البحث عن ذوي النملة
على شارعين
الاثنين / 19 / محرم / 1439 هـ الاثنين 09 أكتوبر 2017 01:39
خلف الحربي
قال موقع العربية نت إن قاضيا بمحكمة عفيف العامة تلقى دعوى غريبة رفعها مواطن ضد مقيم، بحجة أن المقيم سحل ودهس نملة أمام عينيه، مضيفا في دعواه أن النمل من مخلوقات الله وله حق على الخلق، القاضي فتح جلسة للمدعي (وكيل النملة) كما سميت معاملته، وقال: دعواك قبلت بصفتك وكيلا لنملة يتضح لي خلال ملف القضية أنك لم تحضر وكالة شرعية من ذوي النملة التي قتلها المدعى عليه، أما المواطن الذي طلب منه القاضي وكالة شرعية من ذوي النملة فقد قال لمراسل الموقع إنه حين قدم الدعوى واجه معارضة وانتقادا واسعا من الموظفين في المحكمة، بل وكل من عرف بمحتوى القضية من المواطنين، وبعد تردد من الموظفين عرضت على القاضي، وأضاف أنه ما زال مصرا على موقفه بضرورة معاقبة الجاني.
وأعتقد أن مهمة العثور على عائلة النملة المسحوقة تعد عملية شبه مستحيلة، فحتى لو اعتمد المواطن على حصر عملية البحث حول أقرب جحور النمل إلى مسرح الجريمة فإن مسألة الحصول على وكالة شرعية من ذوي النملة تعد أمرا غير ممكن من الناحية العملية، لذلك فإن أقرب طريق لمقاضاة المقيم (المقرود) والذي قد يكون مسحوقا ومدهوسا مثله مثل النملة، بأن يكون هذا المواطن مدعيا بنفسه بحجة تأثره نفسيا من حادثة دهس النملة، وإذا لم يقبل القاضي هذه الحجة بإمكانه أن يكتب لمجلس الشورى ويقترح عليه الإعداد لنظام يمنع التحرش بالنمل، قد تكون سلسلة الإجراءات التي يجب أن يقوم بها هذا المواطن طويلة نوعا ما ومرهقة، ولكنها أسهل بكل تأكيد من عملية البحث عن ذوي النملة !.
بالنسبة لي أنا لا أوافق على سحق النملة رحمها الله، ولا أصادر حق المواطن في اللجوء إلى القضاء، ولكنني لا أستطيع التعاطف مع هذه الحالة لأن مخزون التعاطف الذي بداخلي قد نفد بسبب كثرة عمليات سحق الكائنات الحية في هذا الكوكب بشرا كانوا أم حيوانات أم نباتات تحترق في أطراف هذه الغابة الكونية المرعبة، ملايين البشر تسقط أسقف بيوتهم على رؤوسهم أكثر مما يسقط المطر، ملايين الوجوه الشاحبة في المطارات ونقاط الحدود ومعسكرات اللجوء ومكاتب الهجرة وسراديب الوزارات وغرف الطوارئ في المستشفيات والكهوف الباردة في أعالي الجبال.. كل هؤلاء المسحوقين يتم دهسهم يوميا دون اكتراث، وهم بالطبع يستحقون التعاطف.. كل الحيتان التي يقتلها التلوث في المحيطات وكل الأفيال التي تلاحقها سهام مهربي العاج وكل (الضبان) المحاصرة في صحارينا بدخان (الشكمان) وكل الشجيرات الجميلة التي اختنقت بنفايات المتنزهين العابثين.. كلها تستحق التعاطف.. ولكن يبدو أن ذرات التعاطف نفدت فعلا من القلب، ولم يبق ما يكفي حتى للشعور بالعطف على نملة دهسها أحد المقيمين في عفيف !..
وأعتقد أن مهمة العثور على عائلة النملة المسحوقة تعد عملية شبه مستحيلة، فحتى لو اعتمد المواطن على حصر عملية البحث حول أقرب جحور النمل إلى مسرح الجريمة فإن مسألة الحصول على وكالة شرعية من ذوي النملة تعد أمرا غير ممكن من الناحية العملية، لذلك فإن أقرب طريق لمقاضاة المقيم (المقرود) والذي قد يكون مسحوقا ومدهوسا مثله مثل النملة، بأن يكون هذا المواطن مدعيا بنفسه بحجة تأثره نفسيا من حادثة دهس النملة، وإذا لم يقبل القاضي هذه الحجة بإمكانه أن يكتب لمجلس الشورى ويقترح عليه الإعداد لنظام يمنع التحرش بالنمل، قد تكون سلسلة الإجراءات التي يجب أن يقوم بها هذا المواطن طويلة نوعا ما ومرهقة، ولكنها أسهل بكل تأكيد من عملية البحث عن ذوي النملة !.
بالنسبة لي أنا لا أوافق على سحق النملة رحمها الله، ولا أصادر حق المواطن في اللجوء إلى القضاء، ولكنني لا أستطيع التعاطف مع هذه الحالة لأن مخزون التعاطف الذي بداخلي قد نفد بسبب كثرة عمليات سحق الكائنات الحية في هذا الكوكب بشرا كانوا أم حيوانات أم نباتات تحترق في أطراف هذه الغابة الكونية المرعبة، ملايين البشر تسقط أسقف بيوتهم على رؤوسهم أكثر مما يسقط المطر، ملايين الوجوه الشاحبة في المطارات ونقاط الحدود ومعسكرات اللجوء ومكاتب الهجرة وسراديب الوزارات وغرف الطوارئ في المستشفيات والكهوف الباردة في أعالي الجبال.. كل هؤلاء المسحوقين يتم دهسهم يوميا دون اكتراث، وهم بالطبع يستحقون التعاطف.. كل الحيتان التي يقتلها التلوث في المحيطات وكل الأفيال التي تلاحقها سهام مهربي العاج وكل (الضبان) المحاصرة في صحارينا بدخان (الشكمان) وكل الشجيرات الجميلة التي اختنقت بنفايات المتنزهين العابثين.. كلها تستحق التعاطف.. ولكن يبدو أن ذرات التعاطف نفدت فعلا من القلب، ولم يبق ما يكفي حتى للشعور بالعطف على نملة دهسها أحد المقيمين في عفيف !..