كتاب ومقالات

النظام والاحترام والقدوة

ومضة

إبراهيم إسماعيل كتبي

«من لا يحترم نظام وطنه لا يحترم نفسه ولا يستحق الاحترام»، عبارة أكد عليها مجددا مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل خلال تدشينه حملة (الحج.. عبادة وسلوك حضاري)، وهي مناسبة عظيمة بكل ما يعنيه الحج من مسؤولية وإخلاص من كل فرد وجهة حكومية وأهلية ضمن المنظومة الكبيرة في خدمة ورعاية أقدس مقدسات المسلمين وضيوف الرحمن.

لقد أكد سموه على اعتزاز الجميع بهذا الشرف العظيم «بداية من قيادتنا التي نفخر بها وبمسيرتها المباركة، وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي كان ولا يزال يقدم ويشدد على أهمية مكانة الأراضي المقدسة وخدمة ضيوف بيت الله».

وجميل أيضا ومن نفس المنطلقات، أن ينعقد ملتقى وأسبوع مكة الثقافي تحت نفس شعاره في العام الماضي (كيف نكون قدوة؟) فحقيقة إذا تأملنا وأمعنا التفكير في المنظومة الفريدة عالميا لتنظيم ورعاية هذه الحشود الضخمة في زمان ومكان معلومين وبهذا المستوى والدقة والتطور المتنامي، سنجد القدوة حاضرة وناصعة بل ومثيرة للإعجاب والتقدير والتساؤل ممن هم في المشهد العظيم أنفسهم وأقصد ضيوف الرحمن وأيضا المتابعين في العالم لمناسك الحج على الهواء: ما سر القدرة التنظيمية وكيفية رعاية حشود بالملايين إقامة وتحركا وتنقلا وسبل الإعاشة؟ الإجابة دائما هي العون والسداد من الله تعالى أولا، ثم بإخلاص وتفاني هذا البلد الطيب قيادة وشعبا وخبراته الفريدة المتراكمة، وتجنيد كافة الطاقات وتسخير وبذل الإمكانات في أداء شرف المسؤولية خالصة لله تعالى، وهنا تتجلى القدوة الناصعة، وتدفق هذه الروح الوثابة في المسؤولين والأفراد بروح الفريق على مدار الساعة وفي كافة تفاصيل الرعاية، مهما بلغت درجات حرارة الطقس ارتفاعها أو قوة زخات المطر إذا هطلت، والتحسب بخطط وتجهيزات لأية طوارئ.

أنظمة الحج موجودة ويستجد منها ما يلزم لعلاج ثغرات وضمانة لالتزام أفضل، مثلما هو الحال في مسألة مخالفة الأنظمة بالتسلل للحج، وأيضا ظاهرة الافتراش التي تقلصت كثيرا بتصريح الحج، لذا يكمن نجاح هذه المنظومة في احترام الأنظمة، وهنا يأتي دور المواطن، ونستحضر رسالة الأمير خالد الفيصل بضرورة احترام الأنظمة لأن في ذلك احتراما للنفس والذات أولا، وتأكيده على المواطن في المقام الأول باتخاذ هذا المسلك بجدية وعدم التهاون فيه، والثقة في تعاون المواطن مع أجهزة الدولة في تأمين سلامة الحجاج والإبلاغ عن أي تجاوز للأنظمة ليكون هذا الموسم مميزا على غرار المواسم الماضية، خاصة وأن الأعداد تضاعفت، والحمد لله الإمكانات أيضا تضاعفت بفضل الله ثم بفضل ما وفرته الدولة من إمكانات.

احترام الأنظمة والتعليمات مبدأ شرعي وقيمة حضارية؛ لأن فيه المصلحة العامة وسلامة حياة الإنسان وحياة الآخرين وحقوقه وحقوق غيره، والمواطن في ذلك قدوة واجبة لأبنائه ولكل مقيم وزائر، ومن يتجاوزها يأثم ويسيء بحق نفسه وحق الآخرين إذا خالف أنظمة الحج، ومن يهمل أنظمة السلامة المدنية وأنظمة المرور، وفي كل الأحوال ضرورة الوعي بالمحافظة على أمن الوطن وصون مكتسباته والقيم والأخلاقيات العامة.

القدوة الإيجابية ضرورية في كل جهد، وهي مطلوبة وبإلحاح في البيت والمدرسة وصروح العلم وميادين العمل، وغرسها وتكريسها واجبة على الإعلام كثقافة حياتية حتى لاتضيع قيم جميلة في هذا الكون المتعولم. وفق الله الجميع.