أخبار

معارف قاتل أسرته: فشل في حلمه وتحول إلى عدواني!

«عكاظ» تزور بئر «قيضي».. مسجد بلا إمام وبيوت بلا أسقف

اثنان من السكان يتحدثان للزميل النجراني.

حسن النجراني (المدينة المنورة) hnjrani@

سادت موجة من الحزن والصدمة في «وادي القاحة» الذي شهد الجمعة الماضية، الجريمة المروعة التي راحت ضحيتها عائلة كاملة على يد ابنها المصاب باعتلالات نفسية، قادته إلى الإجهاز على والدته وأخته وطفليها «راغبا في إدخالهم الجنة» طبقا لضلالاته وهلاوسه بعد تعاطيه وإدمانه لمادة امفيتامين المخدرة ! «عكاظ» سجلت أمس (الاثنين) زيارة إلى القرية الصغيرة القريبة من محافظة بدر، وقطعت مسافة 160 كيلو مترا وصولا إلى مسرح الجريمة، التي تقع جنوب المدينة المنورة، على طريق ينبع حيث مفرق وادي القاحة الذي يضم عددا من القرى الصغيرة. والوصول إلى منزل الضحايا يستلزم قطع مساقة 50 كيلو مترا من المفرق في اتجاه قرية بئر «قيضي»، والتي تحمل اسم فاعل خير يحمل ذات الاسم، قيل إنه هو من شيد بئرا للسقيا فحملت اسمه، وهي عادة جرت في الوادي، إذ إن كل بئر يستسقى منها الناس تحمل اسم بانيها.

لا إمام ولا مؤذن

عند مدخل القرية ينقطع الطريق الأسفلتي، وتتناثر عدة بيوت على شكل مربع يتوسطه مسجد مهجور، قال الأهالي إنهم هجروه لعدم وجود إمام ومؤذن، وتم تشييد المسجد ضمن مجمع تنموي يحوي 15 منزلا، والمسجد شيده فاعل خير، واضطر معظم الأهالي إلى الرحيل من بيوتهم هذه لعدم صلاحيتها كما يقولون، وبقيت فقط خمسة بيوت مأهولة ومنها بيت قاتل أمه وأخته وطفليها.

البيت الصغير الذي شهد الجريمة يوم الجمعة يتكون من 3 غرف وصالة ومطبخ مكشوف من أعلى، حيث أجهز الشاب المعتل البالغ من العمر 28 عاما على والدته الثمانينية وأخته وطفليها ثم مضى إلى مخفر شرطة القاحة التي تتبع محافظة بدر، وادعى أنه عاد إلى البيت وعثر على عائلته قتيلة، لتكتشف الأجهزة الأمنية أنه الفاعل بسبب هلاوسه واعتلالاته النفسية، التي صورت له جريمته بأنها طريق ضحاياه إلى الجنة!

إحباط بسبب التعثر

«عكاظ» استمعت إلى إفادات سكان القرية وجيران الضحايا، الذين لم يستوعبوا حتى اللحظة ما حدث، ويقول صالح إن القاتل تخرج من الثانوية بدرجة جيد، وعرف بالسلوك القويم وسط جيرانه ومعارفه، وحاول الالتحاق - بلا طائل - بإحدى الجامعات قبل سنوات، وبسبب تعثره في تحقيق حلمه أصيب باعتلالات نفسية تضرر منها الجيران كثيرا. ويضيف صالح أن الجاني اعتدى على سيارته قبل نحو شهر من جريمته، واضطر عمه الذي يسكن في قرية أخرى للحضور وتقديم الاعتذار له والتعهد بألا يكرر ابن أخيه سلوكه بالاعتداء على الجيران وممتلكاتهم. وأوضح أن والد القاتل يعمل في مكة المكرمة ويسعى مع أخيه لحل المشاكل التي يتورط فيها ابنهما.

الحادثة المروعة فتحت ملف المشكلات التي يعاني منها المجمع التنموي، ويقول الأهالي إن المباني متهالكة ومكشوفة من أعلى وغير «مبلطة»، واضطر كثير من السكان للرحيل. وإلى جانب ذلك يتحدث أهالي المجمع عن عدم فاعلية الجمعية الخيرية القريبة من القرية، إذ اكتفت بحسب أقوال السكان بمنحهم الطعام. وينادي المتحدثون لـ«عكاظ» بضرورة تفعيل دور المسجد وتشغيله وإيجاد إمام ومؤذن، وتطوير المجمع واستغلال المساحات في المنتصف لإقامة ملاعب رياضية أو حدائق أو غيرها يستفيد منها الشباب في أوقات فراغهم بعيدا عما يدعوهم إلى الانحراف.

الجاني تعاطى «الشكمان».. و«هلوس»!

الأمفيتامين من الأدوية المنشطة وتحفز المخ والجهاز العصبي، ويحمل المخدر اسما شعبيا متداولا في السر مسمى دارج (الأبيض أو أبو ملف، والشكمان وغيرها من المسميات)، وتم اكتشافه في العام 1887م، وفي العام 1930م عرف كدواء للشم لمعالجة احتقان الأنف والزكام، وفي عام 1937م تم إنتاج الأمفيتامين للنوم واستخدمه الجنود في الحرب العالمية الثانية للتغلب على الإجهاد والبقاء في حالة يقظة. وفي العام 1960م جرى استخدام الأمفيتامين على نطاق واسع، خصوصا بين سائقي الشاحنات ليواصلوا يقظتهم في المسافات الطويلة.

ودخل الإمفيتامين بحسب مختصين إلى معالجات التخسيس وأقبل عليه عدد من الرياضيين لتحسين أدائهم وتحمل التمارين، ويشبه تأثير الكوكائين، غير أن مفعوله أبطأ وتأثيره أطول على الجهاز العصبي. ويشرح المختصون أن تناول جرعات كبيرة من إمفيتامين يوهم متعاطيه بأنه قوي ونشيط ويستطيع فعل أي شيء كما يصبح عدائيا، ويصل في أحد مراحله إلى الإصابة بالهلوسة وهو مرض نفسي خطير يتخيل المتعاطي معه سماع أصوات ويرى أشياء غير موجودة ويوحي له بأن هناك من يحاول إيذاءه !.