أخبار

«بعبدا».. صناعة القرار بلغة فارسية

«عكاظ» (عمان) Okaz_online@

عندما عطلت إيران عبر ذراعها الإرهابية في لبنان حزب الله انتخابات الرئاسة اللبنانية، وتركت قصر بعبدا بمقعد رئاسي فارغ، أدرك الجميع أن طهران تريد إحكام قبضتها على الدولة اللبنانية، فدفعت بالجنرال الهرم ميشال عون لتعطيل الانتخابات وكان اختيارها للرجل مفاجئا بعد أن انتقل من خندق معارضته لسورية الموالية لإيران ليرتمي في حضن حزب الله.

قصر بعبدا بوجود الجنرال الهرم عون فيه باتت ملامح القصر الرئاسي إيرانية، كما بات القرار السيادي يتقرر في دهاليز الضاحية الجنوبية حتى أصبح القصر مجرد ديكور أسمنتي يجلس فيه الجنرال الهرم بلا حول له ولا قوة ما دامت طهران قد وضعته لسد الفراغ القانوني والدستوري، وهو على كل حال ارتضى لنفسه ولجمهوريته لعب هذا الدور.

ولأن سياسة القفز في الهواء والنوم في فراش الآخرين لا يمكن أن تصمد طويلا، ولأن الانتقال بين الخنادق له استحقاقات معروفة في العمل السياسي، وهي استحقاقات مخجلة ومذلة ولا تجلب غير الدمار بات الجنرال الهرم يظهر بين فترة وأخرى وقد أصيب بـ«الزهايمر» السياسي.

ما جرى بالأمس عندما أمسك الجنرال الهرم الميكروفون بتعليمات من الضاحية الجنوبية ليقول: «سنعتبر الحريري محتجزا وموقوفا في السعودية» لم يضف جديدا عما قاله حزب الله الذي بدا حريصا على الحريري فجأة ليبعد عن نفسه تهمة أي استهدافات للرجل، رغم أن الحزب كان يخطط لإنهاء حياة الحريري كما فعل مع الحريري الأب وهنا تكمن القصة.

لا نريد الخوض في التفاصيل الشخصية لمن تعدى واتهم، لأننا نفهم سر الانتقال بين الخنادق، بل نتوقف كثيرا ونفكر مليا وتصيبنا الحيرة ونتساءل كيف يمكن لمن يدعي الوطنية أن ينقلب عليها، والذاكرة حبلى بالكثير من المواقف، فالرجل قبل أن يطرد من بيروت ويعود إليها من باريس لعب على الوتر الوطني والإقليمي حتى تمكن من تسديد كلفة فاتورة وضعه في قصر بعبدا الذي بات بملامح إيرانية.

ورغم شعورنا بالاستياء البالغ حاولنا بصعوبة استيعاب هجوم الجنرال الهرم، ولأن استعادتنا لشريط الذكريات السلبية «لسيد بعبدا» أثارت حفيظتنا نفهم أن ينحاز رئيس الجمهورية لفكرة سياسية أو لجهة ما، ونفهم أن يدافع عن ما تبناه، لكن في حادثة الأمس لا توجد فكرة سياسية وإنما أجندة إيرانية بث من خلالها أحقاده الشخصية وظهرت بطريقة مريبة.

نعم لقد كان هدف قصر بعبدا ممثلا بالجنرال الهرم واضحا هنا، فقد وجد الرجل في سياسة النوم في فراش الآخرين والانتقال بين الخنادق «الأوراق الخضراء» والربح السريع والبريستيج الرئاسي.