كتاب ومقالات

# صورتك_ وطنك

خالد صالح الفاضلي

ساهم سعوديون كثيرا بتكوين جيش «فلاشات» أصاب الإنترنت بتخمة فوتوغرافية سلبية، تحتاج إلى دراسات لفهم دوافعهم، وربما التشكيك بوجود إدارة وتمويل لتكريس - ما يعتقدونه - سوداوية حياتنا اليومية، وتدني أداء الدولة لأمانة خدماتها.

يشارك أيضاً عرب وأجانب بتوضيح حجم جشع عدساتهم لالتهام زوايا من مدننا قابلة لزيادة حنق المواطن، وتهكم وسائل الإعلام الأجنبية، ورغم اعتقاد بعضهم بأنها لقطة عابرة، أو لحظة «فاغرة» فإن الصورة لا تموت، ولا تتلاشى كالصوت.

تأخذ الصورة السلبية مكان «قصيدة الهجاء»، كلاهما فن، كلاهما قاصد إساءة، مع حتمية تعدد تأويل الرمزية، لذلك فإن مساس الصورة والفيديو بسمعة وطن قابل للاستخدام كسلاح ضد سمعتنا، لاحقاً ومن أطراف متعددة، حتى لو كانت لحظة الالتقاط لا تحمل تربصاً أو خبثاً.

كان جزء كبير من الصور السلبية استمرارا لمزاج واسع هادف لتشويه جهود الحكومة في محاربة الفقر، رداءة مستويات السكن، وتكريساً لقناعات يصعب زحزحتها عن سوء معاملة رب العمل السعودي لكوادر بشرية أجنبية، عدم قدرة البنية التحتية على الصمود، فشل هندسة المدن في العبور إلى العالم الأول، وغيرها.

تُبحر مقاطع الفيديو والصور السوداوية نحو «همجية» الشارع السعودي، عدم وجود رقابة صارمة على صناعة الغذاء، اتساع عنف المعلم ضد الطفل، العنف الأسري، التحرش الجنسي في الشارع، تلاعب في أسعار المنتجات، وكل المسارات العاملة على رفع مستويات الكآبة، وتقليص الثقة بين المواطن والحكومة، وللأسف كان مصدر بعض الصور من مكاتب إعلامية تابعة لوزارات، «وزارة التجارة وحملاتها التفتيشية أنموذجاً نشيطاً».

تتوالد الصور السوداوية ضد بلادي على الإنترنت يومياً، بزخم، رغم تسارع أعداد الشباب والشابات المهووسين بتأسيس مجموعات تصوير، وامتلاكهم لمعدات وتقنيات احترافية، وانتفاخ ظاهرة «أنا فوتوغرافية»، كذلك وجود عدسات الجوال كأصبع سادس في أيادينا.

تركض جمعيات الثقافة والفنون نحو تكثيف تنظيم فعاليات تصوير، أغلبها فعاليات للفلاشات فقط، لا توجد رسالة فلسفية واضحة، كنقل إيجابيات السعودية في عالم الصورة الإلكترونية، بينما غياب الإعلام الإقليمي (صحافة وتلفزة) يعزز أسباب نقص المحتوى البصري الإيجابي.

جاء اليوم الوطني بلمحة رائعة تحمل مسمى «# صورتك _ وطنك»، منحازة بقوة للمناداة بأهمية تعديل ميزان الصور الإلكترونية عن السعودية لمصلحة التفاؤل، البياض، المصداقية، وملامح الوطنية، وهو دور كان مأمولا قيام وزارة الإعلام به، فسبقها القطاع الخاص لرتق النقص، وسانده جمهور التواصل الاجتماعي، جمهور متعطش للإيجابية، للتأكيد على أنه يرى وطنه بعيون راضية.

أنجزت «# صورتك _ وطنك» مهمتها، علقت الجرس، ولعل وزارة الثقافة والإعلام، صحفنا، قنواتنا التلفزيونية، جمعيات الثقافة والفنون، وكذلك شبابنا يكملون المشوار من أجل الوطن، أو من أجل جوائز مادية ومعنوية يتم تأسيسها لتكثيف الصورة الإيجابية عن السعودية، وبلغات متعددة، مع تذكير وكالة الأنباء السعودية بأدوارها.

تستطيع صحفنا السعودية زحزحة صور الجميلات عن الصفحة الأخيرة، واستبدالها بصورة فلاح سعودي، كهل يحمل بين أياديه شتلة «مثلاً»، لأننا أوشكنا أن نؤمن بأن الزراعة «كان يا ما كان»، أو صورة لأحد مشاريع التنمية، أو وجه سعودي حقق إنجازا وفرادة.

jeddah9000@

jeddah9000@hotmail.comm