الجدة النازية
أفياء
الأربعاء / 05 / صفر / 1439 هـ الأربعاء 25 أكتوبر 2017 01:16
عزيزة المانع
الصدق والحرص على الوقوف على الحقيقة ما أمكن، هما من أهم السمات التي ينبغي أن يتحلى بها من يتصدى لكتابة التأريخ. لكن من يفعل ذلك يضطر أحيانا إلى دفع ثمن باهظ لصدقه ودقة بحثه، متى ساقه تنقيبه عن الحقيقة إلى كشف ما لا يرغب بعض الآخرين الكشف عنه.
يضج هذه الأيام الإعلام الغربي بأخبار المؤرخة الألمانية أورسولا هافربك، التي (ضبطت) أكثر من مرة عبر بضع سنوات وهي تردد أن المصادر والسجلات التاريخية التي بحثت فيها وحققتها، لم يرد فيها ذكر عن المحرقة النازية المزعومة، وأن الادعاءات الإسرائيلية حول هذا محض كذب وافتراء.
وسبب الضجيج ليس ما قالته هافربك فحسب، وإنما لأنها في كل مرة تحال فيها للمحكمة لمحاسبتها على أقوالها المنكرة للمحرقة، يصدر عليها حكم بالحبس ثم تتمكن من الاستئناف والإفلات من تنفيذه.
عدم تنفيذ حكم السجن على المؤرخة هافربك، أسخط الوسط الإعلامي ذا الميول اليهودية في كل مكان يوجد فيه، فشن حملة شرسة لمهاجمتها، اتهمت بأنها ذات توجهات عنصرية متطرفة ضد اليهود، وأن سمعتها سيئة في مجال بث الأفكار النازية، وأطلق عليها لقب (الجدة النازية).
من المؤكد أن أورسولا هافربك ليست المؤرخة الأولى ولا الوحيدة، التي أنكرت وقوع المحرقة المدعاة وتعرضت بسبب ذلك لهجمات الغضب والعقاب، هناك آخرون غيرها فعلوا مثلها ونالهم ما نالها من الأذى، لكن قضيتها استوقفتني، لما لحظته فيها من مفارقات تستحق التأمل.
مثل كون القانون الألماني يدعي أنه يعبر عن النظام الديموقراطي المطبق في ألمانيا، ومع ذلك لا يعترف بحرية إبداء الرأي، متى تعلق الرأي بتكذيب وقوع المحرقة، فالقانون ينص على معاقبة من تثبت عليه تهمة إنكار المحرقة، بالسجن لمدد تتفاوت، أقلها ستة أشهر.
والمفارقة الثانية، هي أن ألمانيا المتهمة بإشعال تلك المحرقة المزعومة، هي نفسها التي تسعى الآن حريصة إلى إثبات التهمة عليها وتعاقب من ينكر قيامها بها، كما لو أنها فخورة بما فعلت ويسوؤها أن يظهر من ينفي ذلك عنها !
أما المفارقة الثالثة، فهي الطريقة التي تعمل بها عقول بعض البشر، حيث تقبل عقولهم أن يوجد من ينكر وجود الله الحق، وتتعامل مع ذلك برضا وتسامح تحت اسم حرية التفكير وحرية المعتقد، فلا ترى حاجة لأن تعرضه للمحاسبة أو التجريم. لكنها لا تستطيع أن تقبل أو ترضى بأن يوجد أحد ينكر حادثة (المحرقة)، رغم أنها حادثة لا دليل قطعيا على وقوعها، حادثة تحتمل الصدق وتحتمل غير ذلك !
azman3075@gmail.com
يضج هذه الأيام الإعلام الغربي بأخبار المؤرخة الألمانية أورسولا هافربك، التي (ضبطت) أكثر من مرة عبر بضع سنوات وهي تردد أن المصادر والسجلات التاريخية التي بحثت فيها وحققتها، لم يرد فيها ذكر عن المحرقة النازية المزعومة، وأن الادعاءات الإسرائيلية حول هذا محض كذب وافتراء.
وسبب الضجيج ليس ما قالته هافربك فحسب، وإنما لأنها في كل مرة تحال فيها للمحكمة لمحاسبتها على أقوالها المنكرة للمحرقة، يصدر عليها حكم بالحبس ثم تتمكن من الاستئناف والإفلات من تنفيذه.
عدم تنفيذ حكم السجن على المؤرخة هافربك، أسخط الوسط الإعلامي ذا الميول اليهودية في كل مكان يوجد فيه، فشن حملة شرسة لمهاجمتها، اتهمت بأنها ذات توجهات عنصرية متطرفة ضد اليهود، وأن سمعتها سيئة في مجال بث الأفكار النازية، وأطلق عليها لقب (الجدة النازية).
من المؤكد أن أورسولا هافربك ليست المؤرخة الأولى ولا الوحيدة، التي أنكرت وقوع المحرقة المدعاة وتعرضت بسبب ذلك لهجمات الغضب والعقاب، هناك آخرون غيرها فعلوا مثلها ونالهم ما نالها من الأذى، لكن قضيتها استوقفتني، لما لحظته فيها من مفارقات تستحق التأمل.
مثل كون القانون الألماني يدعي أنه يعبر عن النظام الديموقراطي المطبق في ألمانيا، ومع ذلك لا يعترف بحرية إبداء الرأي، متى تعلق الرأي بتكذيب وقوع المحرقة، فالقانون ينص على معاقبة من تثبت عليه تهمة إنكار المحرقة، بالسجن لمدد تتفاوت، أقلها ستة أشهر.
والمفارقة الثانية، هي أن ألمانيا المتهمة بإشعال تلك المحرقة المزعومة، هي نفسها التي تسعى الآن حريصة إلى إثبات التهمة عليها وتعاقب من ينكر قيامها بها، كما لو أنها فخورة بما فعلت ويسوؤها أن يظهر من ينفي ذلك عنها !
أما المفارقة الثالثة، فهي الطريقة التي تعمل بها عقول بعض البشر، حيث تقبل عقولهم أن يوجد من ينكر وجود الله الحق، وتتعامل مع ذلك برضا وتسامح تحت اسم حرية التفكير وحرية المعتقد، فلا ترى حاجة لأن تعرضه للمحاسبة أو التجريم. لكنها لا تستطيع أن تقبل أو ترضى بأن يوجد أحد ينكر حادثة (المحرقة)، رغم أنها حادثة لا دليل قطعيا على وقوعها، حادثة تحتمل الصدق وتحتمل غير ذلك !
azman3075@gmail.com