ريادة الأعمال في الجامعات السعودية.. الواقع والمأمول
الاثنين / 02 / ربيع الأول / 1439 هـ الاثنين 20 نوفمبر 2017 01:37
سعيد اليزيدي الحارثي
مفهوم ريادة الأعمال أو ما يتعلق بهذا العنوان الذي أصبح يتداول كثيرا خلال السنوات العشر الماضية بين هذا الجيل الطامح إلى مستقبل أفضل ويحلم أن يكون له دور كمخترع يحول اختراعه إلى منتج يجلب له الثراء في يوم وليلة.. وأصبحت الكثير من الجامعات السعودية لديها معاهد تحت مسمى الإبداع وريادة الأعمال والتي تم إنشاؤها تقريبا في معظم جامعات المملكة وبالتحديد في الجامعات الأم التي مر على تأسيسها أكثر من 30 عاما، وأعتقد أن هناك أكثر من معهد للإبداع وريادة الأعمال في بعض الجامعات الناشئة كذلك. هذه المعاهد ومع احترامي للقائمين عليها وعلى ما يقومون به من جهود لنشر ثقافة ريادة الأعمال ورغم حداثة تأسيس هذه الثقافة بين جيل الشباب الجامعي إلا أنهم هم أنفسهم لا يملكون المقومات اللازمة لنشر هذا التوجه بناء على ما تملكه كل منطقة من ثروات مختلفة سواء بشرية أو اقتصادية أو طبيعية أو احتياج كل منطقة لمتطلبات بعينها يمكن تحويلها إلى عمل مثمر المردود على القائم به. هناك قصور حاد في الخبرات التي تقود هذا الملف ويتم تطويره وهماً في الجامعات السعودية.
الكثير من الفعاليات التي تقام وتتعلق بهذا الجانب، تجد أن معظم المتحدثين يتطرقون إلى (وادي السليكون الأمريكي) وكأنه أنموذج يتناسب مع بيئتنا وواقعنا، ولا بد أن نصل إلى ما وصل إليه من أعمال بحثية وبراءات اختراع، وتحولت بعض هذه البراءات إلى منتج تجاري تبنته شركات عملاقة قامت على رعايته أحيانا من الخطوة الأولى في تبني الفكرة والبحث فيها ودعمها لسنوات حتى أصبح منتجا في يد المستهلك. هذا المنتج من وادي السليكون لم يكن ليتحقق إلا بوجود بيئة متناغمة وأطراف متعددة لإنجاح مقترح بحثي يتحول أحيانا إلى منتج وليس كل فكرة تصبح منتجا. هذا البحث المستمر والذي يتم دعمه من هيئات رقابية وشركات وحاضنات بحثية جامعية هي الركائز الرئيسية لبناء ثقافة ريادة الأعمال. ما نعيشه الآن في الجامعات السعودية أن بعض المتخصصين في التطبيقات الذكية وعلوم الحاسب هم من يقود ملف ريادة الأعمال، وتناسوا أن هناك شركات عملاقة ودولا تقنية سبقتنا في هذا المجال، وأصبح التعامل معها وتطويرها إلى قالب يمكن تطبيقه وفقاً لاحتياجنا أسهل بكثير من توطينه ومن ثم صرف مبالغ كبيرة عليه وبدون الفائدة المرجوة من هذه الخطط ومنتجاتها. التخطيط لريادة الأعمال يتم من خلال احتياجات الوطن الأساسية وليست المعقدة والمستنسخة من تجارب الآخرين. لقد ارتفعت نسبة البطالة منذ تدشين رؤية 2030 بمعدل 1.5% لتصل إلى ما يقارب 12.3% وهذا لا يتناسب مع تطلعات وخطة الرؤية للوطن.
الواقع أننا لم نؤسس إلى ثقافة حقيقية في ريادة الأعمال لدى الشباب من منظور احتياج اقتصادي وطني والذي يعتمد بنسبة كبيرة على المقيمين وهو قطاع خدمي واستهلاكي. ريادة الأعمال في قطاع التجزئة والنقل والتعليم والصحة هي القطاعات الأساسية التي لا بد أن تقوم هذه المعاهد بدعمها، ولا تكون الخطط لهذه المعاهد ومستقبلها والصرف عليها قائما على المبادرات الشخصية لتبني الأفكار يكون الدافع لها وجهات نظر شخصية للقائمين عليها، بل تكون احتياج وطن يتم تنفيذه من قبل هذه المعاهد.
والمأمول أن تكون هذه المعاهد تحت قبة هيئة ترسم خططها ومن ثم يتم تنفيذها وفقاً لاحتياج الوطن أو جهة إكاديمية مستقلة، مثل كلية الأمير محمد بن سلمان لريادة الأعمال والتي تعتبر من الكليات الرائدة في نشر وصقل ثقافة ريادة الأعمال. والمأمول أيضا أن يكون هناك تشريعات صارمة من قبل الدولة في ما يخص مساعدة رواد الأعمال في البدء في إنشاء شركاتهم ومؤسساتهم الناشئة وفقا للاحتياج والتقليل من النظام التجاري القائم على الكفيل ورأس المال والعمالة الوافدة.
خاتمة: أتمنى أن لا تصبح معاهد الإبداع وريادة الأعمال وأودية التقنية مجرد شيء من الماضي بعد سنوات قليلة، وأكبر دليل مراكز التميز البحثية التي تبنتها الدولة وصرفت عليها مليارات الريالات وفي الوقت الحاضر لا نجد لها أثرا..
* أكاديمي سعودي
drsaeedalharthi@
الكثير من الفعاليات التي تقام وتتعلق بهذا الجانب، تجد أن معظم المتحدثين يتطرقون إلى (وادي السليكون الأمريكي) وكأنه أنموذج يتناسب مع بيئتنا وواقعنا، ولا بد أن نصل إلى ما وصل إليه من أعمال بحثية وبراءات اختراع، وتحولت بعض هذه البراءات إلى منتج تجاري تبنته شركات عملاقة قامت على رعايته أحيانا من الخطوة الأولى في تبني الفكرة والبحث فيها ودعمها لسنوات حتى أصبح منتجا في يد المستهلك. هذا المنتج من وادي السليكون لم يكن ليتحقق إلا بوجود بيئة متناغمة وأطراف متعددة لإنجاح مقترح بحثي يتحول أحيانا إلى منتج وليس كل فكرة تصبح منتجا. هذا البحث المستمر والذي يتم دعمه من هيئات رقابية وشركات وحاضنات بحثية جامعية هي الركائز الرئيسية لبناء ثقافة ريادة الأعمال. ما نعيشه الآن في الجامعات السعودية أن بعض المتخصصين في التطبيقات الذكية وعلوم الحاسب هم من يقود ملف ريادة الأعمال، وتناسوا أن هناك شركات عملاقة ودولا تقنية سبقتنا في هذا المجال، وأصبح التعامل معها وتطويرها إلى قالب يمكن تطبيقه وفقاً لاحتياجنا أسهل بكثير من توطينه ومن ثم صرف مبالغ كبيرة عليه وبدون الفائدة المرجوة من هذه الخطط ومنتجاتها. التخطيط لريادة الأعمال يتم من خلال احتياجات الوطن الأساسية وليست المعقدة والمستنسخة من تجارب الآخرين. لقد ارتفعت نسبة البطالة منذ تدشين رؤية 2030 بمعدل 1.5% لتصل إلى ما يقارب 12.3% وهذا لا يتناسب مع تطلعات وخطة الرؤية للوطن.
الواقع أننا لم نؤسس إلى ثقافة حقيقية في ريادة الأعمال لدى الشباب من منظور احتياج اقتصادي وطني والذي يعتمد بنسبة كبيرة على المقيمين وهو قطاع خدمي واستهلاكي. ريادة الأعمال في قطاع التجزئة والنقل والتعليم والصحة هي القطاعات الأساسية التي لا بد أن تقوم هذه المعاهد بدعمها، ولا تكون الخطط لهذه المعاهد ومستقبلها والصرف عليها قائما على المبادرات الشخصية لتبني الأفكار يكون الدافع لها وجهات نظر شخصية للقائمين عليها، بل تكون احتياج وطن يتم تنفيذه من قبل هذه المعاهد.
والمأمول أن تكون هذه المعاهد تحت قبة هيئة ترسم خططها ومن ثم يتم تنفيذها وفقاً لاحتياج الوطن أو جهة إكاديمية مستقلة، مثل كلية الأمير محمد بن سلمان لريادة الأعمال والتي تعتبر من الكليات الرائدة في نشر وصقل ثقافة ريادة الأعمال. والمأمول أيضا أن يكون هناك تشريعات صارمة من قبل الدولة في ما يخص مساعدة رواد الأعمال في البدء في إنشاء شركاتهم ومؤسساتهم الناشئة وفقا للاحتياج والتقليل من النظام التجاري القائم على الكفيل ورأس المال والعمالة الوافدة.
خاتمة: أتمنى أن لا تصبح معاهد الإبداع وريادة الأعمال وأودية التقنية مجرد شيء من الماضي بعد سنوات قليلة، وأكبر دليل مراكز التميز البحثية التي تبنتها الدولة وصرفت عليها مليارات الريالات وفي الوقت الحاضر لا نجد لها أثرا..
* أكاديمي سعودي
drsaeedalharthi@