محطة أخيرة

«حضارات سادت ثم بادت» لم يشاهدها السعوديون

IMG_٢٠١٧١١١١_١٦٢١٤٨

«زياد الفيفي» (جدة) @ZIAD_Online

مرت على البشرية مهن وأدوات كثيرة، كانت جزءً من التفصيل اليومي لحياة الفرد ومع تقادم الزمن وعصرنة المجتمعات اختفى جزء أو كلٌ من هذه الأشياء كالعربات التي تقودها الخيول والتلغراف، ومهن كمنظفي المداخن، والسقاي الذي يورد الماء من وإلى البئر.

لكن بالنسبة للسعوديين هناك كثير من المهن التي عاصرتها أجيال سعودية عديدة اقتصرت معرفتهم بها بما يشهدونه في الصور الفوتوغرافية أو الأفلام والمسلسلات حتى انقرضت وانتهى استخدامها لانتفاء حاجتها ولم يشاهدها السعودي داخل السعودية ولم ينتفع بها، على الرغم من أنها كانت تعتبر في حينها ثورات صناعية وضروريات حياتية وجزء من الحضارة البشرية في الدول من أمثلة ذلك:



القطار البخاري:

اخترع المحرك البخاري أو قطار الفحم في بداية القرن التاسع عشر عن طريق البريطاني «ريتشارد تريفيثيك» فتحول منذ ذلك التاريخ إلى وسيلة النقل الأهم في العالم، إذ كانت تكمن ثوريته في قدرته على نقل أكبر كم في أقل وقت، حتى بدأت ألمانيا بتغيير معادلة الطاقة باختراع المحرك الذي يعمل بالبنزين ومن ثم الانتقال لاستخدام الكهرباء في تشغيل القطارات بواسطة ما يسمى بـ«التيار الثلاثي الأطوار» لكن ظل استخدام القطار البخاري قائماً لقلة كلفة الفحم مقارنة بغيره بالنسبة لبعض الدول.

أخذ القطار في التطور إلى أن بدأ الاستغناء التدريجي عن القطارات البخارية بعد انخفاض اسعار أنواع الطاقة الأخرى الأقل تلويثاً للبيئة، وساهم تزامن ذلك مع بداية الانتقال إلى المدن في السعودية إلى عدم استيراد القطار.



ساعي البريد «ذو الدراجة".

التواصل بالكتابة هي طريقة التواصل الرئيسية منذ تاريخ ما قبل مكالمات الصوت والفيديو، سواء أكان ذلك عن طريق تحميل الرسائل لقوافل التجار أو عن طريق سعاة البريد المتجولين على رواحلهم وصولاً لمرحلة الحمام الزاجل، إلا أن اختراع الدراجة الهوائية كان نقلة نوعية في طريقة توزيع البريد على المنازل، حتى بعد اختراع السيارة ظل استخدام الدراجة شائعاً في توزيع البريد، إذ أن كلفة البريد في حينها لا يمكن أن يغطي تكاليف السيارة.

ولا تزال بعض صناديق البريد تستخدم الدراجة إلى هذا اليوم لكن بشكل محدود جداً لكن كثير منها انتقل لاستخدام وسائل نقل اكثر سرعة وأكثر أماناً حتى انعدمت مشاهدة ساعي بريد راكباً على دراجة يحمل معه حقيبة مليئة بالطرود والرسائل في دول العالم، إلا أن السعوديين استحال عليهم مشاهدة ذلك حتى في القرن الماضي.

فقد تعرف السعوديين على ساعي البريد ذاك عن طريق فيلم «البوسطجي» الذي لعب بطولته شكري سرحان حتى انقرض اختفى البوسطجي وشكري سرحان واختفى البريد التقليدي تقريباً.

ربما لأن مهنة ساعي البريد كانت مهنة عظيمة في حينها فقد امتنع سعاة البريد عن العمل في السعودية، حتى يعاد الاعتبار لمركبتهم العظيمة ويتوقف السعوديين عن تسميتها بـ«حصان ابليس» هو بوسطجي وليس ابليس.

سينما السيارات



تقول الرواية أن أول سينما للسيارات افتتحت في الوطن العربي كان في 1974 والتي افتتحها الشيخ جابر الصباح في الكويت عندما كان ولياً للعهد، لكن لا معلومات مؤكدة عن أول سينما سيارات افتتحت في العالم فقد اختلف العلماء في تحديد سنة ولادتها الأولى بين أمريكا في قبل الحرب العالمية الثانية أو بعد الحرب، لكن الأكيد بأن ابتكار طريقة مشاهدة الأفلام وانت تجلس في السيارة بجوار صديق تتناول معه الفشار في جو من الخصوصية.

اليوم وبعد تجاوز حتى مرحلة صالات السينما ودخول مرحلة السينما المنزلية وتطبيقات مشاهدة الأفلام أصبحت «سينما السيارة» وإن وجدت شكل من أشكال التقليد والمحافظة على التراث لا اكثر، وأصبحت الخصوصية التي كانت تعطيك إياها السيارة في مشاهدة الأفلام متوفرة في النتفيلكس وأمازون وغيرها التي تستطيع مشاهدها في غرفة النوم.



مسرح العرائس "الأراجوز"

تعود فكرة مسرح الدمى إلى الحضارات الآسيوية القديمة انتقل إلى العالم الغربي عن طريق التجارة، وصلت إلى العالم العربي بعد سقوط الأندلس وعودة الكثير من العرب المهاجرين إليها حاملين معهم هذا الفن الذي يساعد على طرح الأفكار وانتقاد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ويتم ذلك باختباء المخرج تحت المسرح وتغطية يديه بالدمى التي يبدأ في تحريكها مع إدارة مهمة الحوار من تحت الغطاء.

ظل هذا الفن منتشرا في العالم والعالم العربي حتى بدأت مرحلة صناعة الرسوم المتحركة بشكل احترافي وزادت سهولة بثها مع انتشار البث الفضائي، وظلت «مسرح الدمى» بعيدا عن السعوديين إلا في تجربة افتح يا سمسم الشهيرة والتي أتت مع أفلام الكرتون عن طريق الشاشة وليس مسرح «اراجوز» يقدم عرضاً حياً للناس.