كتاب ومقالات

مع الهيئة

مع الفجر

عبدالله عمر خياط

.. كلنا نعرف التوجيه النبوي الكريم وهو «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه». وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. كما قال عليه الصلاة والسلام: «ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وقد ارتسمت في أذهان الرأي العام عندنا أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانت تعامل الناس بالشدة والغلظة في القول.. وتسوق المسلمين إلى المساجد بالعصا، وبالمايكروفون، وقد مرَّ بي أن رأيت أحد رجال الهيئة بالمسجد النبوي الشريف وهو يعامل الزائرين وبعض المصلين بقسوة فسألته: لِمَ القسوة ؟ وقد قال الله تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} فرد عليَّ أنسيت ما قال ربنا بسورة «التحريم»: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} فقلت له: إن هذه الآية نزلت في الكفار والمنافقين، فلا يصح استخدامها في هذا المقام، فانصرف دون أن يعلق، والذي لا شك فيه أنه لو جعلت الهيئة الرفق شعارها فسوف تكون النتائج أفضل مما هي عليه حالياً، وهذا الكلام لا يشمل كافة منسوبي الهيئة، فلا شك أن فيهم كثيراً من الموطئين أكنافهم.

وقد سررت عندما طالعت في «عكاظ» الخميس 17 صفر 1439هـ خبراً بعنوان: «الهيئة لرجالها: غلّبوا حسن الظن وبادروا بالسلام»، يقول: «أطلقت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برنامج عمل تدريبي في جميع فروعها ومراكزها، بهدف ترشيد خطاب ومشاعر رجال الحسبة وضبط انفعالاتهم، واطلعت «عكاظ» على جانب من مضامين البرنامج، ومنها مناداة الجمهور والتخاطب معهم بـ«أخي الحبيب أسعدك الله».. والبدء بالسلام، والابتسامة في وجه الجمهور، ولين الجانب، وتغليب حسن الظن. كما يؤكد البرنامج على ضرورة اهتمام الأعضاء بالجانب الفقهي، ومعرفة قواعد المصالح».

لكن من ناحية أخرى علينا أن نعترف نحن الجمهور أن انحدارا قد حصل في بعض شرائح المجتمع خلال العقود الثلاثة الماضية.. وقد كان عندنا في ما مضى مثلاً دور للسينما ولكن الأخلاق كانت راقية، يدل على ذلك ما كتبه الأستاذ حسين علي حسين في جريدة «الرياض» في 16/‏ 2/‏ 1439هـ، إذ قال: «وكانت هناك دور سكنية، تعرض أحدث الأفلام العربية والتركية والأجنبية، دون حرج أو خوف، وكان عرض الأفلام يستمر حتى ساعة متأخرة من المساء، بل إن الأفلام كانت تعرض في مناسبات الزواج، يرافقها الطرب ورقص المزمار والزير والخبيتي والبلوت، كان هناك انفتاح فطري، وفي ظل هذا الانفتاح، كانت نسبة الخارجين على الأخلاق العامة، تكاد تكون صفراً!».

صدقت يا ابن المدينة المنورة يا حسين علي حسين.

وأضيف إلى ما ذكرته أنه في جدة كانت أكثر من دار للسينما تعرض الجديد من الأفلام السينمائية، كما كان هناك أكثر من متجر وبشوارع في وسط البلد وأطرافها تبيع أو تؤجر الأفلام السينمائية.

السطر الأخير:

«من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».

aokhayat@yahoo.com