ماذا قدّم «77» ملتقى في «44» عاما بموسم الحج؟
توصيات 2310 بحوث مجهولة.. والجهات العاملة مغيبة.. و«عكاظ» تناقشها
الثلاثاء / 21 / ذو الحجة / 1438 هـ الثلاثاء 12 سبتمبر 2017 03:08
تحقيق: نعيم تميم الحكيم @naeemtamimalhak
ماذا قدمت مؤتمرات وندوات وملتقيات الحج من أوراق وبحوث تم تحويلها من الجانب النظري إلى العملي في الجوانب الشرعية والفقهية والتنظيمية والاجتماعية لتنعكس إيجابا على مواسم الحج؟
هذا السؤال الذي يقفز كلما رأينا إعلانات عن مؤتمر أو ندوة أو ملتقى في موسم الحج تنتشر في شوارع مكة المكرمة، أو تغطيات لها في وسائل الإعلام المحلية وحتى الخارجية.
وفي كل مرة تتناثر أسئلة حول الجدوى من هذه الندوات والملتقيات والمؤتمرات التي تشرف عليها رابطة العالم الإسلامي ووزارة الحج والعمرة ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج التابع لجامعة أم القرى.
ويتساءل آخرون، ما مصير توصياتها أم أنها بقيت حبرا على ورق؟ وهل تستعين هذه الملتقيات بأصحاب الخبرة الميدانية أم أنها تكتفي بالجوانب التنظيرية والأكاديمية؟
تأتي هذه الأسئلة في ظل نظرة مستقبلية لموسم الحج، إذ وضعت المملكة تطوير منظومة الحج والعمرة أولوية إستراتيجية، وذلك امتداد للدور التاريخي للقيادة السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، لذلك جاءت رؤية المملكة 2030 لتقدم إستراتيجية متكاملة لتطوير منظومة الحج والعمرة، وإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المسلمين في تأدية مناسك الحج والعمرة، في وقت يتعاظم لدى المسلمين أهمية الحفاظ على هويتهم الإسلامية واستكمال متطلبات شعائرهم الدينية. وهذا لن يتأتى إلا عن طريق الأبحاث والدراسات، وتعد مثل هذه الملتقيات والمؤتمرات والندوات أحد الروافد المهمة لتقديم دراسات وأبحاث تطويرية في مختلف المجالات. ولو استقصينا عدد الملتقيات التي أقيمت خلال (44) عاما مضت لوجدنا أن وزارة الحج قد عقدت 42 ندوة بشكل سنوي باسم ندوة الحج الكبرى، في حين بلغ عدد المؤتمرات التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي 18 مؤتمرا، واكتفى معهد خادم الحرمين الشريفين بتنظيم 17 ملتقى، والمحصلة النهائية 77 ملتقى ومؤتمرا وندوة خلال 44 عاما نوقشت فيها مواضيع مختلفة في نسك الحج تنوعت ما بين شرعية وفقهية وثقافية واقتصادية وهندسية وتنظيمية وصحية وسلوكية. ولو افترضنا أن كل مؤتمر ناقش 30 بحثا، وبحسبة بسيطة نجد أن 30 بحثا في 77 مؤتمرا يساوي 2310 بحوث، فما هو مصير هذه البحوث؟ وماذا أضافت لتطوير خطط الحج وتوعية الحجاج من جهة؟ وماذا قدمت للخروج بالأمة من تراجعها من جهة أخرى؟ والأهم هل استفادت الجهات العاملة في الحج من توصياتها؟
«عكاظ» طرحت القضية على طاولة النقاش مستجلبة آراء كل الجهات ذات العلاقة وخرجت بالحقائق والتوصيات التالية:
الفقهاء والباحثون: مهمتنا الدراسة والتأصيل فقط
يتفق العلماء والفقهاء والباحثون المشاركون في الملتقى على أن دور هذه الندوات طرح المشكلة وتأصيلها، لكن المشكلة الحقيقة في توصيلها وتنفيذها.
وهنا يشخص نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السابق عضو المجامع الفقهية وزير العدل الموريتاني السابق الدكتور عبدالله بن بيه واقع المؤتمرات والندوات بقوله «هذه المؤتمرات لها إسهامات كبرى في التأصيل لكثير من القضايا المتعلقة بالحج ونجحت بذلك، لكن مشكلتها في وسائل التوصيل ونشر توصياتها للجهات ذات العلاقة».
وأضاف «هناك شيء من التقصير في نشر التوصيات وتوزيعها على الدول الإسلامية للاستفادة منها»، ودعا بن بيه وهو أحد المشاركين الدائمين إلى تطويرها بترجمة توصياتها وتوزيعها على الدول الإسلامية ومتابعتها عبر لجان مخصصة لتنفيذ بنودها.
بيد أن عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع يرى أن هذه الأسئلة يجب أن توجه للجهات القائمة على هذه المؤتمرات والندوات.
ووصف المنيع هذه المؤتمرات والندوات بأنها ذات خير كبير وفائدة ملموسة بما تناقشه وتخرج به من توعية وتوجيه وتبصير للحاج والمسؤول وتحقيق المقصد العظيم للحج، مؤكدا أن كثيرا من توصياتها تتحقق، ويدلل على ذلك بتطور خطط الحج والتعاون الكبير بين مكاتب شؤون الحجاج مع المطوفين ووزارة الحج لما فيه راحة الحجيج وأمنهم واستقرارهم. ويرفض مفتي القدس إمام وخطيب المسجد الأقصى السابق الدكتور عكرمة صبري تحميل القائمين على المؤتمرات والندوات المسؤولية وحدها بل يرى في أن حكومات الدول الإسلامية تتحمل جزءا من المسؤولية من خلال تقصيرها بنشر التوصيات وتطبيقها خصوصا فيما يتعلق بجوانب توعية الحجاج وتوجيههم وتنويرهم وهو ما تركز عليه هذه الندوات والمؤتمرات.
ويطرح الرئيس السابق للجنة العلمية لمؤتمر مكة المكرمة الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي الدكتور أحمد بن نافع المورعي تساؤلا هل تحقق المؤتمرات والندوات التي تعقد في الحج الفائدة المطلوبة؟
مؤكدا أن هذه الملتقيات مفيدة لكن نسبة الفائدة تتحدد بمدى تنفيذ هذه التوصيات وتحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها هذه المؤتمرات. وأشار المورعي إلى أن مشكلة هذه المؤتمرات أنها تضع توصيات بعضها يطبق والبعض الآخر لا يطبق بسبب عدم المتابعة من جهة، وصعوبة تطبيقها من جهة أخرى كون الكثير من توصيات المؤتمرات المنعقدة في الحج تنظيرية ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، وطالب المورعي للحكم بشكل أكثر واقعية على هذه المؤتمرات بالتوجه للجهات العاملة في الحج لسؤالها عن مدى استفادتها من توصيات هذه المؤتمرات في خططها المطبقة في الحج.
أمانة العاصمة: توصياتها بحاجة لتفعيل
أمين العاصمة المقدسة الحالي العميد الأسبق لمعهد خادم الحرمين الشريفين الدكتور أسامة البار ينفي أن تكون توصيات هذه المؤتمرات غير قابلة للتطبيق، مشيرا إلى أن أي ملتقى يقام في الحج يدخل في مناط الآية الكريمة (ليشهدوا منافع لهم). وأضاف البار «حتى لو لم تكن هناك توصيات قوية فإن أبحاثها تثري المكتبة الفقهية والاجتماعية والاقتصادية»، ويشير إلى توصيات مؤتمرات الحج تجد طريقها للتطبيق لكنها بحاجة لمزيد من التفعيل والمتابعة.
الإعلام: نحن شركاء في نجاحهم
يصف رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون المتحدث باسم وزارة الإعلام السابق عبدالرحمن الهزاع وسائل الإعلام بأنها شريكة النجاح، مؤكدا أنها تولي هذه المؤتمرات والندوات التي تعقد في موسم الحج اهتماما كبيرا ويخصص لها مساحة كبيرة للتغطية والنقل لتعميم الفائدة، لكنه يرى أن الحكم عليها يعتبر غير منصف في ظل الافتقاد لدراسة عملية حولها.
الشؤون الإسلامية: دعاتنا لا يدعون لها
أكد رئيس لجنة الدعاة في وزارة الشؤون الإسلامية المشارك في برامج التوعية الإسلامية في الحج الدكتور عزام الشويعر أن الدعاة العاملين في التوعية الإسلامية في الحج لا يدعون لمثل هذه المؤتمرات والندوات التي هي في الغالب تركز على الجوانب الشرعية، مشيرا إلى أنها تأخذ الجوانب الأكاديمية والتنظيرية وتهمل الجوانب الميدانية، لافتا إلى أن الدعاة هم أكثر الناس التصاقا بالحجاج ومعرفة بمشكلاتهم والأولى الوجود في مؤتمرات الحج، مشددا على أن التوصيات لا توزع ولا يصلنا منها شيء حتى يستفاد منها.
وزير الحج يعد.. والقائمون عليها يدافعون: تطبيق التوصيات ليس مهمتنا
في وقت تعهد وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بنتن في حفلة الوزارة السنوية الثلاثاء الماضي بتحويل توصيات ندوة الحج الكبرى لمشاريع مفيدة للأمة، دافع القائمون على مؤتمرات وندوات الحج عنها، مؤكدين أنهم يسعون لدعوة كل من له علاقة بمواضيع هذه المؤتمرات ومتابعة توصياتها.
وقال أمين عام ندوة الحج الكبرى السابق الدكتور هشام العباس: «سأحصر كلامي عن ندوة الحج الكبرى التي تقيمها وزارة الحج سنوياً، إذ يشارك في أعمالها عدد من كبار العلماء من داخل المملكة ومن العالم الإسلامي، إضافة إلى عدد من التخصصات العلمية من طبية واجتماعية وغيرها، وللندوة مجلس علمي ولها أمينها العام».
وأشار إلى أنه في ختام كل ندوة تصدر توصيات مستخلصة من جملة ما عرض له المشاركون، مؤكدا أن الهدف من ذلك بالدرجة الأولى أن يسترشد بها لدى كل من يهمهم الأمر من أصحاب الاختصاص لعلهم يجدون فيها ما يمكن إلحاقه بما يعتزمون الإسهام به في مجال التوعية في الحج والتبصير بالناحية السلوكية.
ونفى العباس إهمال مكاتب شؤون الحجاج الحج، مؤكدا أنهم يمدون بمادة علمية خصبة يمكن أن يرتكزوا عليها ضمن ما يجتهدون في إيصاله لحجاج بلادهم لمزيد من التوعية.
بدوره، أكد المدير العام للإعلام والثقافة في رابطة العالم الإسلامي السابق الدكتور حسن الأهدل أن مؤتمراتهم ثقافية ترتبط بالتأصيل للنهج الإسلامي في كل موضوع تتناوله مؤتمراتها في هذا الموسم العظيم.
ويشير الأهدل إلى أن الرابطة أسهمت في حل مشكلات الحج من خلال مؤتمرات عبر تقديمها لتصور لحل مشكلة الزحام، وذلك من خلال ندوة إسلامية كبيرة عقدها المجمع الفقهي، وشارك فيها علماء وفقهاء من مختلف البلدان الإسلامية، ووضعت الندوة تصوراً لحل مشكلة الزحام في الحج، وزودت به الجهات المختصة بذلك.
ويرفض عميد معهد أبحاث الحج السابق الدكتور عبدالعزيز سروجي أن تكون مؤتمرات الحج ذات فائدة محدودة، مستدلا بالملتقى العلمي التي ينظمه المعهد وطرح كل ما يتعلق بأمور الحج الهندسية والبيئية والمعلوماتية، مبينا أن الملتقى يخرج بتوصيات وترفع للمقام السامي لاعتمادها وتنفيذها كما أنها توزع على جميع الجهات التي تخصها، واعترف سروجي أن ليس كل التوصيات تأخذ طريقها للتنفيذ، ولكنه عاد ليشير إلى أن البعض الآخر ينفذ مستشهدا بمنع المركبات دون 25 راكبا التي كانت من التوصيات المرفوعة وتوفير وسائل نقل كالقطار.
المطوفون: توقيتها خاطئ
ينفي المطوفون دعوتهم لحضور أي مؤتمر أو ندوة، مؤكدين أن توقيتها خاطئ لأنها تأتي في وقت الذروة والجميع مشغول عنها.
وهو ما يشير إليه رئيس مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية المطوف المهندس عباس قطان، مطالبا بتوسيع قاعدة المشاركين من مطوفين وحجاج، وإعادة النظر في طريقة إيصال المعلومات للحاج من خلال هذه المؤتمرات.
ويقترح رئيس المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا طارق عنقاوي أن تتم طباعة توصيات هذه المؤتمرات والندوات وترجمتها مع تبسيطها وتوزيعها على الحجاج والجهات ذات العلاقة.
وانتقد عنقاوي عدم وجود وسيلة لقياس مدة الفائدة والتأثير من هذه المؤتمرات، لكنه يرى أنها تناقش مواضيع مهمة ومطلوبة. واعترف المطوف أحمد دهان بعدم حضور أي مؤتمر أو ندوة في الحج بسبب عدم دعوتهم له، مطالبا بضرورة إشراك المطوفين ورؤساء مكاتب شؤون الحج فيها.
شؤون الحجاج: افتحوا المجال
أثنى رؤساء مكاتب شؤون الحجاج على هذه الندوات والمؤتمرات، إلا أن المشاركة فيها ضمن دائرة ضيقة، وأجمع رؤساء مكاتب شؤون حجاج اليمن الدكتور أحمد عطية والمغرب الدكتور أحمد القسطاس ولبنان إبراهيم العيتاني على أن الفائدة كبيرة منها وتساهم في توعية الحجاج. مطالبين بوجود آلية تسمح بمشاركتهم في هذه المؤتمرات والندوات كونهم معنيين أكثر من غيرهم بالتعامل مع حجاج بلدهم وحضورهم لمثل هذه المؤاتمرات سيثريها، وستعود بشكل إيجابي على الارتقاء بالحج وخططه، والنهوض بالأمة الإسلامية من خلال المساهمة في تفعيل توصياتها.
هذا السؤال الذي يقفز كلما رأينا إعلانات عن مؤتمر أو ندوة أو ملتقى في موسم الحج تنتشر في شوارع مكة المكرمة، أو تغطيات لها في وسائل الإعلام المحلية وحتى الخارجية.
وفي كل مرة تتناثر أسئلة حول الجدوى من هذه الندوات والملتقيات والمؤتمرات التي تشرف عليها رابطة العالم الإسلامي ووزارة الحج والعمرة ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج التابع لجامعة أم القرى.
ويتساءل آخرون، ما مصير توصياتها أم أنها بقيت حبرا على ورق؟ وهل تستعين هذه الملتقيات بأصحاب الخبرة الميدانية أم أنها تكتفي بالجوانب التنظيرية والأكاديمية؟
تأتي هذه الأسئلة في ظل نظرة مستقبلية لموسم الحج، إذ وضعت المملكة تطوير منظومة الحج والعمرة أولوية إستراتيجية، وذلك امتداد للدور التاريخي للقيادة السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين، لذلك جاءت رؤية المملكة 2030 لتقدم إستراتيجية متكاملة لتطوير منظومة الحج والعمرة، وإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المسلمين في تأدية مناسك الحج والعمرة، في وقت يتعاظم لدى المسلمين أهمية الحفاظ على هويتهم الإسلامية واستكمال متطلبات شعائرهم الدينية. وهذا لن يتأتى إلا عن طريق الأبحاث والدراسات، وتعد مثل هذه الملتقيات والمؤتمرات والندوات أحد الروافد المهمة لتقديم دراسات وأبحاث تطويرية في مختلف المجالات. ولو استقصينا عدد الملتقيات التي أقيمت خلال (44) عاما مضت لوجدنا أن وزارة الحج قد عقدت 42 ندوة بشكل سنوي باسم ندوة الحج الكبرى، في حين بلغ عدد المؤتمرات التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي 18 مؤتمرا، واكتفى معهد خادم الحرمين الشريفين بتنظيم 17 ملتقى، والمحصلة النهائية 77 ملتقى ومؤتمرا وندوة خلال 44 عاما نوقشت فيها مواضيع مختلفة في نسك الحج تنوعت ما بين شرعية وفقهية وثقافية واقتصادية وهندسية وتنظيمية وصحية وسلوكية. ولو افترضنا أن كل مؤتمر ناقش 30 بحثا، وبحسبة بسيطة نجد أن 30 بحثا في 77 مؤتمرا يساوي 2310 بحوث، فما هو مصير هذه البحوث؟ وماذا أضافت لتطوير خطط الحج وتوعية الحجاج من جهة؟ وماذا قدمت للخروج بالأمة من تراجعها من جهة أخرى؟ والأهم هل استفادت الجهات العاملة في الحج من توصياتها؟
«عكاظ» طرحت القضية على طاولة النقاش مستجلبة آراء كل الجهات ذات العلاقة وخرجت بالحقائق والتوصيات التالية:
الفقهاء والباحثون: مهمتنا الدراسة والتأصيل فقط
يتفق العلماء والفقهاء والباحثون المشاركون في الملتقى على أن دور هذه الندوات طرح المشكلة وتأصيلها، لكن المشكلة الحقيقة في توصيلها وتنفيذها.
وهنا يشخص نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السابق عضو المجامع الفقهية وزير العدل الموريتاني السابق الدكتور عبدالله بن بيه واقع المؤتمرات والندوات بقوله «هذه المؤتمرات لها إسهامات كبرى في التأصيل لكثير من القضايا المتعلقة بالحج ونجحت بذلك، لكن مشكلتها في وسائل التوصيل ونشر توصياتها للجهات ذات العلاقة».
وأضاف «هناك شيء من التقصير في نشر التوصيات وتوزيعها على الدول الإسلامية للاستفادة منها»، ودعا بن بيه وهو أحد المشاركين الدائمين إلى تطويرها بترجمة توصياتها وتوزيعها على الدول الإسلامية ومتابعتها عبر لجان مخصصة لتنفيذ بنودها.
بيد أن عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع يرى أن هذه الأسئلة يجب أن توجه للجهات القائمة على هذه المؤتمرات والندوات.
ووصف المنيع هذه المؤتمرات والندوات بأنها ذات خير كبير وفائدة ملموسة بما تناقشه وتخرج به من توعية وتوجيه وتبصير للحاج والمسؤول وتحقيق المقصد العظيم للحج، مؤكدا أن كثيرا من توصياتها تتحقق، ويدلل على ذلك بتطور خطط الحج والتعاون الكبير بين مكاتب شؤون الحجاج مع المطوفين ووزارة الحج لما فيه راحة الحجيج وأمنهم واستقرارهم. ويرفض مفتي القدس إمام وخطيب المسجد الأقصى السابق الدكتور عكرمة صبري تحميل القائمين على المؤتمرات والندوات المسؤولية وحدها بل يرى في أن حكومات الدول الإسلامية تتحمل جزءا من المسؤولية من خلال تقصيرها بنشر التوصيات وتطبيقها خصوصا فيما يتعلق بجوانب توعية الحجاج وتوجيههم وتنويرهم وهو ما تركز عليه هذه الندوات والمؤتمرات.
ويطرح الرئيس السابق للجنة العلمية لمؤتمر مكة المكرمة الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي الدكتور أحمد بن نافع المورعي تساؤلا هل تحقق المؤتمرات والندوات التي تعقد في الحج الفائدة المطلوبة؟
مؤكدا أن هذه الملتقيات مفيدة لكن نسبة الفائدة تتحدد بمدى تنفيذ هذه التوصيات وتحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها هذه المؤتمرات. وأشار المورعي إلى أن مشكلة هذه المؤتمرات أنها تضع توصيات بعضها يطبق والبعض الآخر لا يطبق بسبب عدم المتابعة من جهة، وصعوبة تطبيقها من جهة أخرى كون الكثير من توصيات المؤتمرات المنعقدة في الحج تنظيرية ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع، وطالب المورعي للحكم بشكل أكثر واقعية على هذه المؤتمرات بالتوجه للجهات العاملة في الحج لسؤالها عن مدى استفادتها من توصيات هذه المؤتمرات في خططها المطبقة في الحج.
أمانة العاصمة: توصياتها بحاجة لتفعيل
أمين العاصمة المقدسة الحالي العميد الأسبق لمعهد خادم الحرمين الشريفين الدكتور أسامة البار ينفي أن تكون توصيات هذه المؤتمرات غير قابلة للتطبيق، مشيرا إلى أن أي ملتقى يقام في الحج يدخل في مناط الآية الكريمة (ليشهدوا منافع لهم). وأضاف البار «حتى لو لم تكن هناك توصيات قوية فإن أبحاثها تثري المكتبة الفقهية والاجتماعية والاقتصادية»، ويشير إلى توصيات مؤتمرات الحج تجد طريقها للتطبيق لكنها بحاجة لمزيد من التفعيل والمتابعة.
الإعلام: نحن شركاء في نجاحهم
يصف رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون المتحدث باسم وزارة الإعلام السابق عبدالرحمن الهزاع وسائل الإعلام بأنها شريكة النجاح، مؤكدا أنها تولي هذه المؤتمرات والندوات التي تعقد في موسم الحج اهتماما كبيرا ويخصص لها مساحة كبيرة للتغطية والنقل لتعميم الفائدة، لكنه يرى أن الحكم عليها يعتبر غير منصف في ظل الافتقاد لدراسة عملية حولها.
الشؤون الإسلامية: دعاتنا لا يدعون لها
أكد رئيس لجنة الدعاة في وزارة الشؤون الإسلامية المشارك في برامج التوعية الإسلامية في الحج الدكتور عزام الشويعر أن الدعاة العاملين في التوعية الإسلامية في الحج لا يدعون لمثل هذه المؤتمرات والندوات التي هي في الغالب تركز على الجوانب الشرعية، مشيرا إلى أنها تأخذ الجوانب الأكاديمية والتنظيرية وتهمل الجوانب الميدانية، لافتا إلى أن الدعاة هم أكثر الناس التصاقا بالحجاج ومعرفة بمشكلاتهم والأولى الوجود في مؤتمرات الحج، مشددا على أن التوصيات لا توزع ولا يصلنا منها شيء حتى يستفاد منها.
وزير الحج يعد.. والقائمون عليها يدافعون: تطبيق التوصيات ليس مهمتنا
في وقت تعهد وزير الحج والعمرة الدكتور محمد بنتن في حفلة الوزارة السنوية الثلاثاء الماضي بتحويل توصيات ندوة الحج الكبرى لمشاريع مفيدة للأمة، دافع القائمون على مؤتمرات وندوات الحج عنها، مؤكدين أنهم يسعون لدعوة كل من له علاقة بمواضيع هذه المؤتمرات ومتابعة توصياتها.
وقال أمين عام ندوة الحج الكبرى السابق الدكتور هشام العباس: «سأحصر كلامي عن ندوة الحج الكبرى التي تقيمها وزارة الحج سنوياً، إذ يشارك في أعمالها عدد من كبار العلماء من داخل المملكة ومن العالم الإسلامي، إضافة إلى عدد من التخصصات العلمية من طبية واجتماعية وغيرها، وللندوة مجلس علمي ولها أمينها العام».
وأشار إلى أنه في ختام كل ندوة تصدر توصيات مستخلصة من جملة ما عرض له المشاركون، مؤكدا أن الهدف من ذلك بالدرجة الأولى أن يسترشد بها لدى كل من يهمهم الأمر من أصحاب الاختصاص لعلهم يجدون فيها ما يمكن إلحاقه بما يعتزمون الإسهام به في مجال التوعية في الحج والتبصير بالناحية السلوكية.
ونفى العباس إهمال مكاتب شؤون الحجاج الحج، مؤكدا أنهم يمدون بمادة علمية خصبة يمكن أن يرتكزوا عليها ضمن ما يجتهدون في إيصاله لحجاج بلادهم لمزيد من التوعية.
بدوره، أكد المدير العام للإعلام والثقافة في رابطة العالم الإسلامي السابق الدكتور حسن الأهدل أن مؤتمراتهم ثقافية ترتبط بالتأصيل للنهج الإسلامي في كل موضوع تتناوله مؤتمراتها في هذا الموسم العظيم.
ويشير الأهدل إلى أن الرابطة أسهمت في حل مشكلات الحج من خلال مؤتمرات عبر تقديمها لتصور لحل مشكلة الزحام، وذلك من خلال ندوة إسلامية كبيرة عقدها المجمع الفقهي، وشارك فيها علماء وفقهاء من مختلف البلدان الإسلامية، ووضعت الندوة تصوراً لحل مشكلة الزحام في الحج، وزودت به الجهات المختصة بذلك.
ويرفض عميد معهد أبحاث الحج السابق الدكتور عبدالعزيز سروجي أن تكون مؤتمرات الحج ذات فائدة محدودة، مستدلا بالملتقى العلمي التي ينظمه المعهد وطرح كل ما يتعلق بأمور الحج الهندسية والبيئية والمعلوماتية، مبينا أن الملتقى يخرج بتوصيات وترفع للمقام السامي لاعتمادها وتنفيذها كما أنها توزع على جميع الجهات التي تخصها، واعترف سروجي أن ليس كل التوصيات تأخذ طريقها للتنفيذ، ولكنه عاد ليشير إلى أن البعض الآخر ينفذ مستشهدا بمنع المركبات دون 25 راكبا التي كانت من التوصيات المرفوعة وتوفير وسائل نقل كالقطار.
المطوفون: توقيتها خاطئ
ينفي المطوفون دعوتهم لحضور أي مؤتمر أو ندوة، مؤكدين أن توقيتها خاطئ لأنها تأتي في وقت الذروة والجميع مشغول عنها.
وهو ما يشير إليه رئيس مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية المطوف المهندس عباس قطان، مطالبا بتوسيع قاعدة المشاركين من مطوفين وحجاج، وإعادة النظر في طريقة إيصال المعلومات للحاج من خلال هذه المؤتمرات.
ويقترح رئيس المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا طارق عنقاوي أن تتم طباعة توصيات هذه المؤتمرات والندوات وترجمتها مع تبسيطها وتوزيعها على الحجاج والجهات ذات العلاقة.
وانتقد عنقاوي عدم وجود وسيلة لقياس مدة الفائدة والتأثير من هذه المؤتمرات، لكنه يرى أنها تناقش مواضيع مهمة ومطلوبة. واعترف المطوف أحمد دهان بعدم حضور أي مؤتمر أو ندوة في الحج بسبب عدم دعوتهم له، مطالبا بضرورة إشراك المطوفين ورؤساء مكاتب شؤون الحج فيها.
شؤون الحجاج: افتحوا المجال
أثنى رؤساء مكاتب شؤون الحجاج على هذه الندوات والمؤتمرات، إلا أن المشاركة فيها ضمن دائرة ضيقة، وأجمع رؤساء مكاتب شؤون حجاج اليمن الدكتور أحمد عطية والمغرب الدكتور أحمد القسطاس ولبنان إبراهيم العيتاني على أن الفائدة كبيرة منها وتساهم في توعية الحجاج. مطالبين بوجود آلية تسمح بمشاركتهم في هذه المؤتمرات والندوات كونهم معنيين أكثر من غيرهم بالتعامل مع حجاج بلدهم وحضورهم لمثل هذه المؤاتمرات سيثريها، وستعود بشكل إيجابي على الارتقاء بالحج وخططه، والنهوض بالأمة الإسلامية من خلال المساهمة في تفعيل توصياتها.