الخوف من التغيير الثقافي
السبت / 13 / ذو القعدة / 1438 هـ السبت 05 أغسطس 2017 01:23
يحيى الامير
التعليم لا يصنع ثقافة، إنه يقدم مختلف أشكال المعرفة والعلم وأدواته ولكنه لا يبني وعيا ولا يغير تفكيرا.
وحتى المؤسسات ذات الصفة الثقافية وهي تقوم بأدوار داخل الثقافة تتعلق بالفنون والآداب وغيرها، إلا أنها هي الأخرى مؤسسات للعمل الثقافي وليس للتغيير الثقافي طبعا.
في أزمنة التحول يبرز الجانب الثقافي ودوائر الوعي العام بوصفها فاعلا مؤثرا وحيويا في إنجاح كل مشاريع التطوير والتغيير، وكل تغيير مادي ينطوي على تغيير ثقافي يستلزم تأمين الحد الأدنى من الاستقبال الإيجابي له ليس فقط من أجل القبول الاجتماعي للتعامل مع ذلك المشروع، بل لأن حالة التلقي العام لمشروعات التغيير غالبا ما تؤثر في طريقة بنائه وفي محتواه، وذلك ليكون سهل الهضم على المعدة الثقافية التي تقاوم في الغالب كل جديد.
لدينا تجربة ومثال جيد لذلك، التعليم وتعليم البنات تحديدا، كانت حالة الاستقبال له مكتظة بالممانعة والاعتراض، وقد أثّر ذلك على تصميم المشروع وإطلاقه، فتم وضعه أول الأمر وبالكامل تحت إدارة وإشراف ديني ومن قبل مجموعة من أصحاب العلم الشرعي، وذلك لنقول للمجتمع: أرأيتم؟ إنه ليس تغييرا ولا يوجد به ما يدعو للقلق، بدليل أن القائمين عليه هم ممن تشهدون لهم بالصلاح، وهؤلاء يصلحون ولا يفسدون.
انطلقنا بعدها في عمليات تطوير واسعة، في المباني وفي أنظمة التعليم ومراحله وبرامجه، لكننا لم نلتفت إلى الدائرة الأولى ونقوم بإعادة رسمها من جديد، وكلما ظهر مشروع يستهدف تطوير أفكار التعليم وقيمه ومناهجه عادت الضجة وارتفعت أصوات الممانعة لا للاحتجاج على خطوات التطوير فحسب، بل لتذكيرنا بما بات يشبه الوعد بأن لا يحدث تغيير، (هل تتذكرون الضجة التي رافقت الدكتور خضر القرشي في تعليم البنات وكيف أصبح بين عشية وضحاها علمانيا ماسونيا....).
في مرة ما من تلك المراحل دخلت الجماعات الحركية وعصائب الإسلام السياسي على الخط ورأوا في كل ذلك فرصة تاريخية لعمل حركي منظم وجندوا أنفسهم وأفرادهم للانخراط في العمل الحكومي بمختلف المستويات وبخاصة في مجالات تلائم أنشطتهم كان التعليم في مقدمتها. وكانوا في ذلك على موعد مع أحد المكسبين التاليين: أن يستجيب المشرع لذلك التخويف وتلك الممانعة، وبالتالي ضمان بقاء تلك المؤسسات في أيديهم. الثاني يتمثل في ألا يستجيب لهم، وعليه فهم أمام فرصة كبرى لبث الفرقة بين المؤسسة والشارع والتشويش على علاقة الثقة المتبادلة بين الطرفين.
في الواقع فإن المثال الذي تم إيراده هنا عن التعليم قد انسحب على مشاريع ومؤسسات أخرى وبنسب وفي مراحل متفاوتة.
إنما هل كان ما حدث خطأ؟ على الإطلاق، بل كان صوابا تستلزمه تلك المرحلة، لكن الخطأ حدث بعد ذلك وتمثل في ترك تلك الدائرة الأولى كما كانت فترة تأسيس ذلك المشروع، ولقد حملت الأيام والسنون فرصا كبرى لإعلان أن التعليم هو بالفعل مشروع نهضة وتغيير، وأنه ذاهب باتجاه هذه الأهداف بعد أن أكمل مرحلته التأسيسية الأولى.
ولأن هذا زمن للتغيير الحقيقي، فلنغير ولنعلن أن ما نريده بالفعل إنما هو تغيير حقيقي ننطلق في كل ذلك من واقعنا وقيمنا، سعيا نحو المستقبل.
وحتى المؤسسات ذات الصفة الثقافية وهي تقوم بأدوار داخل الثقافة تتعلق بالفنون والآداب وغيرها، إلا أنها هي الأخرى مؤسسات للعمل الثقافي وليس للتغيير الثقافي طبعا.
في أزمنة التحول يبرز الجانب الثقافي ودوائر الوعي العام بوصفها فاعلا مؤثرا وحيويا في إنجاح كل مشاريع التطوير والتغيير، وكل تغيير مادي ينطوي على تغيير ثقافي يستلزم تأمين الحد الأدنى من الاستقبال الإيجابي له ليس فقط من أجل القبول الاجتماعي للتعامل مع ذلك المشروع، بل لأن حالة التلقي العام لمشروعات التغيير غالبا ما تؤثر في طريقة بنائه وفي محتواه، وذلك ليكون سهل الهضم على المعدة الثقافية التي تقاوم في الغالب كل جديد.
لدينا تجربة ومثال جيد لذلك، التعليم وتعليم البنات تحديدا، كانت حالة الاستقبال له مكتظة بالممانعة والاعتراض، وقد أثّر ذلك على تصميم المشروع وإطلاقه، فتم وضعه أول الأمر وبالكامل تحت إدارة وإشراف ديني ومن قبل مجموعة من أصحاب العلم الشرعي، وذلك لنقول للمجتمع: أرأيتم؟ إنه ليس تغييرا ولا يوجد به ما يدعو للقلق، بدليل أن القائمين عليه هم ممن تشهدون لهم بالصلاح، وهؤلاء يصلحون ولا يفسدون.
انطلقنا بعدها في عمليات تطوير واسعة، في المباني وفي أنظمة التعليم ومراحله وبرامجه، لكننا لم نلتفت إلى الدائرة الأولى ونقوم بإعادة رسمها من جديد، وكلما ظهر مشروع يستهدف تطوير أفكار التعليم وقيمه ومناهجه عادت الضجة وارتفعت أصوات الممانعة لا للاحتجاج على خطوات التطوير فحسب، بل لتذكيرنا بما بات يشبه الوعد بأن لا يحدث تغيير، (هل تتذكرون الضجة التي رافقت الدكتور خضر القرشي في تعليم البنات وكيف أصبح بين عشية وضحاها علمانيا ماسونيا....).
في مرة ما من تلك المراحل دخلت الجماعات الحركية وعصائب الإسلام السياسي على الخط ورأوا في كل ذلك فرصة تاريخية لعمل حركي منظم وجندوا أنفسهم وأفرادهم للانخراط في العمل الحكومي بمختلف المستويات وبخاصة في مجالات تلائم أنشطتهم كان التعليم في مقدمتها. وكانوا في ذلك على موعد مع أحد المكسبين التاليين: أن يستجيب المشرع لذلك التخويف وتلك الممانعة، وبالتالي ضمان بقاء تلك المؤسسات في أيديهم. الثاني يتمثل في ألا يستجيب لهم، وعليه فهم أمام فرصة كبرى لبث الفرقة بين المؤسسة والشارع والتشويش على علاقة الثقة المتبادلة بين الطرفين.
في الواقع فإن المثال الذي تم إيراده هنا عن التعليم قد انسحب على مشاريع ومؤسسات أخرى وبنسب وفي مراحل متفاوتة.
إنما هل كان ما حدث خطأ؟ على الإطلاق، بل كان صوابا تستلزمه تلك المرحلة، لكن الخطأ حدث بعد ذلك وتمثل في ترك تلك الدائرة الأولى كما كانت فترة تأسيس ذلك المشروع، ولقد حملت الأيام والسنون فرصا كبرى لإعلان أن التعليم هو بالفعل مشروع نهضة وتغيير، وأنه ذاهب باتجاه هذه الأهداف بعد أن أكمل مرحلته التأسيسية الأولى.
ولأن هذا زمن للتغيير الحقيقي، فلنغير ولنعلن أن ما نريده بالفعل إنما هو تغيير حقيقي ننطلق في كل ذلك من واقعنا وقيمنا، سعيا نحو المستقبل.