كتاب ومقالات

الحارس الأمين للسنة النبوية

مشاعل العيسى

ما إن انتهى خادم الحرمين الشريفين من صفقة صواريخ S-400 وثاد، لتقوية الدفاعات السعودية وحماية أرض الوطن، حتى التفت للدفاع من الداخل بإنشاء أقوى ترسانة دفاعية علمية وهو مجمع الملك سلمان للسنة، لإدراكه - حفظه الله - بأن السنة تركة عقائدية ضخمة تشتمل على منظومة دفاع متكاملة من النصوص هي بمثابة التحصينات التي تنكسر عندها الشبه، ومنها أكثر من 100 حديث في السمع والطاعة ولزوم الجماعة والاعتصام بالوحيين وتورث من عمل بمقتضاها الأمن والأمان، ولو أن أمة كان لديها مثل هذه القوة العظيمة من النصوص التي تحمي الفكر ما فرطت فيها.

قال صلى الله عليه وسلم «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ»، لقد شاءت إرادة الله أن يجتمع لملكنا الحسنيين: خادم الحرمين، وحارس السنة الأمين.

لذا فإن المخلصين ينتظرون من المجمع الدفاع عن السنة ضد:

1- الخوارج والإخوان وأهل البدع والأهواء الذين يردون أحاديث الآحاد في العقائد مع أن الكثير من أحكام الشريعة تقوم على الآحاد.

2- أصحاب المدرسة العقلية من العلمانيين والفلاسفة الذين اتهموا السنة بالظلم.

3- المكذبون لأئمة الهدى كالبخاري ومسلم وابن تيمية.

4- المزورون لتراث العلماء.

5- المستشرقون والملاحدة.

6- القرآنيون.

7- أصحاب الإعجاز العلمي المتكلف الذين أحرجوا المسلمين بربط الأحاديث التي هي وحي من الله بنظريات عرضة للإبطال.

عليه فإننا نأمل أن يكون من أهم مهمات المجمع:

1- العناية بحملة السنة وحفظ تراثهم، خاصة بعد تعرض بعضه للتحريف والبتر كما حصل لبعض مؤلفات ابن تيمية وابن عثيمين.

2- تنقية الآثار من التزوير والتي استخدمتها الجماعات المتطرفة.

3- أن يكون هو المرجعية الوحيدة لمنح التصريحات والتزكية لمؤلفات السنة.

4- جمع الأحاديث التي تعالج قضية مهمة في مؤلف واحد، كأحاديث لزوم الجماعة والسمع والطاعة ونشرها في محاضن التعليم والجهات الحكومية.

5- نفي الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي تحتج بها الفرق المنحرفة وتصنيفها موضوعياً ليسهل الوصول إليها.

6- إصدار النشرات التي تكشف الروايات الضعيفة أو الموضوعة أو الفهم الخاطئ للسنة التي ينشرها أهل الباطل، مع إنشاء قسم يعتني بالرد المباشر.

7- تضمين المجمع قسماً للجرح والتعديل لمعرفة الرجال، ويعتني بأقوال العلماء الثقات الكبار، كأقوال العلامة ابن باز في أسامة بن لادن، وأقوال العلماء في الجماعات الحركية وأفرادها كالقرضاوي وسيد قطب، وتوثيق كلام العلماء فيهم.

8- التحذير من الدعاة الدخلاء الذين نقلوا للسنة ما ليس منها تلبيساً على الأمة.

9- إصدار قوائم بالعلماء الثقات ممن لهم عناية بالسنة على ألا يكون من بينهم من عرف بانحراف أو تحزب.

10- إنشاء تطبيق موثق يعتني بتخريج الأحاديث والآثار وبيان أحكام علماء الحديث الثقات عليها.

11- تكليف المجمع بتأليف مقرر الحديث للمدارس لضمان خلوه من الأحاديث الضعيفة أو الشروح المخالفة، ومراعاة اختيار ما يعالج مشاكل العصر.

12- تكليف المجمع بمراجعة جميع المقررات الدراسية وأن تكون المرجعية الأخيرة له، خاصة أنه الأقدر في الدين واللغة من شركة تطوير أو وكالة المناهج، وذلك حماية لعقول الأجيال، كي لا يتسرب إليها ما يتسبب في الانحراف الفكري.

وقد جاء في المقررات التي قد درسنا أحاديث ضعيفة، وقصص مكذوبة وآثار لم تثبت، مثل: قصة وأد عمر لابنته، وغناء بنات النجار (طلع البدر علينا) وقول الفاروق «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً» و«قومناك بسيوفنا».

وأما حوار الحجاج مع سعيد بن جبير، وقول البرمكية للرشيد «أقر الله عينك» وقول طارق بن زياد «البحر من أمامكم» فكلها قصص منكرة. أما الزعم بأن سبب فتح عمورية هو صرخة المرأة (وامعتصماه!) فلا أصل له.

إن هذه الأدوار غاية كل غيور، ولقد مضت عقود والسنة تتعرض للهجوم ليل نهار من أهل البدع، فجوبهوا باجتهادات فردية لكنها ليست مؤسسية، فاستمر الطعن ولا يزال يقول ابن قُتيبة: «إنما يقوى الباطل بالسكوت عنه» ويقول ابن تيمية: «ما وقع في هذه الأمة من البدع والضلال، كان من أسبابه تقصير من قَصَّرَ في إظهار السنة والهُدى».