كتاب ومقالات

مجلس الشورى وتذمر المتذمرين!

عزيزة المانع

منذ أن أسس مجلس الشورى في صورته الحديثة، وعلاقته بالجمهور ليست كما يجب، بل إنها أسوأ من هذا، فهي كما تظهر للناس، تبدو وكأن هناك ثأرا قديما بين العموم وأعضاء مجلس الشورى، حيث لا تسمع من الناس سوى النقد والتهكم بالمجلس وأعضائه، بما ينم ليس عن عدم الرضا فحسب وإنما عن السخط والغضب!

بعض الناس يبررون مشاعرهم تلك بأن المجلس لا يلبي احتياجاتهم ولا ينطق بألسنتهم، وأن أغلب أعضائه لا يقومون بالدور الذي يتوقعونه منهم، فمعظمهم يعيشون في عالم خاص بهم، بعيدين كل البعد عن أوساط الناس وتلمس احتياجاتهم، وأنهم لذلك فقدوا ثقتهم في المجلس، ولم يعودوا يعولون عليه في شيء طالما أنه بهذه الصورة غير الفاعلة.

هذه الصورة غير السارة، المرسومة في أذهان الناس عن مجلس الشورى وأعضائه تخفي وراءها قصورا في التواصل الجيد ما بين أعضاء المجلس وأفراد المجتمع، فالمجلس في حاجة إلى أن يقترب من الناس أكثر، وأن يوطد علاقته بهم، فهو أولا وأخيرا صوت الناس الناقل لمطالبهم واحتياجاتهم، وبقاؤه بعيدا عنهم لا يمكنه من القيام بهذا الدور كما يجب.

وفي تصوري أن المجلس في حاجة إلى أن يضع من ضمن برامج اللجان العاملة فيه، خططا لجولات ميدانية في مختلف مناطق المملكة ومدنها وقراها، يقوم بها أعضاء كل لجنة ليلتقوا بالناس ويتواصلوا معهم عن قرب، في شكل لقاءات مفتوحة تعقد في أماكن عامة يحضرها الجنسان، ويجري خلالها التعريف بأعمال المجلس عامة وتوضيح مهام لجانه وطبيعة عملها وحدود صلاحياتها، حتى لا يرتفع كثيرا سقف توقعات الناس منها. وأن يتاح للناس إدارة حوار صريح مع أعضاء اللجنة، سواء لمعرفة المزيد عن مهام أعضاء المجلس وصلاحياتهم، أو لمناقشة ما يحملونه من أفكار ومقترحات وخطط يودون مناقشتها معهم.

إن عقد مثل هذه اللقاءات بين أفراد المجتمع وأعضاء اللجان الممثلة للمجلس، كفيلة بأن تنفض عن أعضاء المجلس تهمة العزلة والبعد عن الناس، كما أنها تجعل الناس يشعرون أنهم شركاء مع الأعضاء في إبداء الآراء وتقديم المقترحات والتناقش حولها، إضافة إلى أن هذه اللقاءات تُعد خير معين لأعضاء اللجان في المجلس على فهم أكبر لاحتياجات الناس، على اختلاف طبقاتهم وتوجهاتهم ومستوياتهم العلمية والثقافية، فما أعرفه، وقد أكون مخطئة، هو أن اللجان في المجلس تقدم مقترحاتها لدراسة بعض المواضيع بناء على اجتهادات فردية من أعضائها، لكن هذه الاجتهادات مهما حسنت، تظل محدودة في نطاق فكر ورؤية العضو الذي يقترحها، فهي لا يمكن أن تلم بكل ما لدى الناس على اختلاف مناطقهم وفئاتهم وتنوعهم.