زمن «الأبطال» المزيفين!
الاثنين / 27 / ذو الحجة / 1438 هـ الاثنين 18 سبتمبر 2017 01:24
نجيب يماني
لو بحثنا عن زمن الأبطال المزيفين في تاريخنا المعاصر لوجدنا أن أصحاب الشعارات الفارغة والأصوات العالية التي يقدسها أصحاب العقول الخربة من حزب الله اللبناني وصاحبه حسن نصرالله، وشركة حماس، والإخوان المتأسلمين ونظام الملالي وأردوغان تركيا وحركات الإسلام السياسي ومن انضوى تحت عباءتها من الإرهابيين، وبعض ادعياء القومية والمجموعات المسلحة الفلسطينية التي تتقاتل فيما بينها ومحور الممانعة والمقاومة والذي ألهب مشاعرنا لتحرير فلسطين وتخليص الأقصى من عبثة اليهود، كل يدعي أنه البطل وأنه المخلص الحقيقي لهذه الأمة، وما هم إلا تجار شنطة بضاعتهم قضية فلسطين وتحرير الأقصى، يدركون أن بطولاتهم زائفة وأقوالهم غير منطقية في ظل التوازنات العالمية.
ليس لهم أفعال «خارقة»، ولكن اليأس جعلنا نختصر الأحداث التاريخية في صورة شخصيات بعينها، وانسرب هذا المفهوم في كل مفاصل حياتنا، حتى أصبحنا أسيري «غائب» ننتظره ليحل كل معضلاتنا، و«مخلص» يفني أعداءنا، ويرتب فوضانا، وما علينا إلا أن نغني له، حين ينجز لنا كل هذه المهام الجسام، وله علينا من القصائد الطوال ما يكلل جبينه زهوًا، والحبر المسال يغرقه مدحًا وتعظيمًا.. فإن غاب أو تأخر فلنا في «المقابر» سلوة وعزاء، فهناك يرقد صلاح الدين، وهو غايتنا القصوى لتحرير الأقصى اليوم، وهناك عمر المختار، والسنوسي.. وغيرهم من رجال لمعوا وأدوا فرضهم، وتركوا لنا البحث عن «بطل» دون أن يستشعر كل واحد منا أن البطولة قيمة جماعية، لن يقوم بها أحد وتسقط عن الآخرين، وهي في ذروة تناميها ترتفع صوتًا وصيتًا باسم شخص واحد أو أشخاص معدودين. وليس هذا من قبيل غمط الحقوق، أو تزييف التاريخ، ولكنه من باب التحفيز على التميز ضمن البطولة الكبرى التي قوامها المجتمع والأمة. تجلى ذلك في مشروع الملك فهد للسلام ومبادرة الملك عبدالله للسلام والتي ضمنت حقوق الفلسطينيين وخرجت بالقضية من المتاجرة إلى حل حقيقي مقنع، ولكن أعداء السلام والمتاجرين بهذه القضية وقفوا لها بالمرصاد، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وموقفه الحازم وهو يكرر موقف السعودية الثابت من هذه القضية ودعمها غير المشروط وتحقيق السلام العادل لتكون القدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين إبان جهوده الأخيرة المبذولة لفتح الأقصى وعودة الله أكبر دون مزايدة أو بطولة زائفة.
لابد أن تقطع أمتنا اليوم صلتها بمفهوم المخلص، والبطل الأوحد، والغائب في السراديب في انتظار وقته المتوهم بظنهم، وأن تتخلص الذاكرة الجمعية من مفضيات مثل هذا الفهم، الذي من خطورته بدأ ينسرب بطرق خفية، أكثر أثرًا، وأعمق تأثيرًا، تستهدف الأطفال والشباب، وتربط وعيهم بمثل هذه الأفكار عبر المؤثرات الحديثة، فالسينما بأفلامها المختلفة، هناك «بطل» واحد، يفعل ما لا تفعله أمة كاملة، في تسطيح واضح، وتجهيل متعمد، تقوم على البطل الأوحد الذي يفني جيشًا، ويقضي على الجميع، يقتل ولا يُقتل، يفني ولا يموت، خارق بأقصى ما يحتمل الخيال، ونحن نتابعه بشغف، ونسانده بالعواطف، وكلما قتل ثلة، زدناه من رصاص خيالنا ليقتل البقية، لا ننظر إليه بعين الواقع، ونطالبه باحترام عقولنا.. معبراًعن توقنا العاجز في قتل أعداءنا وناب عنا في ذلك. إنّها صورة مكررة تأتي إلينا من «بوليود» و«هولويود»، وقل أيضًا من «عربيود»، فعلى قلة اهتمام السينما العربية بـ«الآكشن»، فإنها لم تعدم في قلتها تمجيدًا لـ«الخارق» الذي لا مكان له إلا في «الشاشة».
إن هذه العقليات التي دخلت الشاشة ولم تخرج منها والتي ترى في «حسن نصر» ضامن سلامة الدواعش ومهندس خروجهم الآمن من لبنان وحامي قافلتهم في الصحراء المخلص والفرج، والفاتح المنتظر، الذي سيكنس إسرائيل، ويرمي بها في البحر، جالسة عند مخرج حنجرته وهو يرسل حممًا من خطبه، ووعيدًا مرعدًا لإسرائيل، ولا تفهم أن ما يقوم به مجرد متاجرة سياسية لا أكثر، وركوبًا لمطية «البطل» التي أصبحت هملاً، ولو أنها فتحت بصائرها وأعينها، ولو بنصف طاقة الاستبصار، لأدركت خطورة أن يرتهن شخص ما لنظام الملالي، و«يتبجح» بعلاقته مع إيران والدواعش، وينتظر من شخص بهذا المسلك نصرًا للقدس، وصرخة استغاثة للأقصى، والمؤسف حقًا أن من يعتقدون ذلك ليس من دهماء الناس ورعاعهم، ولكن ممن انتسبوا للعلم بالشهادات، وفارقوه بالوعي.
وليست الإشارة إلى «حزب الله» و«الشاطر حسن» وحدها المخزية في مشهد اليوم، فثمة من يراهن على «حماس»، و«الإخوان»، و«داعش»،.. وكل هذه الجماعات التي تأسست فقط في زمن الغفلة و«البطولة» اليتيمة، وبقيت تستعلي بصوت الجميع، وتركب مطية المخلصين، وتستهدف المجتمع بالوبال والتنكيل والمخزيات من الدسائس والمؤامرت بأكثر من توجع العدو، الذي لا ينال منها إلا الوعيد، واللغة العصابية المهيجة لأشواق السذج البسطاء.
عيب على هذه الجماعات المتاجرة بقضايا الأمة، وأصوات الراكبين مطايا البطولة فيها، فذاك طموح ما كان لهم أن يركبوا دابته إلا حين غفلنا عن رؤاهم المفخخة، وأدرنا الظهور عن أفعالهم الأثيمة، وبررنا لبعضهم ما اقترفت يداه من مآثم.. فهل من منتبه يقظ؟!
ليس لهم أفعال «خارقة»، ولكن اليأس جعلنا نختصر الأحداث التاريخية في صورة شخصيات بعينها، وانسرب هذا المفهوم في كل مفاصل حياتنا، حتى أصبحنا أسيري «غائب» ننتظره ليحل كل معضلاتنا، و«مخلص» يفني أعداءنا، ويرتب فوضانا، وما علينا إلا أن نغني له، حين ينجز لنا كل هذه المهام الجسام، وله علينا من القصائد الطوال ما يكلل جبينه زهوًا، والحبر المسال يغرقه مدحًا وتعظيمًا.. فإن غاب أو تأخر فلنا في «المقابر» سلوة وعزاء، فهناك يرقد صلاح الدين، وهو غايتنا القصوى لتحرير الأقصى اليوم، وهناك عمر المختار، والسنوسي.. وغيرهم من رجال لمعوا وأدوا فرضهم، وتركوا لنا البحث عن «بطل» دون أن يستشعر كل واحد منا أن البطولة قيمة جماعية، لن يقوم بها أحد وتسقط عن الآخرين، وهي في ذروة تناميها ترتفع صوتًا وصيتًا باسم شخص واحد أو أشخاص معدودين. وليس هذا من قبيل غمط الحقوق، أو تزييف التاريخ، ولكنه من باب التحفيز على التميز ضمن البطولة الكبرى التي قوامها المجتمع والأمة. تجلى ذلك في مشروع الملك فهد للسلام ومبادرة الملك عبدالله للسلام والتي ضمنت حقوق الفلسطينيين وخرجت بالقضية من المتاجرة إلى حل حقيقي مقنع، ولكن أعداء السلام والمتاجرين بهذه القضية وقفوا لها بالمرصاد، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وموقفه الحازم وهو يكرر موقف السعودية الثابت من هذه القضية ودعمها غير المشروط وتحقيق السلام العادل لتكون القدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين إبان جهوده الأخيرة المبذولة لفتح الأقصى وعودة الله أكبر دون مزايدة أو بطولة زائفة.
لابد أن تقطع أمتنا اليوم صلتها بمفهوم المخلص، والبطل الأوحد، والغائب في السراديب في انتظار وقته المتوهم بظنهم، وأن تتخلص الذاكرة الجمعية من مفضيات مثل هذا الفهم، الذي من خطورته بدأ ينسرب بطرق خفية، أكثر أثرًا، وأعمق تأثيرًا، تستهدف الأطفال والشباب، وتربط وعيهم بمثل هذه الأفكار عبر المؤثرات الحديثة، فالسينما بأفلامها المختلفة، هناك «بطل» واحد، يفعل ما لا تفعله أمة كاملة، في تسطيح واضح، وتجهيل متعمد، تقوم على البطل الأوحد الذي يفني جيشًا، ويقضي على الجميع، يقتل ولا يُقتل، يفني ولا يموت، خارق بأقصى ما يحتمل الخيال، ونحن نتابعه بشغف، ونسانده بالعواطف، وكلما قتل ثلة، زدناه من رصاص خيالنا ليقتل البقية، لا ننظر إليه بعين الواقع، ونطالبه باحترام عقولنا.. معبراًعن توقنا العاجز في قتل أعداءنا وناب عنا في ذلك. إنّها صورة مكررة تأتي إلينا من «بوليود» و«هولويود»، وقل أيضًا من «عربيود»، فعلى قلة اهتمام السينما العربية بـ«الآكشن»، فإنها لم تعدم في قلتها تمجيدًا لـ«الخارق» الذي لا مكان له إلا في «الشاشة».
إن هذه العقليات التي دخلت الشاشة ولم تخرج منها والتي ترى في «حسن نصر» ضامن سلامة الدواعش ومهندس خروجهم الآمن من لبنان وحامي قافلتهم في الصحراء المخلص والفرج، والفاتح المنتظر، الذي سيكنس إسرائيل، ويرمي بها في البحر، جالسة عند مخرج حنجرته وهو يرسل حممًا من خطبه، ووعيدًا مرعدًا لإسرائيل، ولا تفهم أن ما يقوم به مجرد متاجرة سياسية لا أكثر، وركوبًا لمطية «البطل» التي أصبحت هملاً، ولو أنها فتحت بصائرها وأعينها، ولو بنصف طاقة الاستبصار، لأدركت خطورة أن يرتهن شخص ما لنظام الملالي، و«يتبجح» بعلاقته مع إيران والدواعش، وينتظر من شخص بهذا المسلك نصرًا للقدس، وصرخة استغاثة للأقصى، والمؤسف حقًا أن من يعتقدون ذلك ليس من دهماء الناس ورعاعهم، ولكن ممن انتسبوا للعلم بالشهادات، وفارقوه بالوعي.
وليست الإشارة إلى «حزب الله» و«الشاطر حسن» وحدها المخزية في مشهد اليوم، فثمة من يراهن على «حماس»، و«الإخوان»، و«داعش»،.. وكل هذه الجماعات التي تأسست فقط في زمن الغفلة و«البطولة» اليتيمة، وبقيت تستعلي بصوت الجميع، وتركب مطية المخلصين، وتستهدف المجتمع بالوبال والتنكيل والمخزيات من الدسائس والمؤامرت بأكثر من توجع العدو، الذي لا ينال منها إلا الوعيد، واللغة العصابية المهيجة لأشواق السذج البسطاء.
عيب على هذه الجماعات المتاجرة بقضايا الأمة، وأصوات الراكبين مطايا البطولة فيها، فذاك طموح ما كان لهم أن يركبوا دابته إلا حين غفلنا عن رؤاهم المفخخة، وأدرنا الظهور عن أفعالهم الأثيمة، وبررنا لبعضهم ما اقترفت يداه من مآثم.. فهل من منتبه يقظ؟!