أخبار

علاج مستقل لـ «الهائمين بالشوارع».. والاستثمار في «المصحات»

مؤتمر الطب النفسي يبحث إزالة الصورة الذهنية الخاطئة عن المرضى

جانب من مؤتمر الطب النفسي الذي انطلقت فعالياته أمس (الثلاثاء) في الطائف. (عكاظ)

عبدالكريم الذيابي (الطائف) okaz_online@

تتجه وزارة الصحة إلى خصخصة مستشفيات الصحة النفسية بالكامل وتوفير خدمات إيوائية مستقلة للمرضى الهائمين في الشوارع.

وفي موازاة ذلك، رصدت «عكاظ» واقع الطب النفسي انطلاقا من أعمال مؤتمر الرؤية المستقبلية لتطوير الطب النفسي في السعودية الذي أطلق محافظ الطائف المكلف سعد الميموني فعالياته أمس بحضور وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتحول الدكتور خالد الشيباني ووكيل وزارة العدل للشؤون القضائية عبدالرحمن عبدالواحد ومدير صحة الطائف صالح المونس، بمشاركة عدد من المهتمين والمختصين في مجال الطب والعلاج النفسي.

ويستمر المؤتمر الذي ينفذه مستشفى الصحة النفسية ثلاثة أيام معتمدة من هيئة التخصصات بواقع ٢٤ ساعة للممارسين الصحيين ويسلط الضوء على تطوير الخدمات النفسية بالسعودية، وعلى خطة الوزارة في التحول الصحي في الأمراض المزمنة والنفسية بما يتوافق مع رؤية الوزارة، ويتم التسجيل إلكترونيا بالمؤتمر عن طريق نظام التدريب الإلكتروني. ويشارك في المؤتمر عدد من الخبراء النفسيين والمهتمين بالمجال النفسي من داخل السعودية وخارجها بهدف تعزيز الطرق الصحية لعلاج الحالات النفسية ورعايتها بما يتناسب والوضع الخاص لهذه الفئة، كما يعمل على استقطاب كافة أطياف المهتمين في هذا المجال لفتح آفاق أوسع للرعاية الصحية النفسية.

فض الاشتباك

وعلى هامش المؤتمر، أوضح الدكتور يوسف عبدالغني المدير العام للصحة النفسية بالوزارة لـ «عكاظ» أن الرؤية المستقبلية للطب النفسي يطرح خصخصة التشغيل الكامل للمستشفيات، خصوصا وأن الأوامر التي صدرت في شعبان ورجب الماضيين تضمن افتتاح أجنحة طب نفسي للتنويم في المستشفيات العامة والأهلية التي تتسع لأكثر من ١٠٠ سرير وإنشاء عيادات نفسية في مستشفيات أقل من ١٠٠ سرير، وتشمل الأوامر مستشفيات الصحة والقطاع الخاص ومستشفيات وزارة الدفاع وقوى الأمن والحرس الوطني لتدرج في رؤية التحول الوطني، وستكون أولى ثمرات تحقيقها في ٢٠٢٠.

وأضاف عبدالغني أن التوجيهات تقضي بعدم تدخل الجهات الأمنية والمختصة في أوامر تنويم المرضى إلا في حدود ظروف معينة يقيسها الحاكم الإداري.

وعن جدوى هذه الخدمات أضاف مدير الصحة النفسية أنها ستسهم بشكل كبير لإزالة الصورة الذهنية المرتبطة عن الكثيرين بأن العلاج في المستشفيات النفسية للمجانين. وأضاف، «هذا تفكير وصورة خاطئة.. فالخدمات المتوافرة في كل المستشفيات مهمة في هذا الاتجاه». وشرح عبدالغني حقيقة الاختلاف الذي يحدث بين وزارة الصحة من جهة ووزارة العمل من جهة أخرى حول تنويم واستقبال الحالات من الأخيرة. وأوضح أن منطلقات الصحة وصلب عملها الرسمي يعالج ويستقبل فقط الحالات الذهنية والإعاقة الحركية التي تتلقى العلاج بمستشفيات النقاهة، فيما تتولى وزارة العمل مسؤولية الإعاقة المزدوجة (الحركية مع العقلية).

تقنيات خارج الدوام

الدكتور عبدالحميد الحبيب أمين اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية، أوضح لـ «عكاظ» على هامش المؤتمر أن المسببات الجديدة لاكتشاف المرض النفسي في السعودية تكمن بشكل كبير في المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية. وأعرب عن أمله أن يحقق المؤتمر نقلة نوعية في القدرة على التخطيط لإعادة هيكلة الخدمات بشكل عام، إذ إن الخطط السابقة كانت تعتمد على المستشفى والأدوية، والرؤية القادمة تعتمد على مشاركة المجتمع واستخدام التقنيات خارج الدوام لإعادة التأهيل ودمج المرضى النفسيين مع إعادة تأهيلهم وتوظيفهم.

وردا على استفسار ما إذا كانت نسب الإصابة مرتفعة عن السابق، كشف الحبيب أن هناك مسحا وطنيا قامت عليه وزارة الصحة في الأربعة أعوام الماضية بالتعاون مع القطاعات الحكومية والخاصة، والآن المسح في مرحلته الأخيرة وسيعلن عنها قريبا وستكون النتائج رافدا مهما للتخطيط في المستقبل بشكل عام. وألمح أن النتائج الأولية تكشف نسب الانتشار وفروقاتها بين المناطق، وأمسك عن كشف أبرز المناطق التي يكثر بها المرضى النفسيون، مشيرا إلى أنهم لايستطيعون تحديد نسبة ارتفاع الأمراض النفسية من عدمها، لأنه بالأصل لايوجد في السابق أي دراسات أظهرت نسبا في هذا الإطار.

وأفاد الحبيب بأن لديهم خطة لإنشاء جمعية وطنية خيرية للرعاية المجتمعية تساند المستشفيات القائمة وستكون لديها مراكز بكل منطقة.

وأضاف أن هناك حلولا سيتم الأخذ بها للمرضى الذين رفضت أسرهم استلامهم بعد تشافيهم، إذ سيلزمون باستلامهم وإدراجهم ضمن برامج الزيارات المنزلية، أما الحالات الصعبة بمن فيهم الهائمون في الشوارع فسيتم توفير خدمات إيوائية مستقلة لهم خارج المستشفيات وإقناع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.

تجولت «عكاظ» أمس بالعدسة والقلم على واقع مستشفى الصحة النفسية الحالي بالطائف، ويقع المستشفى على شارع شهار الذي يعتبر من أكثر الشوارع تلبكا وارتباكا في الحركة المرورية. وينقسم المبنى إلى شطرين يقسمهما طريق مكتظ بمركبات المراجعين والموظفين، وبالكاد يجد الزائر موقفا في المكان المزدحم.

في نهاية المستشفى الذي يقبع مبناه الشمالي في الحي المجاور تقف على يمين البوابات شاحنتا مياه شرب يبدو أنهما مخصصتان لاستخدام المستشفى.

كما وقفت «عكاظ» على مستشفى الأمراض الصدرية بما يعرف بالنقاهة الذي تم إغلاقه وأوصدت أبوابه بالسلاسل والأغلال قبل نحو عامين.

وكانت تستقبل عشرات المرضى ليتم تحويلهم لعيادات في المستشفيات الأخرى، وساهمت «عكاظ» مصادفة في لحظة إنقاذ أحد المرضى الهائمين على وجوههم من الموت دهسا تحت عجلات شاحنة في أحد شوارع الطائف، كما رصدت في موقع آخر فراشا وغطاء متهالكين لمريض اتخذ من ظل شجرة قرب مبنى المالية مأوى له.

يشار إلى أن عدد مستشفيات الصحة النفسية بالسعودية يبلغ ٢٠ مستشفى تتسع لأربعة آلاف سرير وسترتفع لاحقا إلى ستة آلاف عند اكتمال المشاريع، كما توجد أكثر من ٩٠ عياده لاستقبال المرضى. وتؤكد الوزاره استقطاب القوى العاملة الفاعلة، إذ بلغ عدد الأطباء النفسيين نحو ٨٤٧ طبيبا، وثلاثة آلاف ممرض، و١٢٤٨ أخصائيا اجتماعيا، و٦٤٢ أخصائيا نفسيا.