كتاب ومقالات

كـوكـب فـاطمـة

عبدالله صايل

إن شئت أن تعرف ما هو كوكب فاطمة.. فلك الحق أن تعلم أنه جرم سماوي في مجرة درب التبّانة، صغير بحجمه عملاق بقيمته، واختارت «ناسا» أن تطلق عليه اسم الموهوبة السعودية فاطمة الشيخ، تكريما لها وتقديراً لجهودها العلمية التي قدمتها لصالح علوم النبات، ضمن مشروعها المبتكر «كارل ٢»، في إنبات البذور الطفيلية، إذ فازت موهوبة الوطن بالمركز الثاني في مجال علم النبات في مسابقة «إنتل آيسف» الدولية للعلوم والهندسة (INTEL ISEF) للعام 2016 بالولايات المتحدة، وكان عمر فاطمة حينها ١٨ عاما.

هذا التتويج الفلكي لفاطمة جاء نتاج بناء علمي معرفي امتد لأعوام في مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع، والمعروفة للجميع باسم «موهبة». اليوم، أنهت طفلة «موهبة» دراستها الثانوية في المنطقة الشرقية، وحصلت على بعثة علمية عبر جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) بالمنطقة الغربية، وستبدأ دراستها لمرحلة البكالوريوس خارج الوطن، حيث تتوافر التخصصات النوعية الدقيقة لمثل هذه المواهب العلمية الفذّة في جامعات تهتم بصناعة الإنسان أولا وتصدير علماء حقيقيين ثانيا، وكل ما سيتوفر لفاطمة بدأ من خلال البناء الأولي لـ«موهبة» بمساعدة معلمات فاطمة في المدرسة.. وكل ما ستتعلمه فاطمة خلال السنوات القليلة القادمة في جامعة عالمية عريقة عائد لكي ينصبّ على أرض الوطن.

تُرى، هل نعلم كسعوديين أن هناك كوكبين في المجرة بأسماء سعودية؟ نعم.. كوكبان! فقد سبق فاطمة إلى تحقيق هذا الإنجاز العالمي طالب موهوب آخر من مُخرجات «موهبة» واسمه عبدالجبار الحمود. وقدم الحمود، الذي يدرس حاليا علم النباتات في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة بحثا عام ٢٠١٥ في مسابقة «إنتل آيسف» حول استخدام فيروس يسمى «TRV» ضمن نظام الهندسة الوراثية، وذلك لإنتاج نباتات متطورة وقادرة على التكيّف في بيئات صحراوية قاسية، كالتي لدينا في المملكة.

«ناسا» التي اختارت كواكب في السماء مُستقرا لاسم الطالبة السعودية فاطمة الشيخ وأخيها عبدالجبار الحمود لم تستكثر على أي منهما أن يخلّد اسمه في المجرة بأسرها، لأن ما يلقاه الموهوب من اهتمام في الصغر هو ما يصنع منه عالما في الكِبر، ولا غاية لهؤلاء العلماء في القادم من مستقبل الأيام سوى تحسين حياة مكوّن الأرض الأهم.. ألا وهو ساكنها: الإنسان.