تحقيقات

دواعي «الزنا» وتأديب الزوجة.. تشعلان الجدل!

أحدهما في المدارس الثانوية والآخر في الجامعة

علي الشعيبي

عيسى الشاماني (الرياض) @I_ALSHAMANI

في كل عام دراسي جديد يتجدد الجدل بين السعوديين حول المناهج الدراسية وما تحويها من بعض المقولات المتشددة وفقا لما يراها منتقدوها على الأقل، إذ ظهرت بعض المناهج الدراسية هذا العام بشيء من هذا الطيف العابر كل عام، خصوصا ما يتعلق بقضايا المرأة على الصعيدين الشرعي والأخلاقي.

ونقل منهج العلوم الإسلامية الذي يتم تدريسه لطلاب وطالبات الصف الأول الثانوي، هذا العام عبارات صادمة لعاملين في الوسط التعليمي، اذ يعتبر مؤلف الكتاب أن الاختلاط وسفر المرأة بلا محرم، هما من دواعي «الزنا»، فيما «شرعن» منهج النظام الجنائي الذي يتم تدريسه في كلية الحقوق بجامعة الملك عبدالعزيز «تعزير المرأة العاصية من قبل زوجها»!

ويعد منهج العلوم الإسلامية (اطلعت عليه «عكاظ»)، «التبرج والسفور، والنظر إلى الحرام، والخلوة، ومصافحة الرجل للمرأة الأجنبية، وسفر المرأة بلا محرم، والاختلاط والنظر إلى الحرام، من الأسباب التي تقود إلى الزنا».

وفي السياق ذاته، نقل منهج تعليمي يحمل اسم «النظام الجنائي السعودي»، والذي يتم تدريسه لطلاب وطالبات كلية الحقوق في جامعة الملك عبدالعزيز، عبارات وصفت بأنها تشرعن الاعتداء على الزوجة، حيث يؤكد مؤلف الكتاب «أنه يحق للرجل تأديب زوجته على المعاصي، التي لاحد لها، مثل تبذيرها للمال أو مقابلتها لغير المحارم».

وبحسب مؤلف المنهج الجنائي، الدكتور زكي محمد شناق، والذي يعمل أيضا كأستاذ للقانون الجزائي في نفس الكلية «فإن للزوج الحق في تعزير زوجته المسلمة على تركها الفرائض من صلاة وصوم، كما يحق له أن يؤدبها على المعاصي التي لاحد لها خصوصا خروجها من المنزل دون إذنه، أو مقابلة غير المحارم أو تبذيرها للمال، وغيرها من الأفعال الواجبة فيها طاعة الرجل».

«عكاظ» حاولت التواصل مع المسؤولين في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة لاستيضاح الأمر، غير أن المتحدث باسم الجامعة الدكتور شارع البقمي، أبدى استعداده لبحث الموضوع مع كلية الحقوق والرد على أسئلة الصحيفة.

وقال البقمي في اتصال هاتفي مع «عكاظ»، أنه ليس لديه فكرة عن المقرر المثير للجدل، فالجامعة تحتضن أكثر من 200 مقرر وكل كلية على معرفة تامة بمقرراتها ووعد بالرد على أسئلة الصحيفة خلال يومين. وحاولت «عكاظ» التواصل مع المتحدث باسم وزارة التعليم مبارك العصيمي، وتعذر ذلك.

في المقابل، يعتبر الأكاديمي علي الشعيبي المتخصص في المناهج وطرق التدريس، المدرسة والجامعة «جسر عبور إلى الغد»، ففيهما تتلقى الأجيال المعرفة التي تسهم في عملية بناء الإنسان ومجتمعه، وينبغي أن تكون مناهج التعليم في المدارس والجامعات سليمة وصحيحة ذات دلالات تربوية منطقية ومتوافقة مع طبيعة العصر وحاجة الأفراد، والمهم أيضا أن تبتعد عن التشدد والتطرف وإلزام الطلاب بالرأي الواحد.

وأوضح الشعيبي لـ «عكاظ»، أن ما تحمله بعض المقررات من إيحاءات لفظية تقزّم الآخر أيّا كان جنسه ودينه وغير متناغمة ومتوافقة مع روح العصر والإيحاءات اللفظية القاسية والمشوشة والمقزمة للطرف الآخر، تحتم علينا نظرة جادة وصادقة في إعادة صياغة المناهج بروح العصر مع المحافظة على الأصل المتفق عليه إجماعاً، وهذا ما يحدث، وبدرجات متفاوتة في مناهج التعليم لدينا، إلا أنها خطوات بطيئة وغير سريعة تعلل أحيانا بظروف المجتمع الدينية والاجتماعية.

وشدد الشعيبي على الضرورة تضمين المقـررات موضوعات تهدف إلى تنمية القيم الاجتماعية، والاتجاهات الإيجابية، والبعد عن الإقصاء، والتقليل من شأن المرأة وإبرازها بصورة تبدو أقل مما يجب أن تكون عليه، وهو بلاشك يسبب شرخا في منظومتنا التعليمية، بل هو خطأ جسيم نربي أجيالنا عليه، بيد أن هذا الإصلاح يحتاج منا أن نقف وبكل وضوح ودون مجاملة لأحد على قيمنا الدينية والخلقيـة والاجتماعية الأصيلة.

وأضاف: يجب أن نتمكن من غربلة كل ما هو دخيل ومتطرف وشاذ، من أجل بنـاء مجتمـع متحضر ومتقدم ومراجعـة المقررات مراجعة شاملة بواسطة تربويين متخصصين ومنفتحين على العالم ومن جميع التخصصات دون حكرها على اتجاه واحد، بحيث تكون المناهج مرتبطة بحاجات المجتمع وتطلعاته.