الصيف موسم السفر
أفياء
الأربعاء / 03 / ذو القعدة / 1438 هـ الأربعاء 26 يوليو 2017 01:12
عزيزة المانع
كلما جاء الصيف، تشعر كما لو أن موسما للهجرة قد حل، أينما نظرت من حولك وجدت من يشد رحاله متهيئا للسفر، فترى الناس يهجرون بيوتهم كما تهجر الطيور أعشاشها مغادرين إلى وجهات مختلفة.
كان السفر في ما مضى من أزمنة بعيدة، يوصف بأنه قطعة من العذاب، فصار اليوم متعة من متع الحياة الكثيرة، يتهافت عليه الناس ويغبطون أكثرهم حظا منه.
لماذا يتهافت الناس على السفر؟
يتهافت الناس على السفر طمعا في البهجة ونسيان المتاعب، فهم يمنّون أنفسهم أن يعيشوا أوقاتا لاهية، يتوهمون خلالها خلاصهم من قيودهم المعتادة التي يثقلهم حملها، وفكاكهم من متاعبهم وما يفسد راحتهم.
يقول أحدهم ساخرا في تبرير الحاجة إلى السفر: «متى نظرت إلى المرآة فوجدت وجهك متطابقا مع صورتك في جواز السفر، فذلك يعني أنك حقا في حاجة إلى السفر». بالنسبة له الغاية من السفر هي جلاء الضيق ومحو الاكتئاب.
معظم الناس يسافرون ينشدون البهجة والسعادة، يطلبون في التنقل والتغيير، رؤية أشياء جديدة وتذوق معان مختلفة للحياة، تنتعش بها أرواحهم المنهكة بالمشكلات والتوتر والقلق والضيق على مدى شهور العام الطويلة.
لكن الناس في كثير من الأحيان لا يحصلون على بغيتهم تلك، فلا الهموم تزول، ولا المشكلات تحل، فما أن يعودوا من سفرهم حتى تطبق عليهم آلامهم من جديد، مسببة لهم خيبة شديدة.
يقول فاروق جويدة معبرا عما يحسه من مشاعر الإحباط بعد رحلاته المتكررة:
(ماذا أخذت من السفر؟ كل البلاد تشابهت في القهر، في الحرمان، في قتل البشر، كل العيون تشابهت في الزيف، في الأحزان، في رجم القمر).
العالم متشابه، ودوله لا تختلف في الجوهر عن بعضها بعضا، قد تغطي بعضها قشرة زائفة من الجمال، لكن الباطن لا يختلف، فالظلم موجود في كل مكان، والقيد مشدود على الجميع، والناس سواسية في قهر بعضهم بعضا.
ومع ذلك، فإن هذا الإحباط، وهذه الخيبة الكبيرة في تحقيق السعادة في السفر، لم تستطع أن تخفف شيئا من تهافت الناس عليه، فالسفر بالنسبة لكثيرين، إن لم يفلح في محو الضيق أو الشعور بالشقاء أو الملل، فإنه قادر على تخدير الإحساس بها، وإن إلى حين!
أخيرا، لعل أجمل ما في السفر، أنه يجعلك تحن إلى بلدك ويهزك الشوق إليه، فالسفر يمنحك عينا جديدة ترى بها الوطن، وحين تطأ قدمك أرضه بعد غياب، تشعر كأنك تراه لأول مرة، فعينك بعد السفر تريك منه ما كنت لا تراه من قبل.
azman3075@gmail.com
كان السفر في ما مضى من أزمنة بعيدة، يوصف بأنه قطعة من العذاب، فصار اليوم متعة من متع الحياة الكثيرة، يتهافت عليه الناس ويغبطون أكثرهم حظا منه.
لماذا يتهافت الناس على السفر؟
يتهافت الناس على السفر طمعا في البهجة ونسيان المتاعب، فهم يمنّون أنفسهم أن يعيشوا أوقاتا لاهية، يتوهمون خلالها خلاصهم من قيودهم المعتادة التي يثقلهم حملها، وفكاكهم من متاعبهم وما يفسد راحتهم.
يقول أحدهم ساخرا في تبرير الحاجة إلى السفر: «متى نظرت إلى المرآة فوجدت وجهك متطابقا مع صورتك في جواز السفر، فذلك يعني أنك حقا في حاجة إلى السفر». بالنسبة له الغاية من السفر هي جلاء الضيق ومحو الاكتئاب.
معظم الناس يسافرون ينشدون البهجة والسعادة، يطلبون في التنقل والتغيير، رؤية أشياء جديدة وتذوق معان مختلفة للحياة، تنتعش بها أرواحهم المنهكة بالمشكلات والتوتر والقلق والضيق على مدى شهور العام الطويلة.
لكن الناس في كثير من الأحيان لا يحصلون على بغيتهم تلك، فلا الهموم تزول، ولا المشكلات تحل، فما أن يعودوا من سفرهم حتى تطبق عليهم آلامهم من جديد، مسببة لهم خيبة شديدة.
يقول فاروق جويدة معبرا عما يحسه من مشاعر الإحباط بعد رحلاته المتكررة:
(ماذا أخذت من السفر؟ كل البلاد تشابهت في القهر، في الحرمان، في قتل البشر، كل العيون تشابهت في الزيف، في الأحزان، في رجم القمر).
العالم متشابه، ودوله لا تختلف في الجوهر عن بعضها بعضا، قد تغطي بعضها قشرة زائفة من الجمال، لكن الباطن لا يختلف، فالظلم موجود في كل مكان، والقيد مشدود على الجميع، والناس سواسية في قهر بعضهم بعضا.
ومع ذلك، فإن هذا الإحباط، وهذه الخيبة الكبيرة في تحقيق السعادة في السفر، لم تستطع أن تخفف شيئا من تهافت الناس عليه، فالسفر بالنسبة لكثيرين، إن لم يفلح في محو الضيق أو الشعور بالشقاء أو الملل، فإنه قادر على تخدير الإحساس بها، وإن إلى حين!
أخيرا، لعل أجمل ما في السفر، أنه يجعلك تحن إلى بلدك ويهزك الشوق إليه، فالسفر يمنحك عينا جديدة ترى بها الوطن، وحين تطأ قدمك أرضه بعد غياب، تشعر كأنك تراه لأول مرة، فعينك بعد السفر تريك منه ما كنت لا تراه من قبل.
azman3075@gmail.com