فقر وبرد

عبدالله محمد الفوزان

لا أدري لماذا كل قراراتنا وتصرفاتنا تأتي في شكل ردود أفعال أو إدارة أزمات للمشكلات التي تقع في مجتمعنا؟ أين دور الأجهزة التخطيطية من هذه المشكلات قبل وقوعها؟ ولماذا لم تتنبأ الأجهزة التنفيذية بهذه المشكلات وتهيئ نفسها للتعامل معها؟
منذ مدة وأجهزة الأرصاد المحلية تحذّرنا من شتاء قارس البرودة، فلماذا لم تتعامل الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة مع مثل هذه التحذيرات بجدية وتجهّز نفسها للتعامل مع أي طارئ في حينه وفي الوقت المناسب وبكفاءة عالية قبل أن يطيح الفأس بالرأس.
الفقراء وذوو الدخل المحدود يصرخون ويستصرخون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية منذ أن انطلق الخط البياني للأسعار كالصاروخ باتجاه السماء، ومع ذلك لم تهب الجهات المعنية إلى اتخاذ خطوات عملية وعاجلة تحميهم من هذه الموجة العاتية التي طالت أبسط وأهم احتياجاتهم المعاشية.
الفقر وحده يهد الحيل، فما بالكم إذا رافقته موجة برد عاتية تزيد من حجم المأساة والمعاناة لدى الفقراء والبسطاء من ساكني العشش والصفيح والبيوت الشعبية في بعض من قرانا ومدننا.
أتعجب ويتعجب غيري من بطء حركة المؤسسات والأجهزة الحكومية والأهلية في التعامل مع كثير من أزماتنا ومشكلاتنا، وأتعجب أكثر من قصور التنسيق بين تلك الجهات وكأنَّ كلا منها يعيش في جزيرة معزولة.
من غير المنطقي أن يجابه الفقراء وذوو الدخل المحدود ظروف ارتفاع الأسعار وموجات البرد القارسة دون أن يكون هناك تدخل عاجل لتخفيف الآثار التي تتركها على كافة أوجه حياتهم. وعندما نطالب بمثل هذا التدخل السريع فإننا نحميهم ونحمي مجتمعنا من وقوعهم في سلوكيات تضر بنا وبهم. وهذا لن يتم إلا بتهيئة سبل الحياة الكريمة لهم التي تحميهم من ذلِّ الحاجة وقسوة البرد.
إن مسؤولية المثقف الدينية والأخلاقية والوطنية تقتضي أن يحمل هموم مجتمعه بكافة شرائحه، وأن يكون عونًا للجهات الحكومية والأهلية في رصد الوقائع والأحداث والمواقف التي تتطلب العلاج والتدخل السريع ليس بهدف التشهير ولكن من أجل تلافي مشكلات أكبر قد تنجم عن مشكلات أصغر يمكن علاجها قبل أن تستفحل متى تضافرت الجهود وأُخلصت النوايا.
الخطوة الأولى في مساعدة الفقراء وذوي الدخل المحدود على تجاوز أزمة غلاء الأسعار هي:
تخصيص بطاقات تموينية يحصلون بموجبها على احتياجاتهم الأساسية بأسعار مخفضة، وهي فكرة معمول بها في كثير من الدول لتخفيف آثار الفقر عليهم وتهيئة سبل الحياة الكريمة لهم وحماية المجتمع من تبعات فقرهم وعوزهم التي قد تكلِّف المجتمع أضعاف أضعاف ما يمكن صرفه عليهم من باب الوقاية.
أما سكان العشش والصفيح والبيوت الشعبية غير الصالحة للحياة الآدمية فيجب أن تكون لهم الأولوية في مشاريع الإسكان وتحسين أحوالهم المعيشية، وبذلك نعزز من مواطنتهم ونحميهم ونحمي أنفسنا ومجتمعنا من ويلات وتبعات ظروفهم القاسية.. فهل نفعل؟ أرجو ذلك.. وللجميع أطيب تحياتي.
Dr_Fauzan_99@hotmail.com