كي لا يطمئن الفاسدون
تلميح وتصريح
الأربعاء / 11 / ربيع الأول / 1439 هـ الأربعاء 29 نوفمبر 2017 01:42
حمود أبو طالب
في البدء لا بد من التأكيد على سعادتنا وإكبارنا واعتزازنا بالقرار التأريخي الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتشكيل لجنة عليا لحصر ومحاصرة ومحاربة الفساد، وكذلك تقديرنا العظيم لرئيس اللجنة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على مباشرة اللجنة عملها فور صدور القرار دون انتقائية أو تمييز بين المتهمين، ولسنا بحاجة إلى إعادة تأكيد ما قاله الجميع بأن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة جديدة في تأريخ المملكة تضع حداً للفساد المنهجي الذي أكل الأخضر واليابس، وبلغ إلى حد اختلاس نحو ١٠ في المئة من ميزانية الدولة لأعوام عديدة كما صرح مؤخرا ولي العهد.
لقد أشار ولي العهد في حواره الأخير مع الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان الى أن ٩٥٪ من المتهمين قبلوا بالتسوية وإعادة ما سلبوه إلى الدولة، و٤٪ طلبوا إحالتهم للمحاكمة، و١٪ أخلي سبيلهم. هذا أمر جيد عندما نستعيد ما يبلغ ١٠٠ مليار دولار من ناهبيها، ولكن ليسمح لنا ولي العهد الذي نثق في حرصه وبعد نظره وثاقب رؤيته ورجاحة قراراته، ليسمح لنا بملاحظة كوننا مواطنين نشاركه الرأي ونعرف أنه يرحب بذلك، بل ويطلبه من الجميع.
إننا رغم سعادتنا بما تم في هذا الملف، نشعر بأن الـ ٩٥٪ الذين قبلوا تسوية إعادة المبالغ مقابل عدم خضوعهم للقضاء كأنما تحقق لهم ما لم يكونوا يحلمون به. فلو فرضنا على سبيل المثال أن أحدهم اختلس أو ارتشى أو ارتكب أي مخالفة حصل منها على مئة مليون قبل 10 سنوات ثم استثمرها فلربما يكون المبلغ الآن ٥٠٠ مليون أو أكثر، وعندما يعيد للدولة ١٠٠ مليون يكون قد كسب من المال العام ٤٠٠ مليون ليخرج ويستمتع بها كيفما يشاء. إن خشيتنا يا سمو الأمير أن تكون التسوية بهذا الشكل ـ إذا كان فهمنا لها على هذا الوجه صحيحا ـ تشجيعا للفاسدين وسببا لاطمئنانهم، اختلس واستثمر وعندما يقبض عليك وافق على تسوية تعيد أصل المبلغ وعش حياتك حراً مستمتعا بالأرباح.
اختلاس المال العام جريمة كبرى تعاقب عليها الأنظمة والقوانين في كل دول العالم، وتكون هذه الجريمة أسوأ عندما يرتكبها مسؤول كبير كان مؤتمنا على مصالح الوطن ومقدراته، وبالتالي لا بد من العقاب وفق ما تنص عليه القوانين وليس الإعفاء من المسؤولية الجنائية بحق الوطن والمال العام وما ترتب من أضرار على اختلاسه، وحتى تتحقق العدالة الكاملة ويرتدع من تسول له نفسه بعد الآن، والفاسدون لا يقدرون التسامح والرأفة بهم لأن القيم الفاضلة ليست في قاموسهم الذي سمح لهم بالفساد.
إنها وجهة نظر يا سمو الأمير قد يكون لكم رأي آخر تجاهها، لكن أحببنا طرحها حرصاً على الوطن من كائنات الفساد الضارة.
habutalib@hotmail.com
لقد أشار ولي العهد في حواره الأخير مع الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان الى أن ٩٥٪ من المتهمين قبلوا بالتسوية وإعادة ما سلبوه إلى الدولة، و٤٪ طلبوا إحالتهم للمحاكمة، و١٪ أخلي سبيلهم. هذا أمر جيد عندما نستعيد ما يبلغ ١٠٠ مليار دولار من ناهبيها، ولكن ليسمح لنا ولي العهد الذي نثق في حرصه وبعد نظره وثاقب رؤيته ورجاحة قراراته، ليسمح لنا بملاحظة كوننا مواطنين نشاركه الرأي ونعرف أنه يرحب بذلك، بل ويطلبه من الجميع.
إننا رغم سعادتنا بما تم في هذا الملف، نشعر بأن الـ ٩٥٪ الذين قبلوا تسوية إعادة المبالغ مقابل عدم خضوعهم للقضاء كأنما تحقق لهم ما لم يكونوا يحلمون به. فلو فرضنا على سبيل المثال أن أحدهم اختلس أو ارتشى أو ارتكب أي مخالفة حصل منها على مئة مليون قبل 10 سنوات ثم استثمرها فلربما يكون المبلغ الآن ٥٠٠ مليون أو أكثر، وعندما يعيد للدولة ١٠٠ مليون يكون قد كسب من المال العام ٤٠٠ مليون ليخرج ويستمتع بها كيفما يشاء. إن خشيتنا يا سمو الأمير أن تكون التسوية بهذا الشكل ـ إذا كان فهمنا لها على هذا الوجه صحيحا ـ تشجيعا للفاسدين وسببا لاطمئنانهم، اختلس واستثمر وعندما يقبض عليك وافق على تسوية تعيد أصل المبلغ وعش حياتك حراً مستمتعا بالأرباح.
اختلاس المال العام جريمة كبرى تعاقب عليها الأنظمة والقوانين في كل دول العالم، وتكون هذه الجريمة أسوأ عندما يرتكبها مسؤول كبير كان مؤتمنا على مصالح الوطن ومقدراته، وبالتالي لا بد من العقاب وفق ما تنص عليه القوانين وليس الإعفاء من المسؤولية الجنائية بحق الوطن والمال العام وما ترتب من أضرار على اختلاسه، وحتى تتحقق العدالة الكاملة ويرتدع من تسول له نفسه بعد الآن، والفاسدون لا يقدرون التسامح والرأفة بهم لأن القيم الفاضلة ليست في قاموسهم الذي سمح لهم بالفساد.
إنها وجهة نظر يا سمو الأمير قد يكون لكم رأي آخر تجاهها، لكن أحببنا طرحها حرصاً على الوطن من كائنات الفساد الضارة.
habutalib@hotmail.com