كتاب ومقالات

حمامة سلام

أفياء

عزيزة المانع

منظر الحمامة البيضاء وهي فاردة جناحيها وتحمل بمنقارها غصن زيتون، هو من المناظر المريحة للنفس والباعثة على التفاؤل والابتسام، وربما لذلك اختيرت لتكون رمزا للسلام والمحبة عبر القرون البعيدة، منذ أن بعثت الحياة ثانية في الأرض بعد أن أغرق الطوفان كل من كان فيها أيام النبي نوح عليه السلام.

وربما لذلك أيضا اعتاد الناس وصف من يسعى إلى رأب الصدع وتقريب وجهات النظر ولم شمل المتنازعين وإنهاء الخلافات بينهم وديا، بحمامة سلام.

ولوجه الحق، إن من يفعل ذلك يستحق فعلا تلك التسمية، فليس هناك أجمل وأنقى ممن يسعى ليكون طرف خير في الإصلاح بين الناس.

لهذا فإني أحمل في نفسي امتنانا وتقديرا كبيرين لسمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في سعيه الحثيث نحو تقريب وجهات النظر بين قطر وشقيقاتها الأربع، من أجل حل ما بدر بينهم من خلاف.

محاولات التوسط في فض المنازعات والتقريب بين وجهات نظر المختلفين من أصعب وأشق المحاولات، وكثير منها يتعثر وينتهي بالفشل، خاصة عندما يكون أحد الأطراف أو كلهم مكابرين ومتشبثين بوجهات نظرهم، كما يحدث في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول التي تحترق بمنازعاتها الداخلية.

لهذا فإن إصرار سمو الشيخ صباح على القيام بهذا الدور رغم المشقة التي ترافقه، لما يقتضيه من محادثات مستمرة وسفر متكرر ما بين العواصم الخليجية، وما يصحب ذلك من إجهاد ذهني وبدني، واستهلاك للوقت والطاقة النفسية، هو أمر يستحق منا جميعا التقدير والامتنان، فلولا حب سموه الحقيقي للمصلحة العربية، وإخلاصه الكبير لتحقيق الوحدة بين دول مجلس التعاون ورغبته الصادقة في دعم التوافق بينها وحمايتها مما قد يمزق شملها ويفت في تماسكها بما قد يعرضها لما لايحمد من العواقب، لولا ذاك لما تفانى كل هذا التفاني في حمل هذه المسئولية العظمى على عاتقه، ولما قام بهذه المهمة الثقيلة المنهكة، فجزاه الله كل خير عن دول مجلس التعاون وشعوبها.

إن الأمل كبير بنجاح وساطة سمو الشيخ الصباح، فهو كفؤ للقيام بهذه المهمة، فهو يتمتع بالحكمة والاتزان والحنكة السياسية، إلى جانب خبرته الطويلة في مجال الوساطات، وقد سبق له أن نجح في وساطات سابقة كثيرة، كان آخرها وساطته قبل ثلاثة أعوام تقريبا، التي نجح خلالها في تصفية العلاقة بين المملكة وقطر.

نسأل الله الكريم أن يسدد على الحق المبين خطاه، وأن يوفقه في مهمته الحالية فينجح فيها كما نجح من قبل، وأن يجمع على الخير كلمة دول الخليج والدول العربية كلها. إنه على كل شيء قدير.