إيران.. من استعراض القوة إلى الضعف !
الأربعاء / 04 / ربيع الأول / 1439 هـ الأربعاء 22 نوفمبر 2017 01:13
نايف الجهني
يكاد العالم يصاب بإغماءة وصدمة سياسية قد تتغلغل إلى أعماقه، محدثة أعظم الانشطارات في رؤاه السياسية، وذلك بعد أن أصبحت رؤية المملكة السياسية لا تقبل الوقوف بانتظام في صفوف السياسة الرتيبة، ولا تتراخى لاستقبال هوائها الأكثر ضبابية، المليء بأنفاس التطلعات الباردة والميول التي تخلقها تقليدية النظر إلى الأحداث واتخاذ المواقف حيالها.
إن إشكالية التعامل مع الأحداث والقضايا الجديدة، ومنها قضية حزب الله وأطراف إيران التي تمتد في أجساد بعض الدول العربية كحبال سرية تشهد الولادة والموت في آن واحد، تتمحور في تحول السعودية المفاجئ في حالتها السياسية، بتنازلها عن تلك الحكمة التي فسرها الكثيرون تفسير الشاهد للشيء المنتظر زواله، فكان لهم أن أدارت هذه الحكمة لهم ظهرها، حينما أدركت أن الحكمة مع غير الحكماء ضربا من العبث، وعانقتهم بذلك الوجه الذي يجيد معرفة جوهر هؤلاء وحقيقة رغبتهم وأملهم الباهت في أن تصبح هذه الحكمة مسرحا للرقص على أنغام النصر المتوهم والبطولة الزائفة.
السعودية اليوم تعيد تشكيل سياسة المنطقة وتدفع العالم كله إلى مراجعات شاملة لكل المواقف والرؤى إزاء قضايا كثيرة، أهمها التعامل مع العدو، الممزوجة مواقفه بطعم العنصرية والطائفية، ومنها إيران، التي لم تلته فقط بمراجعة أوراقها، بل بالتحرك المرتجف نحو إعادة صياغة نفسها، سعيا لأن تكون جزءا من الحدث التي فقدت كل الخيوط التي يمكن أن توصلها إليه، لتكون عنصرا حاسما فيه، إلا إنها لم تتمكن من ذلك، بسبب اختناقها بما ابتلعته من أحداث وشعارات ومواقف خفية، عندما كانت تلعب في الفضاء وحيدة ظنا منها بأن الأسد الذي تعامت عنه، قد أغمض عينيه تجاهلا...
تقف السعودية اليوم معلنة دورها الحقيقي وكاشفة عن المعنى الحقيقي لحكمتها ونفاد صبرها، الذي توهم الآخرون بأنه صبر الضعفاء لا صبر الأقوياء القادرين على تحرك مياه الأحداث الساكن بالقليل من الكلمات والكثير من العمل الحازم المتصدي لمثل هذه الأطراف التي تتحرك في الظلام كعصي لصوص أو أجنحة خفافيش كثيرة الحركة. إنها توجه دروسا جديدة ومشاهدة ناصعة الوضوح كي تعيد البصيرة إلى السياسات التي فقدت بصيرتها وتوقظ العالم من سكرة المراوحة والتقلب على حواف الأطراف منتشلة لبنان من قبضة الجذب المتورمة واليمن من فوضاه المسكونة بالكثير من الهواجس والأحلام ضيقة الأفق والعراق من تغلغل رؤى المصالح والمساومات الكثيفة على أرضه وفي أعماق خيراته... إنها تسعى لاستعادة الصور التي تهشم الكثير منها على عتبات الاستسلام لقوى مجهولة الهوى وواضحة الهوية، لتعلم أيدي العبث أن في وسط الأنفاق التي تسلكها يدا أخرى عازمة على القطع وجادة في جعل أنفاق الخراب توجه أفواهها وبنادقها صوب الجهة التي قامت بحفرها، لينقلب السحر على الساحر والعصى والثعابين.
لم يعد في الوقت متسع للتبرير أو لإعادة عرض صورة الضعف بعد الاستعراض بصور القوة، كما تفعل إيران، وكما تتحرك سياستها التي فشلت في بناء طريق العودة والتراجع شهوة الرقص في أعالي المواقف، مثل ما تجلى في أفعال قطر السامة وهي أقل إفرازات إيران ومن يجري مع جريان سيل فتنتها على أراضي بعض الدول التي ما زالت تغص باللقمة الإيرانية الجافة.
* أكاديمي وباحث في تقنيات تطوير الوعي، شاعر وروائي
karmanaif@
إن إشكالية التعامل مع الأحداث والقضايا الجديدة، ومنها قضية حزب الله وأطراف إيران التي تمتد في أجساد بعض الدول العربية كحبال سرية تشهد الولادة والموت في آن واحد، تتمحور في تحول السعودية المفاجئ في حالتها السياسية، بتنازلها عن تلك الحكمة التي فسرها الكثيرون تفسير الشاهد للشيء المنتظر زواله، فكان لهم أن أدارت هذه الحكمة لهم ظهرها، حينما أدركت أن الحكمة مع غير الحكماء ضربا من العبث، وعانقتهم بذلك الوجه الذي يجيد معرفة جوهر هؤلاء وحقيقة رغبتهم وأملهم الباهت في أن تصبح هذه الحكمة مسرحا للرقص على أنغام النصر المتوهم والبطولة الزائفة.
السعودية اليوم تعيد تشكيل سياسة المنطقة وتدفع العالم كله إلى مراجعات شاملة لكل المواقف والرؤى إزاء قضايا كثيرة، أهمها التعامل مع العدو، الممزوجة مواقفه بطعم العنصرية والطائفية، ومنها إيران، التي لم تلته فقط بمراجعة أوراقها، بل بالتحرك المرتجف نحو إعادة صياغة نفسها، سعيا لأن تكون جزءا من الحدث التي فقدت كل الخيوط التي يمكن أن توصلها إليه، لتكون عنصرا حاسما فيه، إلا إنها لم تتمكن من ذلك، بسبب اختناقها بما ابتلعته من أحداث وشعارات ومواقف خفية، عندما كانت تلعب في الفضاء وحيدة ظنا منها بأن الأسد الذي تعامت عنه، قد أغمض عينيه تجاهلا...
تقف السعودية اليوم معلنة دورها الحقيقي وكاشفة عن المعنى الحقيقي لحكمتها ونفاد صبرها، الذي توهم الآخرون بأنه صبر الضعفاء لا صبر الأقوياء القادرين على تحرك مياه الأحداث الساكن بالقليل من الكلمات والكثير من العمل الحازم المتصدي لمثل هذه الأطراف التي تتحرك في الظلام كعصي لصوص أو أجنحة خفافيش كثيرة الحركة. إنها توجه دروسا جديدة ومشاهدة ناصعة الوضوح كي تعيد البصيرة إلى السياسات التي فقدت بصيرتها وتوقظ العالم من سكرة المراوحة والتقلب على حواف الأطراف منتشلة لبنان من قبضة الجذب المتورمة واليمن من فوضاه المسكونة بالكثير من الهواجس والأحلام ضيقة الأفق والعراق من تغلغل رؤى المصالح والمساومات الكثيفة على أرضه وفي أعماق خيراته... إنها تسعى لاستعادة الصور التي تهشم الكثير منها على عتبات الاستسلام لقوى مجهولة الهوى وواضحة الهوية، لتعلم أيدي العبث أن في وسط الأنفاق التي تسلكها يدا أخرى عازمة على القطع وجادة في جعل أنفاق الخراب توجه أفواهها وبنادقها صوب الجهة التي قامت بحفرها، لينقلب السحر على الساحر والعصى والثعابين.
لم يعد في الوقت متسع للتبرير أو لإعادة عرض صورة الضعف بعد الاستعراض بصور القوة، كما تفعل إيران، وكما تتحرك سياستها التي فشلت في بناء طريق العودة والتراجع شهوة الرقص في أعالي المواقف، مثل ما تجلى في أفعال قطر السامة وهي أقل إفرازات إيران ومن يجري مع جريان سيل فتنتها على أراضي بعض الدول التي ما زالت تغص باللقمة الإيرانية الجافة.
* أكاديمي وباحث في تقنيات تطوير الوعي، شاعر وروائي
karmanaif@