كثيرون يعتقدون أنهم يشكون من تخلف عقلي أوصلهم إلى الابتعاد عن أسرهم وعائلاتهم، بعضهم دفعتهم «ظروف أسرية قاهرة» إلى العزلة، ومع ذلك حين تقترب منهم تكتشف عالما آخر من الحكمة والفصاحة، بعضهم ينظمون الشعر، ويتحدثون الإنجليزية بطلاقة، منهم «م، أ» الذي يقبع أسفل أحد الجسور وسط حي العزيزية بمكة المكرمة، يحمل حقيبة سوداء بها متعلقاته الشخصية (ملابس بالية نتيجة الترحال من موقع إلى آخر)، ورفض الإفصاح عن معاناته والكشف عن هويته، واكتفى بالقول إن عائلته تسكن جنوب المملكة، وأنه لا يعرف عنهم شيئا بعدما ارتحل إلى مكة المكرمة قبل سنوات عدة بصحبة أحد الأشخاص ليعيش هائما في الشوارع. وفي موقع آخر من شوارع العاصمة المقدسة يعيش «س، أ»، الذي تجاوز الخمسين من العمر، ولا تبدو عليه أية علامات أو ملامح اختلال، إذ فضل العيش في ذلك المكان بعيدا عن أشقائه الذين يعيشون في ذات المدينة، وأمنيته الوحيدة «تسجيله في قوائم الضمان الاجتماعي، وتوفير سكن يحميه من لهيب الشمس»، ويختم بالقول إنه كان يقطن حي العمرة، ومنذ ثلاث سنوات اختار أن يهيم في الشوارع.