المصلون يؤدون صلاة عيد الأضحى في أنحاء المملكة
الجمعة / 10 / ذو الحجة / 1438 هـ الجمعة 01 سبتمبر 2017 08:29
واس (الرياض)
أدى المصلون صباح اليوم (الجمعة)، صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وفي مختلف أنحاء المملكة، وسط أجواء آمنة مطمئنة مفعمة بالخشوع لله سبحانه وتعالى في هذا اليوم الفضيل.
ففي مكة المكرمة، أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد الحرام، حيث أمهم فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، الذي أوصى المسلمين بتقوى الله تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى ، وَحْفَظُ أَوَامِرَهُ وَتعَظِّيم حُرُمَاتِهِ وَشَعَائِرَهُ ، (( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى , وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )).
وقال في خطبة العيد التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : "أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ، حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ : مُبَارَكٌ عَلَيكُمْ هَذَا الْعِيدُ ، وَحَبَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِيَوْمِ الْمَزِيدِ ، وَأَعَادَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْنٍ وَأمَانٍ ، وَرَخَاءٍ وَإِيمَانٍ".
وأضاف يقول أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : الْعِيدُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ، نَلْهَجُ فِيهِ بِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ ، وَنُظْهِرُ الْفَرَحَ بِنِعْمَتِهِ إِنَّه تَعَاطُفٌ وَمَحَبَّةٌ ، وَتُوَادٌّ وَرَحْمَةٌ ، وَنُفُوسٌ مُتَسَامِحَةٌ ، وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ , فَاهْنَأُوْا بِعِيدِكُمْ ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، فَصِلَتُهُمْ بَرَكَةٌ فِي الرِّزْقِ ، وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ، وَتَوْفِيقٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِي الْأُخْرَى ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)), فَاللــَّـهَ اللــَّـهَ يَا عَبْدَ اللهِ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ.
وخاطب حجاج بيت الله قائلا حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ: إِنَّ هَذَا اليَوْمَ العَظِيمَ، هُوَ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "يَوْمُ عَرَفَةَ، مُقَدِّمَةٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ يَكُونُ الْوُقُوفُ وَالتَّضَرُّعُ وَالتَّوْبَةُ، وَالِابْتِهَالُ وَالِاسْتِقَالَةُ، ثُمَّ يَوْمُ النَّحْرِ تَكُونُ الْوِفَادَةُ وَالزِّيَارَةُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ طَوَافُهُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ طَهُرُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَبُّهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ فِي زِيَارَتِهِ، وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَلِهَذَا كَانَ فِيهِ ذَبْحُ الْقَرَابِينِ، وَحَلْقُ الرُّؤُوسِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَمُعْظَمُ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَعَمَلُ يَوْمِ عَرَفَةَ، كَالطُّهُورِ وَالِاغْتِسَالِ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْيَوْمِ". (( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)).
وأوضح أن الْوَاجِبُ عَلَي الْحَاجُّ ، بَعْدَ أَنْ وَقَفْتَ بِعَرَفَةَ، وَبِتَّ بِمُزْدَلِفَةَ، أَنْ تَبِيتَ لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِمِنىً، اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأيَّامُ التَّشْرِيقِ ، هِيَ الَّتِي عَنَاهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ))، وَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )). فَاشْكُرُوْا اللهَ عِبَادَ اللَّهِ ، أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذِهِ الْأَيَّامَ الْمُبَارَكَةَ ، وَأَكْثِرُوْا فِيهَا مِنْ ذِكْرِهِ وَتَكْبِيرِهِ ، اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاقْتِدَاءً بِالصَّحْبِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأرْضَاهُمْ فَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا.
وبين الشيخ المعيقلي انه كَمْ فِي الْحَجِّ مِنْ مَشَاهِدَ جَلِيلَةٍ ، وَآيَاتٍ عَظِيمَةٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ أَظْهَرُ فِيهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَأَعْمَالُ الْحَجِّ كُلُّهَا تَبْدَأُ بِتَوْحِيدِ اللهِ، وَتُخْتَمُ بِتَوْحِيدِهِ ، قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : عَنْ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وأبان أن في الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ تَوْحِيدٌ ، بَلْ مَا رُفِعْتِ الْكَعْبَةُ إِلَّا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، ((وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا.))، وَلَمَّا صَعَدَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَلَى جَبَلِ الصَّفَا ، لِيَسْعَى بَيْنَهُ وَبينَ وَالْمَروَةِ دَعَا بِالتَّوْحِيدِ فَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ". رَواهُ مُسلم.
وَكُلُّ الْعِبَادَاتِ مِنْ صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، مَدَارُهَا عَلَى التَّوْحِيدِ ، ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )).
وقال فضيلته معاشر المؤمنين: إِنَّ أَعْظَمَ الشُّرُورِ وَالْبَلَايَا، الَّتِي أَصَابَتْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَتْ بِسَبَبِ ضَعْفِ التَّوْحِيْدِ فِي النُّفُوْسِ ، وَاْنْتِشَارِ الْبِدَعِ وَالضَّلاَلَاتِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَاْتِّخَاذِ الْوُسَطَاءِ وَالشُّفَعَاءِ، وَالْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ، (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ))، وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ، مِنْ حَدِيْثِ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )).
وأردف يقول أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ : إِنَّ السَّلَامَ مِنْ أَعْظَمِ مَظَاهِرِ الْحَجِّ، فَتَرَىْ الْمُحْرِمَ مُنْذُ أَنْ يَدْخُلَ فِي النُّسُكِ، فَهُوَ فِي سَلَامٍ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ صَيْدًا، وَلَا يُعِيْنُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مَا صِيْدَ مِنْ أَجْلِهِ ، ثُمَّ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ ، جَمَعَ بَيْنَ سَلَامِ الْإِحْرَامِ، وَسَلَامِ الْحَرَمِ ، فَالحَرَمُ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ، وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الفَتْحِ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلَّا سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ".
وَإِذَا نَظَرْنَا مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَظَاهِرِ السَّلَامِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا تَعمُ هَذِهِ الْمَحْظُورَاتِ الْمَادِّيَّةَ ، وَكَذَلِكَ أَقْوَالَ النَّاسِ وَأَفْعَالَهُمْ، واللهُ تعالى يَقولُ في مُحكَمِ تَنزِيله : (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )). وَلِذَلِكَ نَجِدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي حَجِّهِ ، يَحثُ النَاسَ على الرفقِ واللين، حِرْصَاً مِنْهُ صلى الله عليه وسلمَ على سَلامَتِهمْ وَأَمْنِهِم، وَتذكيراً مِنْهُ بِمَبَادِئِ السَلامِ الأَصِيلَةِ فِي الحَجِ، فَلَمَّا رآهُمْ عِنْدَ الْجَمرَاتِ ، وَهُمْ فِي زِحَامٍ وَتَدَافُعٍ شَدِيْدٍ، قَالَ: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ، فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ)), رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وأكد أنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ دِيْنُ السَّلَامِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيُّ السَّلَامِ، وَاللهُ جَلَّ جَلَالُهُ هُوَ السَّلَامُ، وَيَدْعُوْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ, (( وَاللَّهُ يَدْعُوْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )), لِذَلِكَ حَرِصَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى تَرْسِيْخِ هَذَا الْمَبْدَأِ الْعَظِيْمِ فِي قُلُوْبِ أُمَّتِهِ ، لِأَنَّ فِيْهِ وَحْدَتَهُمْ وَتَآلُفَهُمْ، وَعِزَّهُمْ وَقُوَّتَهُمْ . فَعَنْ أَبِيْ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَفْشُوْا السَّلَامَ كَيْ تَعْلُوْا ))، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بإِسْنَادٍ حَسَن. أَيْ: لِكَيْ يَرْتَفِعَ شَأْنُكُمْ، فَتَكُوْنُوْا فِي مَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام أُمَّةَ الْإِسْلَامِ : فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ ، قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيْبًا في الناس، فِي هذهِ المشاعرِ المقدسةِ، فَوَدَّعَ أَصْحَابَهُ، وَأَرْسَى قَوَاعِدَ الدِّيْنِ وَكَمَالَ الشَّرِيْعَةِ، وَبينَ تَمَامَ النِّعْمَةِ ، وأُنزِلَ اللهُ عليهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) فَقَرَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبِهِ التَّوْحِيْدَ ، وَحِفْظَ النُّفُوْسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ ، وَأَلْغَى مَعَانِيَ الْعُنْصُرِيَّةِ ، فَرَبُنَا وَاحِد ، وَنَبيُنَا واحد، وكتَابُنَا واحد، وأصلُ خِلقَتِنَا واحد، (( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) وَحَثَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبِهِ الْأُمَّةَ، عَلَى تَوْحِيْدِ الصَّفِّ وَجَمِعِ الْكَلِمَةِ، وَنَبْذِ الْخِلاَفِ وَالْفُرْقَةِ، وَحَذَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنَ الرِّبَا ، وَكَانَ مِمَّا قَالَهُ عليهِ الصلاةُ والسلام: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟"، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟"، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟"، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ "، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ،لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) رَوَاهُ البُخَارِيُّ. أَمَا وَاللهِ فَقَدْ بَلَّغَ الشَّاهِدُ ، وَاْسْتَمَعَ الْغَائِبُ ، وَتَنَاقَلَتِ الْأُمَّةُ ، كَلِمَاتِ نَبِيِّهَا الْمُبَارَكَةَ، فَجَزَى اللهُ عَنَّا أَصْحَابَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، عَلى مَا نَصَرُوهُ وَآزَرُوهُ وَبلْغوا عَنْهُ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى .(( لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ )) إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اتِّبَاعُ تَوْجِيهَاتِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِتَتَحَقَّقَ السَّعَادَةُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلم ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (( ترَكتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوْا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كتابَ اللهِ)).
ومضى الشيخ المعيقلي يقول أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّكُمْ فِي يَوْمٍ عَظِيْمٍ ، تَتْلُوْهُ أيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ عَظِيمَةٌ ، فَأقْدِرُوهَا حَقَ قَدْرِهَا، وأعْمِرُوهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ ، وَأَكْثِرُوْا فِيهَا مِنْ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ ، (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) , وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ الْأعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ، التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَبْحِ الْهَدْيِ وَالأَضَاحِيْ ، سُنَّةِ أَبِيْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلَامُ ، وَمَا عَمِلَ اْبْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِرَاقَةِ دَمٍ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، أَنْ يَخْتَارَ لِأُضْحِيَتِهِ أَطْيَبَهَا وَأَفْضَلَهَا وَأَسْمَنَهَا وَأَكْرَمَهَا ، فَاخْتَارُوْا لِأَنْفُسِكُمْ، تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ . وَيُجْزِئُ مِنَ الْإِبِلِ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ ، وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَمِنَ الْمَعْزِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ ، وَلَا تُجْزِئُ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَلَا الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَلَا الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَلَا الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي ، وَتُجْزِئُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ .وَأيَّامُ الذَّبْحِ أَرْبَعَةٌ : تَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ عَشَرَ ، وَالذَّبْحُ فِي النَّهَارِ أَفْضَلُ مِنَ اللَّيْلِ ، وَهُوَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَه. وَمَنْ كَانَ يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَلْيَذْبَحْهَا بِنَفْسِهِ ، وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ. وَالسُّنَّةُ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُ مِنْ أُضْحِيَتِهِ، وَيُهْدِيَ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ، فَبَادِرُوْا إِلَى سُنَّةِ رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَطِيْبُوْا بِهَا نَفْسًا ، وَاشْكُرُوا اللهَ عَلى تَوفِيقِهِ لَكُمْ، وَكَبِرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ، ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ )).
وأوضح أنه : لَمْ يُغَادِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْبِقَاعَ الطَّاهِرَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، إِلَّا وَقَدْ أَوْصَى بِالنِسَاءِ خَيْرَاً ، وَإنَ حُقُوقَ المرأةِ يا عبادَ الله وَحُرِّيَّتَهَا وَكَرَامَتَهَا ، كُلُ ذَلِكَ مما ضَمِنَهُ لَهَا الإسْلاَم، بَعْدَ أَنْ أَعْلَى شَأْنَهَا وَحَفِظَ مَكَانَتَهَا ، وَجَعَلَهَا شَقِيقَةَ الرَّجُل ، فَإِنْ كَانَتْ أُمَّاً رَؤُوْمَاً ، فَبِرُّهَا مَقْرُوْنٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ الْأَبِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً ، فَقدْ قَالَ النَبِيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )). رَوَاهُ التِرمذيُ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا أَوْ أُخْتًا،فَقدْ رَتَّبَ الْأَجْرَ الْجَزِيْلَ عَلَى مَنْ عَالَهُنَّ وَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُنَّ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ ثَلَاثُ بَنَاتٍ،أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأدَبِ الْمُفْرَدِ .
وواصل خطبته قائلا أُمَّةَ الْإِسْلَامِ : هَا هُمْ ضُيُوفُ الرَّحْمَنِ، فِي مَشْهَدٍ مَهِيبٍ ، تُضِيءُ بِهِمْ الْمَشَاعِرُ الْمُقَدَّسَةُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْلِقُ أَو يُقَصِّرُ رَأْسَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْبَحُ هَدْيَهُ ، فِي يُسْرٍ وَسُهُوْلَةٍ وَاطْمِئْنَانٍ، وَأَمْنٍ وَأمَانٍ، وَذَلِكَ بِفَضْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوَّلًا وَآخِرًا، ثُمَّ بِجُهُودِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ ، الَّتِي جَعَلَتْ مِنْ أَهَمِّ أَوْلَوِيَّاتِهَا ، خِدْمَةَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَقَاصِدِيِهِمَا ، لِيَكُونَ الْبَيْتُ الْمُعَظَّمُ، كَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى، مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ، فَمِنْ مِنْبَرِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ وَالْجُمُعَةِ، أَحَبِّ أَيَّامِ اللهِ إِلَى اللهِ، وبين الدكتور ماهر المعيقلي أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ عِيدَانِ : عِيدُ الْأَضْحَى وَعِيدُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، لِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُوْنَ )). ودعا حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ إلى شكر اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا هَيَّأَ لَهمْ وَيَسَّرَ ، مِنْ أَدَاءِ هَذَا الرُّكْنِ الْمُعَظَّمِ ، بِأَمْنٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَلَامٍ ، وَالحْرِصُ عَلَى أَدَاءِ مَا تَبَقَّى مِنْ مَنَاسِكِ الحَجِّ ، كَمَا شَرَعَ لَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَشْعِرُوْا مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ عِبَادَةٍ ، وَالْتَزِمُوْا بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ ، وَسَدِّدُوْا وَقَارِبُوْا، وَأَبْشِرُوْا وَأَمِّلُوْا ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ رَحِيمٌ عَفوٌ كَرِيمٌ، جَعَلَ اللهُ حَجَّكُمْ مَبْرُوْرًا ، وَسَعْيَكُمْ مَشْكُوْرًا، وَذَنْبَكُمْ مَغْفُوْرًا.
وفي المدينة المنورة، أدى جموع المسلمين صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد النبوي يتقدمهم الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وأم المصلين إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم.
وعقب الصلاة ألقى فضيلته خطبة العيد أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عزوجل، وقال: "عاش الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في جاهلية وظلال يعبدون الاشجار والاحجار ويدعون من دون الله مالا ينفعهم ولايضرهم، حتى طمست معالم الدين وانتكست الفطر، كانوا حيارى في أمورهم، الشئم والتطير طابع حياتهم، ولا غاية نبيلة لهم، يقتل بعضهم بعضاً وتستعر الحروب لأجل خيل أو ناقه ،لا شريعة تحكمهم فيأكلون ويأتون الفواحش ويشربون الدم والخمر ويطوفون البيت عراة يقتلون أولادهم خوف الفقر ويدفنون بناتهم خشيت العار، فبعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فشع نور الإسلام وانقشع الظلام واشرقت الارض بنور الهدى والبينات، وبه خرج الناس من الظلمات إلى النور.
وأوضح أن أعظم نعمة أنعم الله بها على عبادة هي الإسلام، وليس لله في الأرض دين حق سواه قال سبحانه: (إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ), هو سبيل الله وصراطه المستقيم رضيه لعباده, لايقبل الله من الحلق دينا سواه لقوله تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)، ولايحب سبحانه من الاديان الا الإسلام ولا يدخل احد الجنة الا من كان من أهل الإسلام .
وبين أن أصل الإسلام ونبراسه كتاب محكم مفصل شامل لجميع أمور الدنيا والدين جامع لكل ما يحتاجه البشرية، دين الاسلام دين هاد لجميع الخلق صالح لكل الأجيال سهل لجميع الناس لا يختص بلون أو جنس ولا زمان أو مكان رحمة لجميع البشر، وسط في عقائده وعباداته ومعاملاته وأخلاقه فلا إفراط فيه ولا تفريط ولا علو ولا جفاء.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: "إن دين الإسلام أزكى الأديان عقيدة وشريعة جمع بين حقوق الخلق والخالق، قام على أسس وقواعد له ثلاث مراتب الإسلام والإيمان والإحسان، ولكل مرتبة أركان، فالشهادتان ركن الإسلام الأعظم وهما دليله وبرهانه وفيهما الإخلاص لله والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم، والصلاة عامود الدين وصلة بين العبد وربه، وفي الزكاة طهارة المال والنفس، والصيام يهذب النفوس ويزكيها، والحج فريضة في العمر مرة وبه يظهر الاستسلام وتحقيق العبودية، وحقيقة الإيمان تصديق الغيب مع امن، والإحسان عبادة الله عن كمال إخلاص ومراقبة وأصل دين الاسلام وعبودية الله وتوحيده".
وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم، أن الإسلام كرم الأنسان وشرفه وفضله واستوفى الحقوق وأهلها وشرع بين العباد ما فيه صلاح معاشهم، فأمر ببر الوالدين وصلة الرحم ورعاية الذرية وإصلاحها والإحسان للجيران والضعفاء واحترام الكبير ورحمة الصغير، وأكرم المرأه وحمى عرضها وجعل لها حقوقا ودفع ظلم الجاهلية عنها، مشيراً إلى أن من الوفاء في الإسلام حب نقلة هذا الدين من الصحابة ومن بعدهم من التابعين، ومن محاسنه إنزال الكبار منزلهم فدعى لتوقير العلماء والرجوع إليهم، وأمر بالنصيحة لولاة الأمر وطاعتهم بالمعروف والدعاء لهم، ويقدر لحماة الدين ومقدساتهم قدرهم.
وفي مدينة الرياض، أدى الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين في جامع الإمام تركي بن عبدالله.
وأمَّ الصلاة عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي استهل خطبته بالحمد والثناء لله عزَّ وجلَّ على ما يسّره لعباده من حج بيته الحرام في أمن وأمان واطمئنان، مشيراً إلى فضل التقرب إلى الله عز وجل في يوم النحر بالأضاحي وتحقيق التوحيد الخالص للرب سبحانه وتعالى واتباع سنة الأنبياء إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، داعياً إلى تقوى الله عزَّ وجلَّ والعمل على الطاعة واجتناب النواهي والبر والأحسان وعمل الصالحات من الأعمال.
وختم آل شيخ خطبته بدعاء الله تعالى أن يحفظ بلادنا من سوء وأن يديم عليها عزِّها بدين الإسلام تحت راية التوحيد وأن يحفظ بلاد المسلمين كافة من كل شر.
وفي منطقة جازان، أدى المسلمون صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان بالنيابة، وذلك بجامع خادم الحرمين الشريفين في مدينة جيزان.
وأمّ المصلين رئيس محكمة الاستئناف بجازان الشيخ علي بن شيبان العامري، الذي دعا المسلمين إلى تقوى الله عز وجل في السر والعلن والمحافظة على الصلوات في أوقاتها وإخراج الزكاة والمداومة على فعل الطاعات والأعمال الصالحة ، وأشار إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية التي تُعد من أعظم ما يتقرب به المسلم في هذا اليوم المبارك بعد خروجه من المصلى، إحياءاً لسنة الخليل إبراهيم عليه السلام وإتباعا لسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، مبينًا الشروط الواجب توافرها في الأضاحى من حيث الصحة والسن ووقت الذبح أو النحر وبقية الشروط المتعلقة بصحة إخراجها وقبولها.
وحث المصلين على زيارة الأقارب وصلة الأرحام والبر بالوالدين والإكثار من التسبيح والاستغفار لله عز وجل.
واختتم العامري خطبته بدعاء اللـــَّه تعالى أن يحفظ بلادنا من شر الأشرار وكيد الكائدين ، وأن يديم عليها عزها بدين الإسلام وتحت راية التوحيد ، وأن يحفظ بلاد المسلمين من كل شر .
كما أقيمت صلاة عيد الأضحى المبارك في جميع محافظات ومراكز وقرى وهجر منطقة جازان .
وفي منطقة عسير، أدى المصلون صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، وذلك في مصلى العيد الكبير بأبها بطريق آل يوسف.
وأم المصلين الدكتور عبدالله بن محمد بن حميد الذي استهل خطبته بالتهليل والتكبير لله سبحانه وتعالى، الذي شرع لعباده المؤمنين عيدا يذكرونه فيه ويشكرونه على فضله وإحسانه.
وقال الدكتور بن حميد: "إن من دلائل الحضارات وازدهارها ونمائها وأعمارها هو الاعتصام بالوحدة الدينية، مشيراً إلى أن تيارات التشتت والتفرق والغلو والتطرف لا يدفعها إلا الوحدة والتلاحم والترابط والتراحم وتقديم مصلحة البلاد على هوى النفوس".
وأفاد أن المسلم الصالح يقتضيه صلاحه الوفاء لبلاده وصونها عن الفتن والصدق في السر والعلن وأن يتحلى بثقافة الحوار والائتلاف والترابط والبعد عن الانقسام والاختلاف وتجنب التعصب والنعرات، مؤكدًا في خطبته أنه من حق الوطن أن نسعى لتحقيق مصالحه ودرء المفاسد عنه.
وتناول في خطبته مشروعية الأضحية وفضلها وشروطها، داعياً المسلمين إلى تقوى الله وصلة الأرحام وتفقد أحوال اليتامى والمساكين والمحافظة على ما تنعم به بلادنا من نعمة الأمن والأمان ووحدة الكلمة.
أما في منطقة نجران، فقد أدى المسلون صلاة عيد الأضحى المبارك بمصلى العيد بمدينة نجران، يتقدمهم جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران.
وأم المصلين فضيلة رئيس المحكمة العامة بمنطقة نجران الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل طالب، الذي حمد الله واثنى عليه على ما أنعم به على عباده من نعم لاتعد ولا تحصى.
وأوصى المسلمين بتقوى الله في السر والعلن وفعل الخيرات واجتناب المنكرات والعمل على المداومة على الطاعات والمحافظة على الصلوات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلة الارحام وبر الوالدين والبعد عن البغضاء والحسد للفوز بالجنة والنجاة من النار.
وقال آل طالب: "لقد كان في حج النبي صلى الله عليه وسلم عبر ومواعظ وحكم وأحكام أرسى بها قواعد الدين ومبادئ العمل، خطب الناس وودعهم بعد استقرار الشريعة وكمال الدين وتمام النعمة، فقرر التوحيد وألغى معاني الطبقية والعنصريات وقرر حقوق المرأة ونبذ الربا وحفظ النفوس والأموال والأعراض، وحري بالمسلمين أن يستلهموا من توجيهات نبيهم أرقى المبادئ وأقوم السبل"، مفيدًا أن الإسلام دين البشارة والرحمة وأركان الإسلام كفارة للخطايا فمن لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة.
وأبان أن من أفضل الطاعات وأجل القربات في هذه الأيام التقرب إلى الله تعالى بذبح الهدايا والأضاحي، وما عمل أبن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من اراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وأن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، مبينًا أنه يسن لمن أراد أن يضحي أن يختار من الأبل أو البقر أو الغنم أطيبها وأن يجتنب ما كان فيه عيب منها.
وسأل رئيس المحكمة العامة بمنطقة نجران في ختام الخطبة الله أن يجمع كلمة المسلمين ويديم على وطننا نعمه الأمن والاستقرار ويوفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين إلى ما فيه الخير.
كما أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك في جامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بالدمام ، يتقدمهم الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية ، والأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة الشرقية.
وأم المصلين نائب رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة الشرقية الشيخ يوسف العفالق، والذى أوصى المصلين بتقوى الله وطاعته في السر والعلن والإلتزام بتعاليم الدين الإسلامي السمحة والتمسك بسنة نبيه.
وأبرز عظمة الركن الخامس وفضله ومنافعه على جميع المسلمين الذين أتوا مهللين مسبحين ملبين دعوة الله تسودهم الرحمة والسكينة ليقضوا تفثهم ويوفوا نذورهم ويطوفوا بالبيت العتيق ويذكروا الله في أيام معلومات ، مبيناً فضل الأضحية وشروطها ومالها من فضل عظيم.
وفي ختام خطبته أوصى المصلين بالتعاون على البر والتقوى وفعل الخيرات والبعد عن المنكرات والمحافظة على الصلوات ومحاربة الفتن التي يستفيد منها اعداء الاسلام والمسلمين وأن يجعلوا من هذا العيد مناسبة لصلة الرحم والتآلف بين المسلمين ، سائلاً الله أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها وأن يحفظ إمامها وأن يتقبل من حجاج بيت الله الحرام حجهم.
وفي مدينة بريدة، أدى الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم مع جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك، وذلك في مصلى العيد الشمالي بمدينة بريدة.
وقد أم المصلين قاضي محكمة الاستئناف فضيلة الشيخ سليمان الربعي، الذي استهل خطبته بالتكبير والتهليل وحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه الدائمة التي شرعها الله لعبادة وسخرها لهم، موصياً المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والعمل على طاعته واجتناباً لنواهيه، داعياً إلى الإيمان بالله والصبر على كل ما يمر به الإنسان من منازل الدنيا احتساباً عند الله وأن الشكر والحمد لله على ما سخر المولى عز وجل من خير ونعم.
وأشار الربعي إلى فضل هذا اليوم المبارك الذي ينحر فيه المسلمين أضاحيهم تقرباً إلى الله وتحقيقاً للتوحيد الخالص لله عز وجل وإتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يعيده على أمتنا الإسلامية وهي تنعم بكل خير وعز وتمكين لخدمة الإسلام والمسلمين حجاج بيت الله الحرام الذي سخرت له حكومتنا الرشيدة جميع الإمكانيات والقدرات لراحتهم وخدمتهم.
وفي مدينة تبوك، أدى الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك مع جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك في مصلى العيدين بمدينة تبوك.
وأمّ المصلين رئيس محكمة الاستئناف بتبوك إمام وخطيب جامع الوالدين الشيخ أحمد بن حفير الحفير، الذي استهل خطبته بحمد الله والثناء عليه وبيان فضل هذا العيد لموافقته يوم جمعة فإجتمع عيدان في يوم مبارك مستشهداً بقول نبينا صلى الله عليه وسلم : إن خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخِل الجنة، وفيه أخرِج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم جمعة .
وأشار إلى أن هذا اليوم يوم العج والثج ، فالحجاج يعجون بالتلبية والمقيمون يعجون بالتكبير والحجاج يذبحون الهدي والقرابين وأهل الأمصار يذبحون الأضاحي وهذا هو الثج، فيا لكرم الله بهذه الأعمال الفاضلة والمناسك المباركة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الحج أفضل ؟ قال : ( العج والثج ) رواه الترمذي وصححه الألباني، فهذا يوم الحج الأكبر الذي تتحقق فيه العبودية وتتجلى فيه الوحدة الإسلامية ويتبارى المكلفون فيه بالطاعات والقربات والقرابين والأضحيات ، والزيارات والصلات فهنيئاً للحاج وقوفه بعرفة والمبيت بمزدلفة ورميه للجمار وحلقه وتقصيره وتلبيته وتكبيره وإتمام النسك بطواف البيت العتيق : {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } , وهنيئاً لكم يا أهل الأمصار صوم عرفة وصلاة العيد وذبح الأضاحي {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } .
وحث جموع المصلين على التقرب إلى الله عز وجل وتعظيم شعيرة الأضحية والاقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مقدماً أحكامها وضوابطها وعليكم استحسانها واستسمانها وليطب بها نفساً فإنها تقع عند الله بمكان، واعلموا أنه ماعمل أحد يوم العيد عملاً أفضل من إراقة الدم تقرباً لله وتعبداً قال صلى الله عليه وسلم : ( ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وأن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فيطيبوا بها نفسا ) رواه الترمذي .
ودعا الشيخ الحفير المصلين قائلاً : افرحوا وامرحوا ووسعوا على أنفسكم وأولادكم واضبطوا الفرحة بضوابط الشرع فلا إسراف ولا بغي أو تجاوز فالبسوا جديداُ وكلوا رغيداً واستغلوا عيدكم بالمدخلات الإيجابية والمسحات الجميلة فزوروا مريضاً وصلوا رحماً، ووقروا كبيراً وارحموا صغيراً وامسحوا على رأس اليتيم وقبلوه وأقبلوا على الفقير وواسوه وتناسوا خلافاتكم واغفروا زلات إخوانكم ،وردوا المظالم واستغلوا المغانم ، والله الله في العفو والتنازل فما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، واعرفوا نعمة الله عليكم في الصحة والعافية والأمن والطمأنينة واتقوا الشح فإنما أهلك من قبلكم ، فتصدقوا وتهادوا، ولا تنسوا الفضل بينكم وخصوصاً مع أزواجكم وإخوانكم وجيرانكم واملوا في عفو الله وفضله وتعرضوا لنفحاته ترشدوا.
كما أديت صلاة عيد الأضحى المبارك في 185 جامعًا و 8 مصليات للعيد في مدينة تبوك وضواحيها والمحافظات والمراكز والهجر والقرى التابعة لمنطقة تبوك.
فيما أدى جموع المصلين في منطقة الباحة صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم وكيل إمارة الباحة الدكتور حامد بن مالح الشمري، وذلك بجامع الملك فهد بمدينة الباحة.
وأم المصلين فضيلة رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الباحة الشيخ عبدالله بن أحمد القرني، الذي حمد الله في بداية خطبته على ما من به على حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسكهم بكل يسر وسهوله، موصياً المصلين بتقوى الله وطاعته في السر والعلن والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي السمحة والتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مبيناً عظمة الركن الخامس وفضله ومنافعه على جميع المسلمين الذين أتوا مهللين مُكبرين ملبين دعوة الله تسودهم الرحمة والسكينة.
وقال فضيلته: "في هذا اليوم العظيم من أيام الله يوم الحج الأكبر يواصل حجاج بيت الله الحرام إكمال مشاعر حجهم في يسر وسهولة وأمان بإذن الله تعالى، مستشعرين ما يجدونه من رعاية واهتمام من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإننا لنستشعر معهم ما يقدمه ولاة أمرنا رعاهم الله ورجال أمننا وجميع قطاعات بلادنا الحكومية ذات العلاقة بالحجيج، كلٌ فيما يخصه من خدمات وتسهيلات وجهود بإشراف وبتوجيهات واهتمام القيادة العليا لبلادنا"، مؤكدًا أن ما يشهده الحرمين الشريفين والمواقيت من توسعة له أكبر الأثر على حجاج بيت الله الحرام في تسهيل أدائهم لهذه الشعيرة العظيمة حج بيت الله الحرام الركن الخامس من أركان الإسلام العظام.
وحذر القرني من الانجراف وراء النفوس والألسنة الحاقدة المغرضة على هذه البلاد المتنكرين لجهودها في خدمة الإسلام وحجاج بيت الله الحرام، من خلال ما يروجونه ويلفقونه من أكاذيب واتهامات، منوهاً بالواقع الناصع بالخدمات والجهود والبذل والعطاء وتوسعة الحرمين وما يجده الحجاج من خدمات وتيسير وتسهيل الأمر الذي يكذب ويرد على كل حاقد وحاسد وكاذب لهذه البلاد.
وبين أهمية الأضاحي وأنواعها وشروطها وأفضلها ووقتها ومالها من أجر كبير عند الله سبحانه وتعالى، داعياً إلى التسامح وصلة الرحم والتقرب إلى الله بالأعمال الفاضلة في هذه الأيام وأحياء سنة التكبير خلال أيام التشريق وذلك اقتداءً بسنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأكد على الشباب أهمية الابتعاد من مضلات الفتن وعن الذين يروجون لهم ليكونوا هدفاً سهلاً لمخططاتهم ضد دينهم وبلادهم وعقيدتهم ومقدساتهم وأهلهم وذويهم، حاثاً في الوقت نفسه الآباء بأن يراعوا أبنائهم الذين هم أمانة في أعناقهم، وأن يقوموا لهم بحق الرعاية والنصح والأمانة المناصحة والإرشاد والتوجيه، موصياً نساء المؤمنين بوجوب المحافظة على الحجاب الذي هو عزها وشرفها وصيانتها وأن تقوم بدورها في بيتها في رعاية بيتها وأولادها وطاعة زوجها، حاثاً جميع أفراد المجتمع كل في موقعه بمراعاة الأمانة التي وكل بها وأن يؤديها كما يرضى الله عز وجل.
ونوه الشيخ القرني في خطبته بجهود رجال الأمن الذين يعملون على أداء أمانة حفظ الأمن، داعياً الله سبحانه وتعالى لرجالنا البواسل في الجبهة وعلى ثغور البلاد حراس العقيدة والمقدسات المجاهدون المرابطون على الثغور بالتوفيق والنصر، وأن يسدد رميهم ويقوي عزائمهم وثبت أقدامهم وأن يتقبل شهيدهم ويشف جريحهم ويخلفهم في أهلهم بخير وتوفيق وصلاح ورعاية.
وفي ختام خطبته، سأل الله عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على الأمتين العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات، وأن يحفظ هذه البلاد وأن يدم عليها أمنها واستقرارها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولي عهده الأمين.
كما أدى جموع المصلين بمدينة حائل صلاة عيد الأضحى المبارك بجامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - يتقدمهم الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أمير منطقة حائل.
وقد أم المصلين مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة حائل فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم العجيمي، الذي تحدث عن فضل يوم العيد وبما نحن عليه من نعم وسبب ذلك.
وبين الشيخ العجيمي خلال الخطبة، حرص الدولة على تحقيق مقاصد الحج، التي منها توحيد الله تعالى وإقامة ذكره وتصحيح الاعتقاد والتعبد وتحقيق التقوى وتعميق معنى العبودية لله بالإضافة الى المقاصد ألأخلاقية.
وتحدث عن المسلم وما يجب عليه فعله في عيد الاضحى بالإضافة إلى تذكير المسلمين بأهم أمور الدين وأصوله كما تحدث عن المرأة ما عليها من واجبات ومالها من حقوق حاثا النساء على تقوى الله، متناولاً الحكم الشرعي في اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد.
وقدم الشيخ العجيمي في نهاية الخطبة الشكر للمملكة العربية السعودية على جهودها الجبارة في خدمة ضيوف الرحمن، سائلاً الله أن يديم على الأمة الإسلامية أمنها واستقرارها وأن يحفظ دينها.
وفي مدينة عرعر أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى يتقدمهم الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية في مصلى العيد " بحي المحمدية ".
وقد أم المصلين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالعزيز أبا الخيل، الذي توجه بالشكر والحمد لله على أن مكن حجاج بيت الله الحرام من الوقوف بصعيد عرفات الطاهر في جو مفعم بالروحانية والإيمان تكلأهم عناية المولى في ظل ما وفرته وهيأته لهم حكومة خادم الحرمين الشريفين من إمكانات مادية وبشرية ومرافق خدمية عظيمة تم تسخيرها لخدمة ضيوف الرحمن ليتسنى لهم تأدية مناسكهم بيسر وطمأنينة.
ودعا الله أن يكتب هذه الأعمال الجليلة والجهود المباركة في موازين حسنات ولاة الأمر في هذه البلاد، وأن يمدهم بعونه وتوفيقه بما فيه خير الإسلام والمسلمين.
وسأل الشيخ أبا الخيل الله أن يتقبل من جميع الحجاج حجهم وأن يعودوا بلادهم سالمين غانمين وقد غفر الله لهم جميع الخطايا والذنوب.
وبيّن فضل يوم النحر مؤكداً ضرورة أن ينحر المسلم أضحيته متى ما كان قادراً عليها تأسيا بسنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، كما حث المسلمين على تقوى الله والعمل الصالح لما فيه من الأجر العظيم، مؤكداً على فضيلة صلة الأرحام وزيارة المرضى.
كما أديت صلاة عيد الأضحى المبارك في جميع محافظات ومراكز وقرى منطقة الحدود الشمالية.
أما في محافظة الأحساء، فقد أدى المصلون صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم الأمير بدر بن محمد بن عبدالله بن جلوى محافظ الأحساء، وذلك بمصلى العيد الكبير شرق الأستاذ الرياضي بالهفوف.
وأم المصلين رئيس المحكمة العامة بالأحساء الشيخ خالد بن أحمد محمد الطليحي، الذى دعا المسلمين إلى تقوى الله تعالى فى السر والعلن واتباع هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مبيناً الفضل الكبير لهذا اليوم المبارك وما يجب على المسلمين عمله فيه من الدعاء والتكبير والتهليل لله عز وجل وإحياء شعائره والمحافظة على الصلوات واخراج الزكاة وفعل الخيرات.
ففي مكة المكرمة، أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد الحرام، حيث أمهم فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، الذي أوصى المسلمين بتقوى الله تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى ، وَحْفَظُ أَوَامِرَهُ وَتعَظِّيم حُرُمَاتِهِ وَشَعَائِرَهُ ، (( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى , وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )).
وقال في خطبة العيد التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : "أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ، حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ : مُبَارَكٌ عَلَيكُمْ هَذَا الْعِيدُ ، وَحَبَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِيَوْمِ الْمَزِيدِ ، وَأَعَادَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْنٍ وَأمَانٍ ، وَرَخَاءٍ وَإِيمَانٍ".
وأضاف يقول أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : الْعِيدُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ، نَلْهَجُ فِيهِ بِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ ، وَنُظْهِرُ الْفَرَحَ بِنِعْمَتِهِ إِنَّه تَعَاطُفٌ وَمَحَبَّةٌ ، وَتُوَادٌّ وَرَحْمَةٌ ، وَنُفُوسٌ مُتَسَامِحَةٌ ، وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ , فَاهْنَأُوْا بِعِيدِكُمْ ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، فَصِلَتُهُمْ بَرَكَةٌ فِي الرِّزْقِ ، وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ، وَتَوْفِيقٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِي الْأُخْرَى ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)), فَاللــَّـهَ اللــَّـهَ يَا عَبْدَ اللهِ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ.
وخاطب حجاج بيت الله قائلا حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ: إِنَّ هَذَا اليَوْمَ العَظِيمَ، هُوَ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "يَوْمُ عَرَفَةَ، مُقَدِّمَةٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ يَكُونُ الْوُقُوفُ وَالتَّضَرُّعُ وَالتَّوْبَةُ، وَالِابْتِهَالُ وَالِاسْتِقَالَةُ، ثُمَّ يَوْمُ النَّحْرِ تَكُونُ الْوِفَادَةُ وَالزِّيَارَةُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ طَوَافُهُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ طَهُرُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَبُّهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ فِي زِيَارَتِهِ، وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَلِهَذَا كَانَ فِيهِ ذَبْحُ الْقَرَابِينِ، وَحَلْقُ الرُّؤُوسِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَمُعْظَمُ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَعَمَلُ يَوْمِ عَرَفَةَ، كَالطُّهُورِ وَالِاغْتِسَالِ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْيَوْمِ". (( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)).
وأوضح أن الْوَاجِبُ عَلَي الْحَاجُّ ، بَعْدَ أَنْ وَقَفْتَ بِعَرَفَةَ، وَبِتَّ بِمُزْدَلِفَةَ، أَنْ تَبِيتَ لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِمِنىً، اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأيَّامُ التَّشْرِيقِ ، هِيَ الَّتِي عَنَاهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ))، وَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )). فَاشْكُرُوْا اللهَ عِبَادَ اللَّهِ ، أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذِهِ الْأَيَّامَ الْمُبَارَكَةَ ، وَأَكْثِرُوْا فِيهَا مِنْ ذِكْرِهِ وَتَكْبِيرِهِ ، اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاقْتِدَاءً بِالصَّحْبِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأرْضَاهُمْ فَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا.
وبين الشيخ المعيقلي انه كَمْ فِي الْحَجِّ مِنْ مَشَاهِدَ جَلِيلَةٍ ، وَآيَاتٍ عَظِيمَةٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ أَظْهَرُ فِيهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَأَعْمَالُ الْحَجِّ كُلُّهَا تَبْدَأُ بِتَوْحِيدِ اللهِ، وَتُخْتَمُ بِتَوْحِيدِهِ ، قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : عَنْ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وأبان أن في الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ تَوْحِيدٌ ، بَلْ مَا رُفِعْتِ الْكَعْبَةُ إِلَّا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، ((وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا.))، وَلَمَّا صَعَدَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَلَى جَبَلِ الصَّفَا ، لِيَسْعَى بَيْنَهُ وَبينَ وَالْمَروَةِ دَعَا بِالتَّوْحِيدِ فَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ". رَواهُ مُسلم.
وَكُلُّ الْعِبَادَاتِ مِنْ صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، مَدَارُهَا عَلَى التَّوْحِيدِ ، ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )).
وقال فضيلته معاشر المؤمنين: إِنَّ أَعْظَمَ الشُّرُورِ وَالْبَلَايَا، الَّتِي أَصَابَتْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَتْ بِسَبَبِ ضَعْفِ التَّوْحِيْدِ فِي النُّفُوْسِ ، وَاْنْتِشَارِ الْبِدَعِ وَالضَّلاَلَاتِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَاْتِّخَاذِ الْوُسَطَاءِ وَالشُّفَعَاءِ، وَالْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ، (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ))، وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ، مِنْ حَدِيْثِ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )).
وأردف يقول أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ : إِنَّ السَّلَامَ مِنْ أَعْظَمِ مَظَاهِرِ الْحَجِّ، فَتَرَىْ الْمُحْرِمَ مُنْذُ أَنْ يَدْخُلَ فِي النُّسُكِ، فَهُوَ فِي سَلَامٍ ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ صَيْدًا، وَلَا يُعِيْنُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مَا صِيْدَ مِنْ أَجْلِهِ ، ثُمَّ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ ، جَمَعَ بَيْنَ سَلَامِ الْإِحْرَامِ، وَسَلَامِ الْحَرَمِ ، فَالحَرَمُ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ، وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الفَتْحِ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلَّا سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ".
وَإِذَا نَظَرْنَا مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَظَاهِرِ السَّلَامِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا تَعمُ هَذِهِ الْمَحْظُورَاتِ الْمَادِّيَّةَ ، وَكَذَلِكَ أَقْوَالَ النَّاسِ وَأَفْعَالَهُمْ، واللهُ تعالى يَقولُ في مُحكَمِ تَنزِيله : (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )). وَلِذَلِكَ نَجِدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي حَجِّهِ ، يَحثُ النَاسَ على الرفقِ واللين، حِرْصَاً مِنْهُ صلى الله عليه وسلمَ على سَلامَتِهمْ وَأَمْنِهِم، وَتذكيراً مِنْهُ بِمَبَادِئِ السَلامِ الأَصِيلَةِ فِي الحَجِ، فَلَمَّا رآهُمْ عِنْدَ الْجَمرَاتِ ، وَهُمْ فِي زِحَامٍ وَتَدَافُعٍ شَدِيْدٍ، قَالَ: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ، فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ)), رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وأكد أنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ دِيْنُ السَّلَامِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيُّ السَّلَامِ، وَاللهُ جَلَّ جَلَالُهُ هُوَ السَّلَامُ، وَيَدْعُوْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ, (( وَاللَّهُ يَدْعُوْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )), لِذَلِكَ حَرِصَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى تَرْسِيْخِ هَذَا الْمَبْدَأِ الْعَظِيْمِ فِي قُلُوْبِ أُمَّتِهِ ، لِأَنَّ فِيْهِ وَحْدَتَهُمْ وَتَآلُفَهُمْ، وَعِزَّهُمْ وَقُوَّتَهُمْ . فَعَنْ أَبِيْ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَفْشُوْا السَّلَامَ كَيْ تَعْلُوْا ))، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بإِسْنَادٍ حَسَن. أَيْ: لِكَيْ يَرْتَفِعَ شَأْنُكُمْ، فَتَكُوْنُوْا فِي مَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام أُمَّةَ الْإِسْلَامِ : فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ ، قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيْبًا في الناس، فِي هذهِ المشاعرِ المقدسةِ، فَوَدَّعَ أَصْحَابَهُ، وَأَرْسَى قَوَاعِدَ الدِّيْنِ وَكَمَالَ الشَّرِيْعَةِ، وَبينَ تَمَامَ النِّعْمَةِ ، وأُنزِلَ اللهُ عليهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) فَقَرَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبِهِ التَّوْحِيْدَ ، وَحِفْظَ النُّفُوْسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ ، وَأَلْغَى مَعَانِيَ الْعُنْصُرِيَّةِ ، فَرَبُنَا وَاحِد ، وَنَبيُنَا واحد، وكتَابُنَا واحد، وأصلُ خِلقَتِنَا واحد، (( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) وَحَثَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبِهِ الْأُمَّةَ، عَلَى تَوْحِيْدِ الصَّفِّ وَجَمِعِ الْكَلِمَةِ، وَنَبْذِ الْخِلاَفِ وَالْفُرْقَةِ، وَحَذَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنَ الرِّبَا ، وَكَانَ مِمَّا قَالَهُ عليهِ الصلاةُ والسلام: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟"، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟"، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟"، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ "، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ،لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) رَوَاهُ البُخَارِيُّ. أَمَا وَاللهِ فَقَدْ بَلَّغَ الشَّاهِدُ ، وَاْسْتَمَعَ الْغَائِبُ ، وَتَنَاقَلَتِ الْأُمَّةُ ، كَلِمَاتِ نَبِيِّهَا الْمُبَارَكَةَ، فَجَزَى اللهُ عَنَّا أَصْحَابَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، عَلى مَا نَصَرُوهُ وَآزَرُوهُ وَبلْغوا عَنْهُ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى .(( لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ )) إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اتِّبَاعُ تَوْجِيهَاتِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِتَتَحَقَّقَ السَّعَادَةُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلم ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (( ترَكتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوْا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كتابَ اللهِ)).
ومضى الشيخ المعيقلي يقول أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّكُمْ فِي يَوْمٍ عَظِيْمٍ ، تَتْلُوْهُ أيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ عَظِيمَةٌ ، فَأقْدِرُوهَا حَقَ قَدْرِهَا، وأعْمِرُوهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ ، وَأَكْثِرُوْا فِيهَا مِنْ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ ، (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) , وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ الْأعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ، التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَبْحِ الْهَدْيِ وَالأَضَاحِيْ ، سُنَّةِ أَبِيْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلَامُ ، وَمَا عَمِلَ اْبْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِرَاقَةِ دَمٍ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، أَنْ يَخْتَارَ لِأُضْحِيَتِهِ أَطْيَبَهَا وَأَفْضَلَهَا وَأَسْمَنَهَا وَأَكْرَمَهَا ، فَاخْتَارُوْا لِأَنْفُسِكُمْ، تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ . وَيُجْزِئُ مِنَ الْإِبِلِ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ ، وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَمِنَ الْمَعْزِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ ، وَلَا تُجْزِئُ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَلَا الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَلَا الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَلَا الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي ، وَتُجْزِئُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ .وَأيَّامُ الذَّبْحِ أَرْبَعَةٌ : تَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ عَشَرَ ، وَالذَّبْحُ فِي النَّهَارِ أَفْضَلُ مِنَ اللَّيْلِ ، وَهُوَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَه. وَمَنْ كَانَ يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَلْيَذْبَحْهَا بِنَفْسِهِ ، وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ. وَالسُّنَّةُ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُ مِنْ أُضْحِيَتِهِ، وَيُهْدِيَ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ، فَبَادِرُوْا إِلَى سُنَّةِ رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَطِيْبُوْا بِهَا نَفْسًا ، وَاشْكُرُوا اللهَ عَلى تَوفِيقِهِ لَكُمْ، وَكَبِرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ، ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ )).
وأوضح أنه : لَمْ يُغَادِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْبِقَاعَ الطَّاهِرَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، إِلَّا وَقَدْ أَوْصَى بِالنِسَاءِ خَيْرَاً ، وَإنَ حُقُوقَ المرأةِ يا عبادَ الله وَحُرِّيَّتَهَا وَكَرَامَتَهَا ، كُلُ ذَلِكَ مما ضَمِنَهُ لَهَا الإسْلاَم، بَعْدَ أَنْ أَعْلَى شَأْنَهَا وَحَفِظَ مَكَانَتَهَا ، وَجَعَلَهَا شَقِيقَةَ الرَّجُل ، فَإِنْ كَانَتْ أُمَّاً رَؤُوْمَاً ، فَبِرُّهَا مَقْرُوْنٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ الْأَبِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً ، فَقدْ قَالَ النَبِيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )). رَوَاهُ التِرمذيُ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا أَوْ أُخْتًا،فَقدْ رَتَّبَ الْأَجْرَ الْجَزِيْلَ عَلَى مَنْ عَالَهُنَّ وَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُنَّ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ ثَلَاثُ بَنَاتٍ،أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأدَبِ الْمُفْرَدِ .
وواصل خطبته قائلا أُمَّةَ الْإِسْلَامِ : هَا هُمْ ضُيُوفُ الرَّحْمَنِ، فِي مَشْهَدٍ مَهِيبٍ ، تُضِيءُ بِهِمْ الْمَشَاعِرُ الْمُقَدَّسَةُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْلِقُ أَو يُقَصِّرُ رَأْسَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْبَحُ هَدْيَهُ ، فِي يُسْرٍ وَسُهُوْلَةٍ وَاطْمِئْنَانٍ، وَأَمْنٍ وَأمَانٍ، وَذَلِكَ بِفَضْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوَّلًا وَآخِرًا، ثُمَّ بِجُهُودِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ ، الَّتِي جَعَلَتْ مِنْ أَهَمِّ أَوْلَوِيَّاتِهَا ، خِدْمَةَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَقَاصِدِيِهِمَا ، لِيَكُونَ الْبَيْتُ الْمُعَظَّمُ، كَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى، مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ، فَمِنْ مِنْبَرِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ وَالْجُمُعَةِ، أَحَبِّ أَيَّامِ اللهِ إِلَى اللهِ، وبين الدكتور ماهر المعيقلي أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ عِيدَانِ : عِيدُ الْأَضْحَى وَعِيدُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، لِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُوْنَ )). ودعا حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ إلى شكر اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا هَيَّأَ لَهمْ وَيَسَّرَ ، مِنْ أَدَاءِ هَذَا الرُّكْنِ الْمُعَظَّمِ ، بِأَمْنٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَلَامٍ ، وَالحْرِصُ عَلَى أَدَاءِ مَا تَبَقَّى مِنْ مَنَاسِكِ الحَجِّ ، كَمَا شَرَعَ لَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَشْعِرُوْا مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ عِبَادَةٍ ، وَالْتَزِمُوْا بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ ، وَسَدِّدُوْا وَقَارِبُوْا، وَأَبْشِرُوْا وَأَمِّلُوْا ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ رَحِيمٌ عَفوٌ كَرِيمٌ، جَعَلَ اللهُ حَجَّكُمْ مَبْرُوْرًا ، وَسَعْيَكُمْ مَشْكُوْرًا، وَذَنْبَكُمْ مَغْفُوْرًا.
وفي المدينة المنورة، أدى جموع المسلمين صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد النبوي يتقدمهم الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وأم المصلين إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم.
وعقب الصلاة ألقى فضيلته خطبة العيد أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عزوجل، وقال: "عاش الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في جاهلية وظلال يعبدون الاشجار والاحجار ويدعون من دون الله مالا ينفعهم ولايضرهم، حتى طمست معالم الدين وانتكست الفطر، كانوا حيارى في أمورهم، الشئم والتطير طابع حياتهم، ولا غاية نبيلة لهم، يقتل بعضهم بعضاً وتستعر الحروب لأجل خيل أو ناقه ،لا شريعة تحكمهم فيأكلون ويأتون الفواحش ويشربون الدم والخمر ويطوفون البيت عراة يقتلون أولادهم خوف الفقر ويدفنون بناتهم خشيت العار، فبعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فشع نور الإسلام وانقشع الظلام واشرقت الارض بنور الهدى والبينات، وبه خرج الناس من الظلمات إلى النور.
وأوضح أن أعظم نعمة أنعم الله بها على عبادة هي الإسلام، وليس لله في الأرض دين حق سواه قال سبحانه: (إنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ), هو سبيل الله وصراطه المستقيم رضيه لعباده, لايقبل الله من الحلق دينا سواه لقوله تعالى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)، ولايحب سبحانه من الاديان الا الإسلام ولا يدخل احد الجنة الا من كان من أهل الإسلام .
وبين أن أصل الإسلام ونبراسه كتاب محكم مفصل شامل لجميع أمور الدنيا والدين جامع لكل ما يحتاجه البشرية، دين الاسلام دين هاد لجميع الخلق صالح لكل الأجيال سهل لجميع الناس لا يختص بلون أو جنس ولا زمان أو مكان رحمة لجميع البشر، وسط في عقائده وعباداته ومعاملاته وأخلاقه فلا إفراط فيه ولا تفريط ولا علو ولا جفاء.
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: "إن دين الإسلام أزكى الأديان عقيدة وشريعة جمع بين حقوق الخلق والخالق، قام على أسس وقواعد له ثلاث مراتب الإسلام والإيمان والإحسان، ولكل مرتبة أركان، فالشهادتان ركن الإسلام الأعظم وهما دليله وبرهانه وفيهما الإخلاص لله والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم، والصلاة عامود الدين وصلة بين العبد وربه، وفي الزكاة طهارة المال والنفس، والصيام يهذب النفوس ويزكيها، والحج فريضة في العمر مرة وبه يظهر الاستسلام وتحقيق العبودية، وحقيقة الإيمان تصديق الغيب مع امن، والإحسان عبادة الله عن كمال إخلاص ومراقبة وأصل دين الاسلام وعبودية الله وتوحيده".
وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم، أن الإسلام كرم الأنسان وشرفه وفضله واستوفى الحقوق وأهلها وشرع بين العباد ما فيه صلاح معاشهم، فأمر ببر الوالدين وصلة الرحم ورعاية الذرية وإصلاحها والإحسان للجيران والضعفاء واحترام الكبير ورحمة الصغير، وأكرم المرأه وحمى عرضها وجعل لها حقوقا ودفع ظلم الجاهلية عنها، مشيراً إلى أن من الوفاء في الإسلام حب نقلة هذا الدين من الصحابة ومن بعدهم من التابعين، ومن محاسنه إنزال الكبار منزلهم فدعى لتوقير العلماء والرجوع إليهم، وأمر بالنصيحة لولاة الأمر وطاعتهم بالمعروف والدعاء لهم، ويقدر لحماة الدين ومقدساتهم قدرهم.
وفي مدينة الرياض، أدى الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين في جامع الإمام تركي بن عبدالله.
وأمَّ الصلاة عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي استهل خطبته بالحمد والثناء لله عزَّ وجلَّ على ما يسّره لعباده من حج بيته الحرام في أمن وأمان واطمئنان، مشيراً إلى فضل التقرب إلى الله عز وجل في يوم النحر بالأضاحي وتحقيق التوحيد الخالص للرب سبحانه وتعالى واتباع سنة الأنبياء إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، داعياً إلى تقوى الله عزَّ وجلَّ والعمل على الطاعة واجتناب النواهي والبر والأحسان وعمل الصالحات من الأعمال.
وختم آل شيخ خطبته بدعاء الله تعالى أن يحفظ بلادنا من سوء وأن يديم عليها عزِّها بدين الإسلام تحت راية التوحيد وأن يحفظ بلاد المسلمين كافة من كل شر.
وفي منطقة جازان، أدى المسلمون صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان بالنيابة، وذلك بجامع خادم الحرمين الشريفين في مدينة جيزان.
وأمّ المصلين رئيس محكمة الاستئناف بجازان الشيخ علي بن شيبان العامري، الذي دعا المسلمين إلى تقوى الله عز وجل في السر والعلن والمحافظة على الصلوات في أوقاتها وإخراج الزكاة والمداومة على فعل الطاعات والأعمال الصالحة ، وأشار إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية التي تُعد من أعظم ما يتقرب به المسلم في هذا اليوم المبارك بعد خروجه من المصلى، إحياءاً لسنة الخليل إبراهيم عليه السلام وإتباعا لسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، مبينًا الشروط الواجب توافرها في الأضاحى من حيث الصحة والسن ووقت الذبح أو النحر وبقية الشروط المتعلقة بصحة إخراجها وقبولها.
وحث المصلين على زيارة الأقارب وصلة الأرحام والبر بالوالدين والإكثار من التسبيح والاستغفار لله عز وجل.
واختتم العامري خطبته بدعاء اللـــَّه تعالى أن يحفظ بلادنا من شر الأشرار وكيد الكائدين ، وأن يديم عليها عزها بدين الإسلام وتحت راية التوحيد ، وأن يحفظ بلاد المسلمين من كل شر .
كما أقيمت صلاة عيد الأضحى المبارك في جميع محافظات ومراكز وقرى وهجر منطقة جازان .
وفي منطقة عسير، أدى المصلون صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، وذلك في مصلى العيد الكبير بأبها بطريق آل يوسف.
وأم المصلين الدكتور عبدالله بن محمد بن حميد الذي استهل خطبته بالتهليل والتكبير لله سبحانه وتعالى، الذي شرع لعباده المؤمنين عيدا يذكرونه فيه ويشكرونه على فضله وإحسانه.
وقال الدكتور بن حميد: "إن من دلائل الحضارات وازدهارها ونمائها وأعمارها هو الاعتصام بالوحدة الدينية، مشيراً إلى أن تيارات التشتت والتفرق والغلو والتطرف لا يدفعها إلا الوحدة والتلاحم والترابط والتراحم وتقديم مصلحة البلاد على هوى النفوس".
وأفاد أن المسلم الصالح يقتضيه صلاحه الوفاء لبلاده وصونها عن الفتن والصدق في السر والعلن وأن يتحلى بثقافة الحوار والائتلاف والترابط والبعد عن الانقسام والاختلاف وتجنب التعصب والنعرات، مؤكدًا في خطبته أنه من حق الوطن أن نسعى لتحقيق مصالحه ودرء المفاسد عنه.
وتناول في خطبته مشروعية الأضحية وفضلها وشروطها، داعياً المسلمين إلى تقوى الله وصلة الأرحام وتفقد أحوال اليتامى والمساكين والمحافظة على ما تنعم به بلادنا من نعمة الأمن والأمان ووحدة الكلمة.
أما في منطقة نجران، فقد أدى المسلون صلاة عيد الأضحى المبارك بمصلى العيد بمدينة نجران، يتقدمهم جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران.
وأم المصلين فضيلة رئيس المحكمة العامة بمنطقة نجران الشيخ عبدالعزيز بن محمد آل طالب، الذي حمد الله واثنى عليه على ما أنعم به على عباده من نعم لاتعد ولا تحصى.
وأوصى المسلمين بتقوى الله في السر والعلن وفعل الخيرات واجتناب المنكرات والعمل على المداومة على الطاعات والمحافظة على الصلوات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلة الارحام وبر الوالدين والبعد عن البغضاء والحسد للفوز بالجنة والنجاة من النار.
وقال آل طالب: "لقد كان في حج النبي صلى الله عليه وسلم عبر ومواعظ وحكم وأحكام أرسى بها قواعد الدين ومبادئ العمل، خطب الناس وودعهم بعد استقرار الشريعة وكمال الدين وتمام النعمة، فقرر التوحيد وألغى معاني الطبقية والعنصريات وقرر حقوق المرأة ونبذ الربا وحفظ النفوس والأموال والأعراض، وحري بالمسلمين أن يستلهموا من توجيهات نبيهم أرقى المبادئ وأقوم السبل"، مفيدًا أن الإسلام دين البشارة والرحمة وأركان الإسلام كفارة للخطايا فمن لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة.
وأبان أن من أفضل الطاعات وأجل القربات في هذه الأيام التقرب إلى الله تعالى بذبح الهدايا والأضاحي، وما عمل أبن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من اراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وأن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، مبينًا أنه يسن لمن أراد أن يضحي أن يختار من الأبل أو البقر أو الغنم أطيبها وأن يجتنب ما كان فيه عيب منها.
وسأل رئيس المحكمة العامة بمنطقة نجران في ختام الخطبة الله أن يجمع كلمة المسلمين ويديم على وطننا نعمه الأمن والاستقرار ويوفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين إلى ما فيه الخير.
كما أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك في جامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بالدمام ، يتقدمهم الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية ، والأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة الشرقية.
وأم المصلين نائب رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة الشرقية الشيخ يوسف العفالق، والذى أوصى المصلين بتقوى الله وطاعته في السر والعلن والإلتزام بتعاليم الدين الإسلامي السمحة والتمسك بسنة نبيه.
وأبرز عظمة الركن الخامس وفضله ومنافعه على جميع المسلمين الذين أتوا مهللين مسبحين ملبين دعوة الله تسودهم الرحمة والسكينة ليقضوا تفثهم ويوفوا نذورهم ويطوفوا بالبيت العتيق ويذكروا الله في أيام معلومات ، مبيناً فضل الأضحية وشروطها ومالها من فضل عظيم.
وفي ختام خطبته أوصى المصلين بالتعاون على البر والتقوى وفعل الخيرات والبعد عن المنكرات والمحافظة على الصلوات ومحاربة الفتن التي يستفيد منها اعداء الاسلام والمسلمين وأن يجعلوا من هذا العيد مناسبة لصلة الرحم والتآلف بين المسلمين ، سائلاً الله أن يعز الإسلام والمسلمين وأن يحفظ لهذه البلاد أمنها واستقرارها وأن يحفظ إمامها وأن يتقبل من حجاج بيت الله الحرام حجهم.
وفي مدينة بريدة، أدى الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم مع جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك، وذلك في مصلى العيد الشمالي بمدينة بريدة.
وقد أم المصلين قاضي محكمة الاستئناف فضيلة الشيخ سليمان الربعي، الذي استهل خطبته بالتكبير والتهليل وحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه الدائمة التي شرعها الله لعبادة وسخرها لهم، موصياً المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والعمل على طاعته واجتناباً لنواهيه، داعياً إلى الإيمان بالله والصبر على كل ما يمر به الإنسان من منازل الدنيا احتساباً عند الله وأن الشكر والحمد لله على ما سخر المولى عز وجل من خير ونعم.
وأشار الربعي إلى فضل هذا اليوم المبارك الذي ينحر فيه المسلمين أضاحيهم تقرباً إلى الله وتحقيقاً للتوحيد الخالص لله عز وجل وإتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يعيده على أمتنا الإسلامية وهي تنعم بكل خير وعز وتمكين لخدمة الإسلام والمسلمين حجاج بيت الله الحرام الذي سخرت له حكومتنا الرشيدة جميع الإمكانيات والقدرات لراحتهم وخدمتهم.
وفي مدينة تبوك، أدى الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك مع جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك في مصلى العيدين بمدينة تبوك.
وأمّ المصلين رئيس محكمة الاستئناف بتبوك إمام وخطيب جامع الوالدين الشيخ أحمد بن حفير الحفير، الذي استهل خطبته بحمد الله والثناء عليه وبيان فضل هذا العيد لموافقته يوم جمعة فإجتمع عيدان في يوم مبارك مستشهداً بقول نبينا صلى الله عليه وسلم : إن خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أدخِل الجنة، وفيه أخرِج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم جمعة .
وأشار إلى أن هذا اليوم يوم العج والثج ، فالحجاج يعجون بالتلبية والمقيمون يعجون بالتكبير والحجاج يذبحون الهدي والقرابين وأهل الأمصار يذبحون الأضاحي وهذا هو الثج، فيا لكرم الله بهذه الأعمال الفاضلة والمناسك المباركة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الحج أفضل ؟ قال : ( العج والثج ) رواه الترمذي وصححه الألباني، فهذا يوم الحج الأكبر الذي تتحقق فيه العبودية وتتجلى فيه الوحدة الإسلامية ويتبارى المكلفون فيه بالطاعات والقربات والقرابين والأضحيات ، والزيارات والصلات فهنيئاً للحاج وقوفه بعرفة والمبيت بمزدلفة ورميه للجمار وحلقه وتقصيره وتلبيته وتكبيره وإتمام النسك بطواف البيت العتيق : {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } , وهنيئاً لكم يا أهل الأمصار صوم عرفة وصلاة العيد وذبح الأضاحي {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } .
وحث جموع المصلين على التقرب إلى الله عز وجل وتعظيم شعيرة الأضحية والاقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مقدماً أحكامها وضوابطها وعليكم استحسانها واستسمانها وليطب بها نفساً فإنها تقع عند الله بمكان، واعلموا أنه ماعمل أحد يوم العيد عملاً أفضل من إراقة الدم تقرباً لله وتعبداً قال صلى الله عليه وسلم : ( ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وأن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فيطيبوا بها نفسا ) رواه الترمذي .
ودعا الشيخ الحفير المصلين قائلاً : افرحوا وامرحوا ووسعوا على أنفسكم وأولادكم واضبطوا الفرحة بضوابط الشرع فلا إسراف ولا بغي أو تجاوز فالبسوا جديداُ وكلوا رغيداً واستغلوا عيدكم بالمدخلات الإيجابية والمسحات الجميلة فزوروا مريضاً وصلوا رحماً، ووقروا كبيراً وارحموا صغيراً وامسحوا على رأس اليتيم وقبلوه وأقبلوا على الفقير وواسوه وتناسوا خلافاتكم واغفروا زلات إخوانكم ،وردوا المظالم واستغلوا المغانم ، والله الله في العفو والتنازل فما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، واعرفوا نعمة الله عليكم في الصحة والعافية والأمن والطمأنينة واتقوا الشح فإنما أهلك من قبلكم ، فتصدقوا وتهادوا، ولا تنسوا الفضل بينكم وخصوصاً مع أزواجكم وإخوانكم وجيرانكم واملوا في عفو الله وفضله وتعرضوا لنفحاته ترشدوا.
كما أديت صلاة عيد الأضحى المبارك في 185 جامعًا و 8 مصليات للعيد في مدينة تبوك وضواحيها والمحافظات والمراكز والهجر والقرى التابعة لمنطقة تبوك.
فيما أدى جموع المصلين في منطقة الباحة صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم وكيل إمارة الباحة الدكتور حامد بن مالح الشمري، وذلك بجامع الملك فهد بمدينة الباحة.
وأم المصلين فضيلة رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الباحة الشيخ عبدالله بن أحمد القرني، الذي حمد الله في بداية خطبته على ما من به على حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسكهم بكل يسر وسهوله، موصياً المصلين بتقوى الله وطاعته في السر والعلن والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي السمحة والتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مبيناً عظمة الركن الخامس وفضله ومنافعه على جميع المسلمين الذين أتوا مهللين مُكبرين ملبين دعوة الله تسودهم الرحمة والسكينة.
وقال فضيلته: "في هذا اليوم العظيم من أيام الله يوم الحج الأكبر يواصل حجاج بيت الله الحرام إكمال مشاعر حجهم في يسر وسهولة وأمان بإذن الله تعالى، مستشعرين ما يجدونه من رعاية واهتمام من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإننا لنستشعر معهم ما يقدمه ولاة أمرنا رعاهم الله ورجال أمننا وجميع قطاعات بلادنا الحكومية ذات العلاقة بالحجيج، كلٌ فيما يخصه من خدمات وتسهيلات وجهود بإشراف وبتوجيهات واهتمام القيادة العليا لبلادنا"، مؤكدًا أن ما يشهده الحرمين الشريفين والمواقيت من توسعة له أكبر الأثر على حجاج بيت الله الحرام في تسهيل أدائهم لهذه الشعيرة العظيمة حج بيت الله الحرام الركن الخامس من أركان الإسلام العظام.
وحذر القرني من الانجراف وراء النفوس والألسنة الحاقدة المغرضة على هذه البلاد المتنكرين لجهودها في خدمة الإسلام وحجاج بيت الله الحرام، من خلال ما يروجونه ويلفقونه من أكاذيب واتهامات، منوهاً بالواقع الناصع بالخدمات والجهود والبذل والعطاء وتوسعة الحرمين وما يجده الحجاج من خدمات وتيسير وتسهيل الأمر الذي يكذب ويرد على كل حاقد وحاسد وكاذب لهذه البلاد.
وبين أهمية الأضاحي وأنواعها وشروطها وأفضلها ووقتها ومالها من أجر كبير عند الله سبحانه وتعالى، داعياً إلى التسامح وصلة الرحم والتقرب إلى الله بالأعمال الفاضلة في هذه الأيام وأحياء سنة التكبير خلال أيام التشريق وذلك اقتداءً بسنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وأكد على الشباب أهمية الابتعاد من مضلات الفتن وعن الذين يروجون لهم ليكونوا هدفاً سهلاً لمخططاتهم ضد دينهم وبلادهم وعقيدتهم ومقدساتهم وأهلهم وذويهم، حاثاً في الوقت نفسه الآباء بأن يراعوا أبنائهم الذين هم أمانة في أعناقهم، وأن يقوموا لهم بحق الرعاية والنصح والأمانة المناصحة والإرشاد والتوجيه، موصياً نساء المؤمنين بوجوب المحافظة على الحجاب الذي هو عزها وشرفها وصيانتها وأن تقوم بدورها في بيتها في رعاية بيتها وأولادها وطاعة زوجها، حاثاً جميع أفراد المجتمع كل في موقعه بمراعاة الأمانة التي وكل بها وأن يؤديها كما يرضى الله عز وجل.
ونوه الشيخ القرني في خطبته بجهود رجال الأمن الذين يعملون على أداء أمانة حفظ الأمن، داعياً الله سبحانه وتعالى لرجالنا البواسل في الجبهة وعلى ثغور البلاد حراس العقيدة والمقدسات المجاهدون المرابطون على الثغور بالتوفيق والنصر، وأن يسدد رميهم ويقوي عزائمهم وثبت أقدامهم وأن يتقبل شهيدهم ويشف جريحهم ويخلفهم في أهلهم بخير وتوفيق وصلاح ورعاية.
وفي ختام خطبته، سأل الله عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على الأمتين العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات، وأن يحفظ هذه البلاد وأن يدم عليها أمنها واستقرارها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولي عهده الأمين.
كما أدى جموع المصلين بمدينة حائل صلاة عيد الأضحى المبارك بجامع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - رحمه الله - يتقدمهم الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز أمير منطقة حائل.
وقد أم المصلين مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة حائل فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم العجيمي، الذي تحدث عن فضل يوم العيد وبما نحن عليه من نعم وسبب ذلك.
وبين الشيخ العجيمي خلال الخطبة، حرص الدولة على تحقيق مقاصد الحج، التي منها توحيد الله تعالى وإقامة ذكره وتصحيح الاعتقاد والتعبد وتحقيق التقوى وتعميق معنى العبودية لله بالإضافة الى المقاصد ألأخلاقية.
وتحدث عن المسلم وما يجب عليه فعله في عيد الاضحى بالإضافة إلى تذكير المسلمين بأهم أمور الدين وأصوله كما تحدث عن المرأة ما عليها من واجبات ومالها من حقوق حاثا النساء على تقوى الله، متناولاً الحكم الشرعي في اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد.
وقدم الشيخ العجيمي في نهاية الخطبة الشكر للمملكة العربية السعودية على جهودها الجبارة في خدمة ضيوف الرحمن، سائلاً الله أن يديم على الأمة الإسلامية أمنها واستقرارها وأن يحفظ دينها.
وفي مدينة عرعر أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى يتقدمهم الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية في مصلى العيد " بحي المحمدية ".
وقد أم المصلين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالعزيز أبا الخيل، الذي توجه بالشكر والحمد لله على أن مكن حجاج بيت الله الحرام من الوقوف بصعيد عرفات الطاهر في جو مفعم بالروحانية والإيمان تكلأهم عناية المولى في ظل ما وفرته وهيأته لهم حكومة خادم الحرمين الشريفين من إمكانات مادية وبشرية ومرافق خدمية عظيمة تم تسخيرها لخدمة ضيوف الرحمن ليتسنى لهم تأدية مناسكهم بيسر وطمأنينة.
ودعا الله أن يكتب هذه الأعمال الجليلة والجهود المباركة في موازين حسنات ولاة الأمر في هذه البلاد، وأن يمدهم بعونه وتوفيقه بما فيه خير الإسلام والمسلمين.
وسأل الشيخ أبا الخيل الله أن يتقبل من جميع الحجاج حجهم وأن يعودوا بلادهم سالمين غانمين وقد غفر الله لهم جميع الخطايا والذنوب.
وبيّن فضل يوم النحر مؤكداً ضرورة أن ينحر المسلم أضحيته متى ما كان قادراً عليها تأسيا بسنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، كما حث المسلمين على تقوى الله والعمل الصالح لما فيه من الأجر العظيم، مؤكداً على فضيلة صلة الأرحام وزيارة المرضى.
كما أديت صلاة عيد الأضحى المبارك في جميع محافظات ومراكز وقرى منطقة الحدود الشمالية.
أما في محافظة الأحساء، فقد أدى المصلون صلاة عيد الأضحى المبارك يتقدمهم الأمير بدر بن محمد بن عبدالله بن جلوى محافظ الأحساء، وذلك بمصلى العيد الكبير شرق الأستاذ الرياضي بالهفوف.
وأم المصلين رئيس المحكمة العامة بالأحساء الشيخ خالد بن أحمد محمد الطليحي، الذى دعا المسلمين إلى تقوى الله تعالى فى السر والعلن واتباع هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مبيناً الفضل الكبير لهذا اليوم المبارك وما يجب على المسلمين عمله فيه من الدعاء والتكبير والتهليل لله عز وجل وإحياء شعائره والمحافظة على الصلوات واخراج الزكاة وفعل الخيرات.