الآن يا حياة / وحياة الآن

فريدة صالح شطا

استضافت مؤسسة الفكر العربي في مؤتمرها السادس الذي انعقد في الفترة من 1 – 3 ديسمبر الماضي في المنامة بدولة البحرين أبرز الشخصيات العربية التي تمثل قيادات سياسية واقتصادية , علمية , اجتماعية وذلك لمناقشة التحديات الكبرى التي تواجه العالم العربي في عصر العولمة وامكانية وضع حلول جذرية للنهوض بالمجتمع العربي مع تحديد الطرق التي تخلق جيلاً من القادة لحمل الأمانة ومواصلة مسيرة التقدم والتطور وذلك ضمن خمسة محاور هي الإعلام والتقنية والبيئة والاستثمار والطاقة .
ومن الشخصيات التي حضرت المؤتمر ابنتنا العالمة د. حياة سندي والتي كتبت عنها وعدد من الكتاب الكثير , عن مسيرتها العلمية الرائعة منذ ذهابها إلى بريطانيا بعد حصولها على الثانوية العامة من المملكة حتى حصولها على الدكتوراه في أدوات القياس الكهرومغناطيسية والصوتية من جامعة كامبردج التي تعمل وتدرس فيها بعد حصولها على البكالوريوس مباشرة تقديراً لما قدمته من أبحاث ودراسات أثناء دراستها الجامعية . وهي إلى جانب ذلك عضو في معهد الأساتذة الملكي ببريطانيا وعالمة أبحاث أولى في مجال التقنية الحيوية في مركز أبحاث سلامير غز كامبردج , وعضو فخري في كلية العلوم الاحيائية والكيميائية بجامعة اكستر.
دعيت ضمن وفد ضم أفضل علماء العالم لحضور مؤتمر استشراف اتجاهات ومستقبل العلوم بأمريكا كما دعيت مع أبرز ثلاث عالمات في العالم بجامعة بيركلي , وقبل حصولها على الدكتوراه لإجراء اختبارات على المجس متعدد الاستخدامات الذي ابتكرته أثناء إعدادها لرسالة الدكتوراه .
تقيم الآن كعالم زائر في هارفارد جامعة كامبردج ماساشوتيس حيث تعمل ضمن فريق من العلماء في إدارة علم الكيمياء وعلم الأحياء الكيميائي واختيرت مع رئيس الشركة وعالمين آخرين لتأسيس شركة تعمل على أبحاث خاصة بالبترول والمياه , البيئة والصحة . وبالتأكيد لن أستطيع حصر انجازات هذه الابنة الغالية التي تلقيت بسعادة اتصالها الهاتفي ليلة وصولها إلى البحرين لحضور المؤتمر تخبرني بحضورها إلى جدة لرؤية أسرتها ولقضاء بعض الأيام مع الأهل والأصدقاء وكنت أكثر لهفة للقائها.. لمعرفة أخبارها خاصة وأنني كنت متابعة لجولاتها العديدة وزياراتها المتكررة للمملكة تطمئن خلالها على الأهل وتعقد اللقاءات وتطرق الأبواب لكي تؤسس المركز الذي تتوفر فيه الإمكانات والمناخ الذي يعينها على إجراء أبحاثها ودراساتها , لإنها مع ما وصلت إليه من مكانة علمية في الخارج وبرغم توفر كافة الإمكانات وما تتمتع به من حرية في العمل إلا أن الحنين إلى أهلها مع رغبتها في أن يكون مردود عملها عائداً لبلادها وناسها كانا يدفعانها لتكرار الزيارات مرة بعد الأخرى آملة أن يتحقق لها ما ترجوه . قلت لها وأنا مليئة بالبهجة والسعادة : أظن عودتك باتت وشيكة . قالت كيف ولماذا ؟ .. تعجبت من ردها.. قلت لها ألم تسمعي عن الصرح التعليمي الذي يشيد الآن " جامعة الملك عبد الله " إنها المكان والبيئة العلمية المناسبة تماماً والتي أعتقد أنها تحقق طموحك العلمي ورغبتك في العودة إلى وطنك .. قالت إنها لم تتلق أية دعوة حتى الآن !! اجبتها : إن الجامعة لا زالت في طور التأسيس ولابد أن اسمك سيكون ضمن الذين سيدعون للعمل في مركز أبحاث جامعة الملك عبد الله .. وقلت في نفسي .. لابد أن يكون هذا الوقت هو وقت حياة فمع وجود هذا الصرح العلمي الجبار .. ومع الميزانية الكبيرة التي خصصت للبحث العلمي فعودتها باتت ضرورية جدا.
إنني أرجو من كل مسؤول في جامعة الملك عبد الله أو في مجالات البحوث التي خصصت لها هذه الميزانية الضخمة أن تكون حياة سندي ضمن مؤسسي هذه المراكز والعاملين فيها وليست حياة وحدها هي من ننادي باستقطابها.. فمراكز البحوث العالمية تزخر بالعديد من ابنائنا النابغين , وكما ذكرت لي حياة في اللقاء الأخير فهناك أكثر من عشرة طلاب وطالبات سعوديين في هارفارد وحدها يشار إليهم بالبنان لنبوغهم وتفوقهم العلمي .
ندائي للمسؤولين باستقطاب علمائنا من الخارج وندائي لابنائنا .. لبوا النداء وعودوا إلى بلادكم. وأقول لحياة إنني متفائلة, وقد يكون التأخير في عدم توفيقك في المرات السابقة لتحقيق حلمك أمرا أراده الله حتى الآن لتجدي ما تصبين إليه متحققاً في مراكز أبحاث جامعة الملك عبد الله مع توفر الإمكانات المالية الضخمة للبحث العلمي.
وإنني ممن يتفاءلون بالأيام المباركة , وهل أولى من مناسبة عام هجري جديد؟!
وأقول لها الآن وللمسؤولين : هذا اوان حياة.