كتاب ومقالات

مديرو الموارد البشرية في المستشفيات السعودية

خالد صالح الفاضلي

حاكموهم، أغلبهم، يستحق الشنق في ميدان عام، لأنهم «العدو الخفي» المسؤول عن رداءة مستويات الخدمة الطبية في «البياض الأعظم» من مستشفياتنا، ومصدر كآبة الطواقم البشرية الطبية.

ويجدر أيضاً إشراك مديري الموارد البشرية في مسؤولية وعقاب الأخطاء الطبية، لأنهم كانوا الجالب للطبيب، والمتفحص الأول لأوراقه، شهاداته، والمتحمس لتقديمه كبديل لطبيب كان أفضل.

يتحكم «مدير الموارد البشرية» بمؤشرات أرواح الطواقم الطبية، التمريض، التقنيين، والإداريين، وخفضها إلى أدنى مستوياتها، يتلذذ بتأخير الترقيات، التوظيف، وسلم الرواتب، وغالباً يقدم «عامل الراتب المنخفض» على «عامل الجودة المرتفع»، وينشط كسرطان خبيث يأكل نمو الكيان الطبي، ويتسبب بهجرة الكوادر الطبية المتخصصة والنادرة.

جاء جمع كثير من مديري الموارد البشرية في مستشفياتنا من مسار التدرج الوظيفي التقليدي، لا يحمل شهادة متخصصة في مجال عرفناه في السعودية حديثاً، كان أحدهم ذات يوم مجرد موظف استقبال، ثم تصاعدت حظوظه، على سلم «غباء المنشأة» حتى أصبح مديراً لمواردها البشرية، فعثا في المستشفى فساداً، وانهارت جودة المستشفى، ونال المرضى منه سبباً لموت، خطأ طبي، أو تشوهات دائمة.

يحق لنا، أن نصرخ بوجوب سرعة تنظيف إدارات الموارد البشرية في مستشفياتنا من كل موظف لا يحمل شهادة متخصصة «مديراً، أو صغيراً»، لأنها بوابة التوظيف، وتوزيع الكوادر، ففسادها «المعرفي، الإداري» ينعكس مباشرة على المريض، الطبيب، الممرض، حتى تورطنا بمزاج عام غير صحي، ورداءة في المحتوى الطبي، رغم مليارات الإنفاق.

هرب أطباء، أكفاء، رائعون ومبدعون من مستشفيات في مدننا الصغيرة والمتوسطة، وانهارت الجودة، تصاعدت أرقام الشكاوى، الضحايا، وصرخات غضب الشارع السعودي، بينما مدير الموارد البشرية مستمر بفرد ريش سيطرته على المنشأة، يشرب أقداح القهوة، وسكرها دماء تنزف، وأرواح ترهق.

يمتلك مدير الموارد البشرية السيطرة الكاملة على ترشيح واختيار القادم الجديد «الرديء غالباً»، وتطفيش القديم «الجيد غالباً»، بينما تكون مهمة مدير المستشفى، والمدير الطبي، التوقيع الأعمى.

يمتلك مدير الموارد البشرية أيضاً القدرة على تهشيم «الروح المعنوية» للطبيب، الممرض، التقني، والإداري، وبالتالي فمن لا يأخذ ما يستحق، لايعطي المريض ما يستحق، فلا الأطباء ملائكة - كما يقال-، ولا الألم زائل بمجرد دخولنا مستشفى.

بنينا المكان، وهدمنا الإنسان، وجلبنا أجهزة غالية الأثمان، بعضها بقيمة تعادل رواتب الكادر الطبي قاطبة لمدة عام، أو أعوام، ثم تركنا لرجل واحد معولاً يهدم فيه «وعود الدولة» وعلاقتها بالمواطن، فيروساً قاتلاً، يزأر كأسد، ويعمل كفأر، بل نار تأكل «الروح المعنوية» لكوادر أتت لتعمل، وليس لتحارب من أجل حيازة حقوقها، والأنكأ أننا نمنحه راتبا بدرجة مدير إدارة، ومميزات فارهة.

يجب الإسراع بتنفيذ مشروع وطني عاجل لتصحيح مسار «إدارات الموارد البشرية» في مستشفيات الحكومة «مدنية وعسكرية» والقطاع الخاص، يستند على طرد المتطفلين، غير الحاملين لشهادات متخصصة، أو ستستمر مستشفياتنا بيئات غير صالحة للعمل، وبالتالي نكتب عليها بوابات المقابر.