«زفــــــت»
الخميس / 05 / ربيع الأول / 1439 هـ الخميس 23 نوفمبر 2017 01:31
طارق فدعق
التنقيب عن الفضة من الأنشطة المجدية حول العالم نظرا لقيمة ذلك المعدن المتنامية عبر التاريخ وكثرة استعمالاته. وفي بعض الأحيان، كانت جهود التعدين غير مثمرة، وبالذات في جبال أوروبا، فبدلا من الفضة كان في بعض الأحيان يتم اكتشاف معدن اسمه بالألمانية Pechblende «بيش بلنده» ومعناها «خلطة الزفت» أعزكم الله. وتلك الخلطة غير سارة للناظر فهي سوداء وثقيلة ومليئة بالشوائب. وتشمل مجموعة من العناصر ومنها: اليورانيوم، وربما بعض الرصاص، وعناصر أخرى مثل الثوريوم. وأيام زمان كان كل ذلك عديم الفائدة وقليل القيمة في جميع مكوناته. وكان اكتشافه يعكس الحظ السيئ لأن معناه أن الفضة ليست موجودة، والبديل هو مجموعة العناصر التي لا تجلب الأسعار السوقية المرتفعة. ولكن الأوضاع تغيرت في مطلع القرن العشرين عندما اكتشف العلماء أهمية وتطبيقات المواد المشعة المختلفة. ثم تغيرت مرة ثانية وبطريقة جذرية في مطلع الأربعينات الميلادية عندما بدأ السباق النووي بتصنيع القنبلة الذرية.
ومن جبال أوروبا ننتقل إلى حفرة كبيرة في وسط أفريقيا، وتحديدا في إقليم «كاتانجا» في الكونجو حيث وضع الله عز وجل أكبر كميات من عنصر اليورانيوم، وأقدم مفاعل نووي طبيعي في تلك الحفرة واسمها «شنكلوبوي» Shinklolobwe على وزن «شنكّل أبوها». وترمز الكلمة بلغة أهل الكونجو إلى أحد أنواع الفاكهة صعبة الأكل والهضم، وإلى خصائص تضاهي مبدأ «يا ما تحت السواهي دواهي»...فمنظر الفاكهة لا يدل على محتواها. ولنقف لحظة قبل الخوض في تفاصيل الموضوع لنتحدث عن العناصر الكيماوية الطبيعية وعددها 92، وتبدأ بالهيدروجين وهو أخفها وأبسطها في تركيبته. وأما أثقلها وأصعبها في تركيبته فهو عنصر اليورانيوم فهو يتميز بتركيبة عجيبة جدا. نواة هذا العنصر مشحونة لدرجة أنه لا يطيق نفسه... مثل بعض البشر. والمقصود هنا هو أنه يعاني من عدم الاتزان، وفي كل لحظة يريد العنصر أن يتخلص من الزحام الرهيب بداخل نواة كل ذرة من ذراته. ولذا فتجده دائم الحركة فهو لا يهدأ... يخرج أجزاء صغيرة من داخله بشكل مستمر لدرجة أن حرارته ممكن أن ترتفع وهو بمفرده وكأنه يتعارك مع نفسه... وهذه من سمات المواد المشعة. وهي من الخصائص التي جعلته من العناصر المؤهلة لاستغلال الطاقة النووية في أقوى أدوارها.
وفي مطلع الأربعينات الميلادية من القرن العشرين، بدأت الولايات المتحدة في تصنيع القنابل الذرية في صحراء «لوس آلاموس» في ولاية نيو مكسيكو في جنوب الولايات المتحدة في أضخم برنامج حربي بحثي في تاريخ البشرية. تم نقل كميات ضخمة من اليوارنيوم من «شنكل أبوها» في الكونجو إلى الولايات المتحدة من خلال عمليات سرية جدا، وتحت حراسة مشددة لضمان سلامة العنصر، وللمحافظة على سرية خصائصه العجيبة. وبدون مبالغة أصبح اليورانيوم من أهم العناصر في التاريخ الحديث، وذلك لأنه من مصادر القوة في السلم والحرب: في السلم من خلال استعمالاته في المفاعلات النووية لتوليد الطاقة، وفي الحرب لتصنيع القنابل النووية من جانب، ولتوفير الوقود لحاملات الطائرات العملاقة، والغواصات الضخمة، وغيرها من المركبات التي تحتاج إلى الطاقة المكثفة ذات النفس الطويل.
أمنيــــــة
سبحان الله الذي حوّل ما كان في مستوى «الزفت» إلى أحد أهم عناصر السلم والحرب. أتمنى أن نحرص في التقليل من شأن الأشياء، وأن لا نهمل أهمية أي من نعم الله.
وهو من وراء القصد.
ومن جبال أوروبا ننتقل إلى حفرة كبيرة في وسط أفريقيا، وتحديدا في إقليم «كاتانجا» في الكونجو حيث وضع الله عز وجل أكبر كميات من عنصر اليورانيوم، وأقدم مفاعل نووي طبيعي في تلك الحفرة واسمها «شنكلوبوي» Shinklolobwe على وزن «شنكّل أبوها». وترمز الكلمة بلغة أهل الكونجو إلى أحد أنواع الفاكهة صعبة الأكل والهضم، وإلى خصائص تضاهي مبدأ «يا ما تحت السواهي دواهي»...فمنظر الفاكهة لا يدل على محتواها. ولنقف لحظة قبل الخوض في تفاصيل الموضوع لنتحدث عن العناصر الكيماوية الطبيعية وعددها 92، وتبدأ بالهيدروجين وهو أخفها وأبسطها في تركيبته. وأما أثقلها وأصعبها في تركيبته فهو عنصر اليورانيوم فهو يتميز بتركيبة عجيبة جدا. نواة هذا العنصر مشحونة لدرجة أنه لا يطيق نفسه... مثل بعض البشر. والمقصود هنا هو أنه يعاني من عدم الاتزان، وفي كل لحظة يريد العنصر أن يتخلص من الزحام الرهيب بداخل نواة كل ذرة من ذراته. ولذا فتجده دائم الحركة فهو لا يهدأ... يخرج أجزاء صغيرة من داخله بشكل مستمر لدرجة أن حرارته ممكن أن ترتفع وهو بمفرده وكأنه يتعارك مع نفسه... وهذه من سمات المواد المشعة. وهي من الخصائص التي جعلته من العناصر المؤهلة لاستغلال الطاقة النووية في أقوى أدوارها.
وفي مطلع الأربعينات الميلادية من القرن العشرين، بدأت الولايات المتحدة في تصنيع القنابل الذرية في صحراء «لوس آلاموس» في ولاية نيو مكسيكو في جنوب الولايات المتحدة في أضخم برنامج حربي بحثي في تاريخ البشرية. تم نقل كميات ضخمة من اليوارنيوم من «شنكل أبوها» في الكونجو إلى الولايات المتحدة من خلال عمليات سرية جدا، وتحت حراسة مشددة لضمان سلامة العنصر، وللمحافظة على سرية خصائصه العجيبة. وبدون مبالغة أصبح اليورانيوم من أهم العناصر في التاريخ الحديث، وذلك لأنه من مصادر القوة في السلم والحرب: في السلم من خلال استعمالاته في المفاعلات النووية لتوليد الطاقة، وفي الحرب لتصنيع القنابل النووية من جانب، ولتوفير الوقود لحاملات الطائرات العملاقة، والغواصات الضخمة، وغيرها من المركبات التي تحتاج إلى الطاقة المكثفة ذات النفس الطويل.
أمنيــــــة
سبحان الله الذي حوّل ما كان في مستوى «الزفت» إلى أحد أهم عناصر السلم والحرب. أتمنى أن نحرص في التقليل من شأن الأشياء، وأن لا نهمل أهمية أي من نعم الله.
وهو من وراء القصد.