تولع السعوديين بطلال وعبد الحسين عبد الرضا
الخميس / 25 / ذو القعدة / 1438 هـ الخميس 17 أغسطس 2017 01:22
محمد الساعد
يا للمصادفة، عملاق المسرح الخليجي «عبد الحسين عبد الرضا»، ينتقل للرفيق الأعلى في نفس تاريخ موت قيثارة العرب طلال مداح الذي توفي من فوق خشبة المسرح، كل ما نعرفه أن «المسرح» بكل هيبته لا يقف عليه طويلا إلا العمالقة، فما بالنا بأكثر من 50 عاما امتلكه الفنانان الكبيران، وجعلاه طيعا لفنيهما.
تولع السعوديين بطلال مداح وتذكرهم إياه في كل عام، ليس جديدا فطلال برائه الشهيرة وموسيقاه الفريدة ومواويله المدهشة، حاضر في كل زوايا حياتنا، جمهوره يتضاعف أكثر وأكثر وكأنه لا يزال يشدو في المفتاحة والقاهرة وتونس والكويت ولندن، لكنه هذه المرة لم يمر مرورا عاديا بل كان احتفاء الموت صاخبا، فقد جاء إلى جواره فنان آخر، ليزيد التولع ويكبر التوجد.
يقول عبد الحسين عبد الرضا في لقاء تلفزيوني، إن إكثر جمهوره هم السعوديون، وهو محق، لأننا كنا ولا زلنا نرى أن فنون الخليج هي فنوننا، ومسرحهم مسرحنا وسينمائهم وانفتاحهم هو لنا، السعوديون شبه مقيمين في الكويت والمنامة ودبي وأبوظبي.
لأنها تعطيهم ما يفتقدونه، يرونها حدائق «أمامية» لمنازلهم ومدنهم، بالتأكيد ليست مدن هجرة كما هي أوروبا ولا أماكن تزار على عجل، بل هي مدن للحياة، ولذلك يبقون ويندمجون ويصبحون جزءا منها.
كان عبد الحسين عبد الرضا وسعاد عبدالله وحياة الفهد وإبراهيم الصلال والنفيسي والفرج وعبد الكريم عبد القادر، أهازيج فرح يتقاسمها السعوديون في مساءاتهم التلفزيونية، ولذا جاء هذا التلوع بعبد الحسين وغيره، فقد كان التلفزيون النافذة الوحيدة على العالم من 1980 وحتى بث قنوات الإم بي سي بداية التسعينات، التي أتت فرجا وفرحا، كيف لا والصحوة حرمت الناس من حياتهم وحولتهم إلى مجرد موتى متحركين.
هذا يمنحنا إشارة مهمة إلى أن الفنون لا تموت، وهي قوت الشعوب وذاكرتها وفرحها وحزنها، وعلينا أن نبني ثقافة الفن والمسرح من جديد، ونعلي من قيمة الفنان وقدره شعبيا وحكوميا.
هل نتذكر ما نشر على لسان الفنان الكبير محمد عبده وهو يروي وفاة والدته، وجنازتها وكيف كان يمشي في آخر الصفوف حتى لا يقال هذه جنازة أم الفنان ولا يسير معه أحد.
لقد لاحق الحركيون حياتنا حتى أصبحوا قادرين وهم في بيوتهم مستلقين بين نسائهم وأموالهم ومزارعهم على السيطرة على الشارع ومروءته، لم يقل محمد عبده ذلك عبثا فقد كان يراه في الطرقات والمساجد والمطارات، الناس يتحاشونه، خشية نظرة المجتمع لهم التي زرعت عنوة في وجدان الناس.
قيمة الفن والفنون لا تذهب، هي أهم مشاريع السياسة الناعمة، التي تبني بها الدول حضورها وحظوظها في العالم، وتقبض نتائجها سريعا.
لا شك أن السعودية تنبهت لذلك مبكرا، من منتصف السبعينات، بدأت إرهاصاتها فنشرت مطبوعات عرب نيوز والشرق الأوسط ومجلة المجلة وسيدتي، كانت تلك المطبوعات بالفعل سيدة الشارع العربي، لم يكتف السعوديون بذلك، بل أنشأوا شركات الفنون والموسيقى وإنتاج المسلسلات والأفلام في العالم العربي.
لحق ذلك إنشاء الإم بي سي و إي آر تي وروتانا، لكننا فجأة فقدنا الطريق، ولم نعد قادرين على الاستفادة منها، وتحويلها لمحركات للسياسة الناعمة، سؤال يجب أن يعاد التفكير فيه كثيرا مع الأزمات التي نواجهها ونحتار كيف نديرها.
تولع السعوديين بطلال مداح وتذكرهم إياه في كل عام، ليس جديدا فطلال برائه الشهيرة وموسيقاه الفريدة ومواويله المدهشة، حاضر في كل زوايا حياتنا، جمهوره يتضاعف أكثر وأكثر وكأنه لا يزال يشدو في المفتاحة والقاهرة وتونس والكويت ولندن، لكنه هذه المرة لم يمر مرورا عاديا بل كان احتفاء الموت صاخبا، فقد جاء إلى جواره فنان آخر، ليزيد التولع ويكبر التوجد.
يقول عبد الحسين عبد الرضا في لقاء تلفزيوني، إن إكثر جمهوره هم السعوديون، وهو محق، لأننا كنا ولا زلنا نرى أن فنون الخليج هي فنوننا، ومسرحهم مسرحنا وسينمائهم وانفتاحهم هو لنا، السعوديون شبه مقيمين في الكويت والمنامة ودبي وأبوظبي.
لأنها تعطيهم ما يفتقدونه، يرونها حدائق «أمامية» لمنازلهم ومدنهم، بالتأكيد ليست مدن هجرة كما هي أوروبا ولا أماكن تزار على عجل، بل هي مدن للحياة، ولذلك يبقون ويندمجون ويصبحون جزءا منها.
كان عبد الحسين عبد الرضا وسعاد عبدالله وحياة الفهد وإبراهيم الصلال والنفيسي والفرج وعبد الكريم عبد القادر، أهازيج فرح يتقاسمها السعوديون في مساءاتهم التلفزيونية، ولذا جاء هذا التلوع بعبد الحسين وغيره، فقد كان التلفزيون النافذة الوحيدة على العالم من 1980 وحتى بث قنوات الإم بي سي بداية التسعينات، التي أتت فرجا وفرحا، كيف لا والصحوة حرمت الناس من حياتهم وحولتهم إلى مجرد موتى متحركين.
هذا يمنحنا إشارة مهمة إلى أن الفنون لا تموت، وهي قوت الشعوب وذاكرتها وفرحها وحزنها، وعلينا أن نبني ثقافة الفن والمسرح من جديد، ونعلي من قيمة الفنان وقدره شعبيا وحكوميا.
هل نتذكر ما نشر على لسان الفنان الكبير محمد عبده وهو يروي وفاة والدته، وجنازتها وكيف كان يمشي في آخر الصفوف حتى لا يقال هذه جنازة أم الفنان ولا يسير معه أحد.
لقد لاحق الحركيون حياتنا حتى أصبحوا قادرين وهم في بيوتهم مستلقين بين نسائهم وأموالهم ومزارعهم على السيطرة على الشارع ومروءته، لم يقل محمد عبده ذلك عبثا فقد كان يراه في الطرقات والمساجد والمطارات، الناس يتحاشونه، خشية نظرة المجتمع لهم التي زرعت عنوة في وجدان الناس.
قيمة الفن والفنون لا تذهب، هي أهم مشاريع السياسة الناعمة، التي تبني بها الدول حضورها وحظوظها في العالم، وتقبض نتائجها سريعا.
لا شك أن السعودية تنبهت لذلك مبكرا، من منتصف السبعينات، بدأت إرهاصاتها فنشرت مطبوعات عرب نيوز والشرق الأوسط ومجلة المجلة وسيدتي، كانت تلك المطبوعات بالفعل سيدة الشارع العربي، لم يكتف السعوديون بذلك، بل أنشأوا شركات الفنون والموسيقى وإنتاج المسلسلات والأفلام في العالم العربي.
لحق ذلك إنشاء الإم بي سي و إي آر تي وروتانا، لكننا فجأة فقدنا الطريق، ولم نعد قادرين على الاستفادة منها، وتحويلها لمحركات للسياسة الناعمة، سؤال يجب أن يعاد التفكير فيه كثيرا مع الأزمات التي نواجهها ونحتار كيف نديرها.