صوت المواطن

لبنان كنا يوم كان

المطوع

علي المطوع

لم يعد لبنان البلد الذي نعرف، لم يعد محبوب فيروز فى رائعتها «بحبك يا لبنان يا وطني بحبك»، لبنان اليوم أشبه بموقع للتصوير، الجميع يؤمه لتصوير جزء من دور يكمل مسلسل العبث الذي يجري فيه منذ عشرات السنين.

في البدء كان النظام السوري بطلا للمشهد، بصفته اللاعب الأول في الدراما السياسية التي كانت تجري هناك، شرعية المقاومة أعطته حصانة، ليظل البطل المطلق الذي يسرح ويمرح حتى طوت أيدي الغدر صفحة الحريري الأب.

اليوم إيران وعبر وكيلها العبثي المدعو حزب الله تمارس أدوارا احتلالية خالصة، فعقيدة الحزب تنبع من قم وسدنتها، وتضحياته وحراكاته تبدأ بإشارة من الولي الفقيه.

حسنا ماذا بقي من عروبة لبنان ووطن فيروز الذي أحببناه في حبها؟ لم يبق شيء سوى الذكريات وبقايا عروبة، يقتاتها التاريخ حين يعرج على حكاية كان اسمها عروبة لبنان، كثير من اللبنانيين لم تعد فيروز والأخطل الصغير ومسارح بعلبك تمثل جزءا من هويتهم، بل أضحت أطلالا يُرقص عليها بدلا من البكاء، العروبة في لبنان ذهبت مع الريح وخلفت حزبا شيطانيا صبغ الوجود والوجوه بمشروع فارسي مقيت، يمقت العروبة في كل صورها وأشكالها.

بحبك يا إيران يا وطني بحبك، تخيلوا فيروز وهي تشدو بهذا المقطع المحرف، حتما ستهتز الضاحية، ولكن ماذا عن بيروت؟ ماذا عن الأصالة والشرف والكرامة؟ بيروت كانت عاصمة التوثيق للغة الضاد، كان المفكرون والأدباء العرب يلدون نتاجاتهم الفكرية والأدبية هناك، وبعد الولادة كانت العروبة والعربية تتكاثران مبادئ وأحزابا وشخصيات.

اليوم لبنان مجرد خان مستعمر لبضائع فارسية الصنع، في أصلها وتكوينها ومفاهيمها، قسمها من العروبة أنها توزع في بلد كان عربيا اسمه لبنان، توزع مجانا ولا تباع.

لبنان اليوم هو الضاحية، هو ولاية الشيطان، هو الحديقة الخلفية لولاية الفقيه، أما باقي الطوائف اللبنانية فهي مجرد نسخ مركونة على الجدار، أعياها التهميش والانتظار، تحسب عددا، ولا تراعي عدة.

نسم علينا الهوى من مفرق الوادي، إصدار لبناني عروبي، شدت به فيروز فتلبننة ذائقتنا، وطربنا للبنان ونسائمه الدافئة، واليوم كأني أرى فيروز وهي على أحد مسارح الضاحية وفي حضرة الشاطر حسن والسواد المعمم من أتباعه يطالبونها بـ«نسم علينا الهوى» فتلبي السيدة طلب سيد سادات لبنان وتقول: «نسم علينا الولي من مفرق الوادي، يا ولي دخل الولي رجع لي بلادي».

alaseery1990@yahoo.com