اقتصاد

هل يشفع الحد الأدنى في حل معضلة فواتير المياه؟

فضل البوعينين

فضل البوعينين

قد تتفاجأ اللجنة الإشرافية المعنية برفع تقاريرها إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بحجم القضايا المعلقة في قطاع المياه، الذي سبقت إجراءات خصخصته القطاعات الأخرى، إضافة إلى التحديات الواجب معالجتها لاستكمال متطلبات الخصخصة.

وهنا تجدر الإشارة إلى ثلاثة تحديات مختلفة؛ التحدي الأول يرتبط بأهمية المياه وضرورتها للحياة؛ ما يعني استحالة تركها للمعادلات الربحية، وارتهان أمرها للقطاع الخاص، ومثال على ذلك الدراسة الأولية التي بنيت عليها التعرفة الأخيرة، التي جاءت بنتائج سلبية كان سببها الرئيسي الاعتماد على مزودي الخدمة ومنتجي المياه لتقديم آلية مناسبة للتسعير.

أما التحدي الثاني فيرتبط بتعرفة المياه المعتمدة وشرائحها، التي أثبتت الأيام خلال تطبيقها بعد تضخم فواتير الاستهلاك ووصول بعضها إلى أرقام كبيرة، أن خلل تطبيق التعرفة الجديدة مرتبط بالشرائح التي تقلصت شريحتها الأولى والثانية من 100 مترمكعب شهريا إلى 30 مترا مكعبا.

في حين تشكل «فواتير الاستهلاك المعلقة» التحدي الثالث الذي لا يمكن تجاوزه، فتسوية الالتزامات المالية من أهم متطلبات الخصخصة، ومديونية المستهلكين لا يمكن تسويتها لضخامة حجمها وافتقار بعضها لكثير من الدقة، كما أن جدولة مديونية المستهلكين أو الضغط عليهم من خلال إدراج أسمائهم في «سمة» لن يسهم في سدادها لضعف ملاءتهم المالية.

إلا أنه يفترض أن تكون المعالجة الفورية لمشكلة التعرفة والشرائح، وفواتير المياه المعلقة من الأولويات؛ نظرا لحساسيتها وتأثيرها المباشر على جميع المواطنين.

ويمكن معالجة ملف التعرفة من خلال زيادة حجم الشريحة الأولى إلى 30 مترا مكعبا بدلا من 15 مترا مكعبا، والثانية إلى 20 مترا مكعبا بدلا من 15 مترا مكعبا؛ لضمان الترشيد وعدالة التسعير في آن واحد، ويمكن الاستعاضة عن التعرفة بربط فاتورة المياه بالكهرباء، بحيث تقدر قيمة استهلاك المياه بنسبة محددة من استهلاك الكهرباء مع حد أدنى للفاتورة فتكون العلاقة طردية بين استهلاك المياه والكهرباء.

ويمكن لهذه الآلية أن تعالج مشكلة التسعير وقراءة العدادات، وتوزيع قيمة الاستهلاك على وحدات المبنى بعدالة، وضمان التحصيل الفوري، وتحقيق وفر مالي بالاستغناء عن عدادات المياه، والقراء، والقوى البشرية والإدارية والتنظيمية المرتبطة بها.

أما الفواتير المعلقة فتعالج بشطب مديونياتها المتراكمة منذ تاريخ رفع التعرفة، إما لخطأ التطبيق من جهة أو عدم قدرة المواطنين على سدادها من جهة أخرى.