكليشيهات» التي أدت لهذا الخراب، أي التنفير عن التعصب والتكفير واعتبار العنف الدواء لكل داء، ومعاداة العالم الحديث للنكوص لرؤية طوباوية وهمية عن الماضي يريدون تدمير الحاضر لأجلها وهي من الأصل لم توجد، كفكرة الخلافة الموحدة التي لم توجد قط بتاريخ المسلمين، وفكرة أنها لو وجدت ستنقذ المسلمين في مناطق اضطهادهم، فعندما تساقطت الأندلس وقتل رجالها واستعبدت نساؤها كانت قائمة وبأوجها ما يسميها الواهمون خلافة، لكنها لم تقدم لهم أدنى مساعدة. وحتى إسرائيل يمكن تذويبها ثقافيا بلا عنف كما تم تذويب المغول والتتار وصاروا جزءا من الأمة.

* العلاج النفسي الجماعي من الصدمات الجماعية والفردية جراء الأحداث، وزرع الأمل بغد أفضل وبخاصة بالتذكير بحال أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وكيف نهضت وتوحدت.