الهزاع لـ«عكاظ»: اتهموني بالسحر.. ونادوني للتوبة.. وتجاهلوا تاريخي!
المونولوجي السعودي الأبرز أمضى 58 عاماً في مجاله ويطالب بتكريمه قبل رحيله !
الاثنين / 30 / ربيع الأول / 1439 هـ الاثنين 18 ديسمبر 2017 03:00
حوار: محمد سعود (الرياض) mohamdsaud@
* ملك العراق طلبني ليعرّف أسرته وشعبه بموهبتي !
* لا أعرف قيمتي الفنية إلا عندما أسافر للخارج
* أطالب بنسخة من إنتاجي لأتمكن من التصرف فيه والاستفادة منه
* تقليد 12 شخصية في وقت واحد.. صعب على مقلدي الأصوات
بدأت مسيرة المونولوجي السعودي عبدالعزيز الهزاع خلف الستار قبل نحو 58 عاماً، متفرداً في مجاله الذي يراه صعباً للغاية، كونه لا يوجد فيه سوى الهزاع وحده، مقدماً عبر فنه عشرات القضايا الاجتماعية في بلاده.
وبعد أن أزاح الهزاع الستار عن الرحلة الطويلة التي أسعد من خلالها آلاف الناس، وتاركاً إرثاً فنياً كبيراً يمتد إلى 2000 حلقة إذاعية وعدد كبير من المهرجانات، وجد نفسه وحيداً بلا جمهور يصفق له، ولا مسؤولين يكرمونه كما كان يحدث معه سابقاً أثناء ذروة مسيرته الفنية، بل لم يعد لديه سوى ماضيه الجميل مع الملوك والأمراء، والمشكلات التي لحقت به بسبب فنه الذي يمتاز بتقليد الأصوات خلف الستار.
ويقول الهزاع في حوار مع «عكاظ»: «كنت أقدم المسلسلات لوحدي من خلال تقليد أصوات 12 شخصية، وكل صوت يقوم بدوره، وهذا صعب جداً على مقلدي الأصوات، إذ ليس باستطاعتهم إتقان تقليد أصوات شخصيات مختلفة في آن واحد وبعدها ظهرت على المسرح وعرفني الناس».
ويضيف: «تعرضت لمشكلات اجتماعية من كل ناحية، ومنها احتجاج أولادي على ما أقدمه، ولم يكونوا راضين عن تمثيلياتي وتقليد الأصوات من الناحية الدينية، لكن بعد محاولات عدة اقتنعوا بفني ورسالتي التي أقدمها، كون ما أطرحه يتطرق إلى قضايا اجتماعية وساهم في حل العديد من المشكلات، أي أن ما أقدمه ذو هدف سامٍ».
ويوضح أن سبب توقفه عن العمل الإذاعي يعود إلى أن هيئة الإذاعة والتلفزيون أنهت عقده قبل عامين بقرار صادر من رئيسها السابق عبدالرحمن الهزاع، وأوقف تعاونه معهم وليس تقاعدا، ما جعله يتوجه إليه في مكتبه ويستفسر منه عن سبب إيقاف تعاونه، إلا أنه فاجأه برده، إذ برر قراره بـ«مصلحة العمل»، فإلى نص الحوار:
• عبدالعزيز الهزاع مسيرة طويلة في فن المونولوج.. أين أنت الآن؟
•• توقفت عن تقديم المسلسلات الإذاعية بعد مسيرة امتدت لعشرات السنين، وحققت خلالها العديد من النجاحات.
• وما سبب توقفك عن العمل الإذاعي؟
•• السبب الرئيسي والوحيد في توقفي يكمن في أن هيئة الإذاعة والتلفزيون أنهت عقدي قبل عامين بقرار صادر من رئيسها السابق عبدالرحمن الهزاع، وأوقف تعاوني معهم وليس تقاعدا، ما جعلني أتوجه إليه في مكتبه وأستفسر منه عن سبب إيقاف تعاوني، إلا أنه فاجأني برده، إذ برر قراره بـ«مصلحة العمل» ولن يستطيع أحد إعادتي للعمل؛ لأنه الآمر الناهي في الهيئة آنذاك، وخرجت من عنده بعدما قلت له: «حسبي الله ونعم الوكيل»، ومن بعدها توقفت.
• كم أعوام خدمتك في مجال الإذاعة والتلفزيون؟
•• خدمتي وصلت إلى 58 عاماً في المجال الإذاعي، وبدأت العمل في المجال منذ تأسيس الإذاعة في جدة، وأنا من أول من تطرق إلى القضايا الاجتماعية في المملكة.
• قلت إنك متعاون مع الإذاعة، وماذا عن عملك الأساسي؟
•• كنت أعمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتقاعدت منها، وكرمتني الرئاسة على مسيرتي معها في قصر الثقافة بالرياض، وقدمت لي جائزة قيمة أفتخر بها.
• كيف اكتشفت موهبتك؟
•• اكتشاف موهبتي له قصة طريفة، إذ كنت أعمل في رأس تنورة عاملا لمقياس الخزان، وأخرج مع مندوب أرامكو لتسجيل البيانات للخزان، وفي أحد الأيام وبينما كنا جالسين في سكن الموظفين في مدينة رحيمة دخل علينا شخص وسأل عن بيت أمير رحيمة، وعندما بدأت الشرح له عن موقع المنزل من خلف الزجاج، ما كان منه إلا أن قام بالاصطدام بالزجاج حتى كسره ثم هرب، هذا الموقف أضحكني وأضحك الموجودين معي،
وكلما يأتينا ضيف أُقلد له صوت الشخص الذي اصطدم بالزجاج، ومع الوقت أضفت معها شخصية أخرى وهكذا، حتى وصلت إلى 12 شخصية مع مرور الوقت.
• كيف التحقت بإذاعة جدة؟
•• تقدمت لإذاعة جدة بطلب العمل معهم، إلا أن مسؤوليها في ذلك الوقت رفضوني، بحجة أن ما أقدمه لا يتناسب مع الإذاعة، ما جعلني أحضر أمراً من الأمير محمد بن عبدالعزيز رحمه الله للعمل في الإذاعة، وبعدها فتحت لي الأبواب، وبدأت أمثل بمبلغ زهيد عبر عمل «بدو في طيارة»، الذي تناول قضية غلاء المهور، وتدرجت شيئاً فشيئاً.
• وماذا بعد ذلك؟
•• تعاونت مع المخرج عبدالرحمن المقرن لإنتاج مسلسلات إذاعية، وحينما اشتهرت ووصلت أعمالي للناس اتهمني البعض بالسحر والشعوذة؛ لأنني كنت أؤدي الأدوار خلف الستار، وقالوا إن الذي يمثل خلف الستار يحضّر الجن ويستخدمهم في فنه.
• وعلى ماذا اعتمدوا في اتهامهم لك؟
•• كانوا يسمعون صوتي، ويعتقدون أن الذي يخفي صورته لديه مشكلة وله علاقة بالجن.
• وماذا كنت تقدم خلف الستار؟
•• كنت أقدم المسلسلات لوحدي من خلال تقليد الأصوات لعدد من الشخصيات، وكل صوت يقوم بدوره، وبعدها ظهرت على المسرح وعرفني الناس.
• وهل انتقلت للرياض أم بقيت في جدة؟
•• انتقل مسرح التلفزيون من جدة إلى الرياض؛ إذ كانت في العاصمة وقتها حركة فنية وتشجيع لها.
• هل تم تكريمك بعد إنهاء تعاونك؟
•• لا لم يكرموني وأنهوا عقدي، ولم يحترموا خدمتي الطويلة الممتدة.
• كم عدد الشخصيات التي قدمتها؟
•• قدمت 12 شخصية منوعة في وقت واحد، وهذا صعب جداً على مقلدي الأصوات، إذ ليس باستطاعتهم إتقان تقليد أصوات شخصيات مختلفة في آن واحد.
• وماذا كانت أصداء الناس عن نشاطك بعد انتقالك إلى الرياض؟
•• الرياض كانت تعج بالنشاط ومسرح التلفزيون مفعّل، وبعدها أوقفوه بحجة أنه حرام.
• ومن الذي أمر بإيقاف تلك النشاطات؟
•• وصل أمر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتعاون مع الإذاعة والتلفزيون، وأوقفوا كل نشاط فني.
• وأين ذهبت بعد إيقاف النشاطات الفنية؟
•• ذهبت مع الناس أسوة بغيري، والنشاط الترفيهي توقف، واتجهت للعمل الإذاعي.
• متى كان آخر نشاط وقفت عنده في المجال؟
•• قبل 3 سنوات.
• ما أبرز الأعمال التي قدمتها خلال مسيرتك؟
•• قدمت نحو 2000 حلقة منوعة، جميعها تتناول قضايا اجتماعية بالطابع الفكاهي الذي يصل ويحقق الهدف بسهولة، ومن أشهر أعمالي «وسع صدرك» و«طريق المحبة» و«المسامح كريم»، إلا أنه للأسف الكثير من الشباب لا يعرفون تاريخي وأعمالي الفنية الآن.
• هل تتذكر أول عمل قدمته؟
•• كانت باكورة إنتاجي عمل «بدو في طيارة» وكانت في عام 1375هـ، وبعد هذا العمل تعرضت لعدد من المشكلات.
• وما تلك المشكلات التي تعرضت لها؟
•• مشكلات اجتماعية من كل ناحية، ومنها احتجاج أولادي على ما أقدمه، ولم يكونوا راضين عن تمثيلياتي وتقليد الأصوات من الناحية الدينية، لكن بعد محاولات عدة اقتنعوا بفني ورسالتي التي أقدمها، كون ما أطرحه يتطرق إلى قضايا اجتماعية وساهم في حل العديد من المشكلات، أي أن ما أقدمه ذو هدف سامٍ.
• إلى ماذا كنت تهدف من فنك؟
•• كنت أهدف إلى حل المشكلات الاجتماعية منذ بداية أعمالي بقالب فكاهي هادف.
• ما أبرز القضايا التي تطرقت لها؟
•• غلاء المهور التي كان يعاني منها الناس، والطلاق، وعقوق الوالدين، وهكذا.
• وهل اكتفيت بتلك الأعمال؟
•• انتقلت إلى تجربة أخرى وهي تمثيل شخصية أبو حديجان وأم حديجان بالرسوم المتحركة وطرحها كمسلسل موجه للأسرة عبر شاشة التلفاز، يناقش قضايا اجتماعية بحتة وأحمد الله أننا نجحنا.
• ماذا عن ردود الفعل على أعمالك في تلك الفترة من قبل المسؤولين؟
•• كنت أجد التشجيع الكامل من الملوك والأمراء والوزراء والمسؤولين على ما أقدمه ويشيدون بأعمالي، وكان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقفات كثيرة معي لا يمكن أن أنساها.
• ما هو الموقف الذي لا تنساه حتى الآن؟
•• من المواقف العالقة في ذهني.. قبل سنوات طويلة زار ملك العراق آنذاك المملكة (الملك فيصل الثاني)، وفي حفلة الاستقبال له في كلية الملك عبدالعزيز قدمت عملا فنيا خلف الستار بالشخصيات المتعددة التي أقلدها عادة، حينها قال ملك العراق للملك سعود إنني أريد رؤية صاحب الصوت، لعدم اقتناعه أنني بمفردي وحين جاء إليّ وجدني وحيداً، واندهش مما شاهده، ما جعله يطلب شريط التسجيل الخاص بالحفلة، وشاهده مع عائلته في العراق التي بدورها لم تصدق أن العرض يقدمه شخص واحد، فبعث ملك العراق برقية إلى الملك سعود بن عبدالعزيز وطلبني لزيارة بغداد، وذهبت إليه في العراق واستقبلوني بحفاوة كبيرة في المطار، وقالوا لي: «جبنا باص خاص لك ولفرقتك»، ورددت عليهم بأنه لا فرقة معي.. أنا لوحدي، وكانت الزيارة محددة بثلاثة أيام فقط لكنني أمضيت نحو شهرين هناك، وتلك الزيارة قابلت في بدايتها ملك العراق الذي وجدت معه عددا من الوزراء لديه، إلا أن شخصا يدعى عبدالإله وهو خال الملك أخذني وأدخلني عند النساء في القسم الآخر، وكل واحدة منهن معها جهاز تسجيل، بغية الاحتفاظ بما أقدمه لهن، وبعدها أسمعن صديقاتهن ما قدمته لهن عبر التسجيل، ويؤكدن لهن أن التسجيل لشخص واحد، وبعدها طلبوني مرة أخرى، وذهبت للسفير السعودي في ذلك الوقت واشتكيت لديه من كثرة تسجيل عملي «بدو في طيارة» أكثر من مرة، وليس من المعقول أن أمثلها كل يوم، وأخبر ملك العراق بذلك، ليطلب مني تسجيلها في إذاعة العراق.
• وهل اتجهت للإذاعة في بغداد؟
•• نعم توجهت لإذاعة العراق، وطلب مني مدير الإذاعة في العراق إحضار الفرقة التي تمثل الأدوار متوقعاً أن معي شخصيات أخرى، لكنه فوجئ بألا فرقة معي، ويعتقد أنني أمازحه في بادئ الأمر، ولم يقتنع إلا بعدما قدمت له عرضا من داخل الخزانة الخاصة بالكتب والمعاملات في الإذاعة، وقال: «الآن فهمت.. عندك جن، أو معاك مسجل»، لكنه شد على يدي وقال إن هذا الفن أول مرة يمر عليه. دخلت الاستوديو وبثت التمثيلية، وقال المذيع «هذا فرد شخص» أي شخص واحد، ما جعل مستمعي الإذاعة يحتجون عليه باعتباره يكذب عليهم ما قد يشكك في مهنية إذاعته.
• وهل اكتفيت بتقديم عملك في الإذاعة العراقية؟
•• لا.. بل طلبوا مني تقديمها عبر شاشة التلفزيون وكانت الشاشة بالأبيض والأسود، وبثت ذلك الوقت.. وحينما خرجت من مبنى التلفزيون وجدت العديد من المعجبين ينتظرونني للتوقيع لهم، وهذا أعتبره فخرا لي. وعدت للرياض مرة أخرى، وبعدها بـ20 يوما حدث انقلاب على ملك العراق وقتلت عائلته، وقال لي الملك سعود: «وجهك شؤم على العراقيين رحت لهم وقتلوا»، ورددت عليه إذا كان وجهي وجه شؤم أرسلوني لإسرائيل.
• هل كان هناك أحد يناصحك حينما يواجهك؟
•• نعم.. كنت في مناسبة، وقدمني المضيف للضيوف وأمسك بيدي رجل متدين يجلس بجانبي وقال لي: «أنت اللي تقلد صوت النساء في الراديو؟ تُب إلى الله، وهذا الميكرفون قدامك وأعلن توبتك»، ورددت عليه بأنني لم أكفر بالله حتى أتوب! كل ما أقدمه للمجتمع أعمال اجتماعية هادفة حتى لو كانت بقالب فكاهي ولا منكر فيها، بعدها اعتذر مني الرجل وطلب مني مسامحته.
• هل عُرِضت عليك المشاركة في أي أعمال درامية؟
•• لا لم يطلبني أحد لأن مجالي مختلف عن مجالهم، ولا علاقة لي معهم.
• هل كان يوجد غيرك في مجال فن المونولوج؟
•• لا يوجد أحد، وإنما ظهرت أسماء واختفت بسرعة.
• ولماذا لا يوجد أحد في المجال؟
•• لأنه مجال صعب وليس باستطاعة أي شخص دخوله.. وأنا حقيقة لا أعرف قيمتي الحقيقية إلا عندما أسافر للخارج، وحينما أقلد الأصوات ينبهرون مما أقدمه.
• طوال مسيرتك، هل كرمتك وزارة الثقافة والإعلام؟
•• للأسف لا! وهي الجهة التي توقعت أن أجد منها لفتة تكريم ولو معنويا ما دمت على قيد الحياة.. فبعد وفاتي لا أريد تكريما من أي أحد.
• وجمعية الثقافة والفنون هل كرمتك؟
•• لا.
• ومن الذي كرمك؟
•• كرمني الأمير سلطان بن فهد في عام 1415هـ.
• وماذا تريد من هيئة الإذاعة والتلفزيون خصوصاً بعد تعيين الإعلامي داود الشريان رئيساً لها الآن؟
•• ما أريده الآن يكمن في مطلبين أولهما: إعطائي نسخة من إنتاجي حتى أتمكن من التصرف فيه والاستفادة منه، كون ما لدي نحو 230 حلقة من 2000 حلقة، وثانيهما تكريم يليق بمسيرتي ومجالي الصعب.
• وماذا عن موقفك مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أخيراً؟
•• أثناء المبايعة بتوليه الحكم، بايعته بصوت أم حديجان، ففوجئ الملك وضحك من تقليدي.
* لا أعرف قيمتي الفنية إلا عندما أسافر للخارج
* أطالب بنسخة من إنتاجي لأتمكن من التصرف فيه والاستفادة منه
* تقليد 12 شخصية في وقت واحد.. صعب على مقلدي الأصوات
بدأت مسيرة المونولوجي السعودي عبدالعزيز الهزاع خلف الستار قبل نحو 58 عاماً، متفرداً في مجاله الذي يراه صعباً للغاية، كونه لا يوجد فيه سوى الهزاع وحده، مقدماً عبر فنه عشرات القضايا الاجتماعية في بلاده.
وبعد أن أزاح الهزاع الستار عن الرحلة الطويلة التي أسعد من خلالها آلاف الناس، وتاركاً إرثاً فنياً كبيراً يمتد إلى 2000 حلقة إذاعية وعدد كبير من المهرجانات، وجد نفسه وحيداً بلا جمهور يصفق له، ولا مسؤولين يكرمونه كما كان يحدث معه سابقاً أثناء ذروة مسيرته الفنية، بل لم يعد لديه سوى ماضيه الجميل مع الملوك والأمراء، والمشكلات التي لحقت به بسبب فنه الذي يمتاز بتقليد الأصوات خلف الستار.
ويقول الهزاع في حوار مع «عكاظ»: «كنت أقدم المسلسلات لوحدي من خلال تقليد أصوات 12 شخصية، وكل صوت يقوم بدوره، وهذا صعب جداً على مقلدي الأصوات، إذ ليس باستطاعتهم إتقان تقليد أصوات شخصيات مختلفة في آن واحد وبعدها ظهرت على المسرح وعرفني الناس».
ويضيف: «تعرضت لمشكلات اجتماعية من كل ناحية، ومنها احتجاج أولادي على ما أقدمه، ولم يكونوا راضين عن تمثيلياتي وتقليد الأصوات من الناحية الدينية، لكن بعد محاولات عدة اقتنعوا بفني ورسالتي التي أقدمها، كون ما أطرحه يتطرق إلى قضايا اجتماعية وساهم في حل العديد من المشكلات، أي أن ما أقدمه ذو هدف سامٍ».
ويوضح أن سبب توقفه عن العمل الإذاعي يعود إلى أن هيئة الإذاعة والتلفزيون أنهت عقده قبل عامين بقرار صادر من رئيسها السابق عبدالرحمن الهزاع، وأوقف تعاونه معهم وليس تقاعدا، ما جعله يتوجه إليه في مكتبه ويستفسر منه عن سبب إيقاف تعاونه، إلا أنه فاجأه برده، إذ برر قراره بـ«مصلحة العمل»، فإلى نص الحوار:
• عبدالعزيز الهزاع مسيرة طويلة في فن المونولوج.. أين أنت الآن؟
•• توقفت عن تقديم المسلسلات الإذاعية بعد مسيرة امتدت لعشرات السنين، وحققت خلالها العديد من النجاحات.
• وما سبب توقفك عن العمل الإذاعي؟
•• السبب الرئيسي والوحيد في توقفي يكمن في أن هيئة الإذاعة والتلفزيون أنهت عقدي قبل عامين بقرار صادر من رئيسها السابق عبدالرحمن الهزاع، وأوقف تعاوني معهم وليس تقاعدا، ما جعلني أتوجه إليه في مكتبه وأستفسر منه عن سبب إيقاف تعاوني، إلا أنه فاجأني برده، إذ برر قراره بـ«مصلحة العمل» ولن يستطيع أحد إعادتي للعمل؛ لأنه الآمر الناهي في الهيئة آنذاك، وخرجت من عنده بعدما قلت له: «حسبي الله ونعم الوكيل»، ومن بعدها توقفت.
• كم أعوام خدمتك في مجال الإذاعة والتلفزيون؟
•• خدمتي وصلت إلى 58 عاماً في المجال الإذاعي، وبدأت العمل في المجال منذ تأسيس الإذاعة في جدة، وأنا من أول من تطرق إلى القضايا الاجتماعية في المملكة.
• قلت إنك متعاون مع الإذاعة، وماذا عن عملك الأساسي؟
•• كنت أعمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتقاعدت منها، وكرمتني الرئاسة على مسيرتي معها في قصر الثقافة بالرياض، وقدمت لي جائزة قيمة أفتخر بها.
• كيف اكتشفت موهبتك؟
•• اكتشاف موهبتي له قصة طريفة، إذ كنت أعمل في رأس تنورة عاملا لمقياس الخزان، وأخرج مع مندوب أرامكو لتسجيل البيانات للخزان، وفي أحد الأيام وبينما كنا جالسين في سكن الموظفين في مدينة رحيمة دخل علينا شخص وسأل عن بيت أمير رحيمة، وعندما بدأت الشرح له عن موقع المنزل من خلف الزجاج، ما كان منه إلا أن قام بالاصطدام بالزجاج حتى كسره ثم هرب، هذا الموقف أضحكني وأضحك الموجودين معي،
وكلما يأتينا ضيف أُقلد له صوت الشخص الذي اصطدم بالزجاج، ومع الوقت أضفت معها شخصية أخرى وهكذا، حتى وصلت إلى 12 شخصية مع مرور الوقت.
• كيف التحقت بإذاعة جدة؟
•• تقدمت لإذاعة جدة بطلب العمل معهم، إلا أن مسؤوليها في ذلك الوقت رفضوني، بحجة أن ما أقدمه لا يتناسب مع الإذاعة، ما جعلني أحضر أمراً من الأمير محمد بن عبدالعزيز رحمه الله للعمل في الإذاعة، وبعدها فتحت لي الأبواب، وبدأت أمثل بمبلغ زهيد عبر عمل «بدو في طيارة»، الذي تناول قضية غلاء المهور، وتدرجت شيئاً فشيئاً.
• وماذا بعد ذلك؟
•• تعاونت مع المخرج عبدالرحمن المقرن لإنتاج مسلسلات إذاعية، وحينما اشتهرت ووصلت أعمالي للناس اتهمني البعض بالسحر والشعوذة؛ لأنني كنت أؤدي الأدوار خلف الستار، وقالوا إن الذي يمثل خلف الستار يحضّر الجن ويستخدمهم في فنه.
• وعلى ماذا اعتمدوا في اتهامهم لك؟
•• كانوا يسمعون صوتي، ويعتقدون أن الذي يخفي صورته لديه مشكلة وله علاقة بالجن.
• وماذا كنت تقدم خلف الستار؟
•• كنت أقدم المسلسلات لوحدي من خلال تقليد الأصوات لعدد من الشخصيات، وكل صوت يقوم بدوره، وبعدها ظهرت على المسرح وعرفني الناس.
• وهل انتقلت للرياض أم بقيت في جدة؟
•• انتقل مسرح التلفزيون من جدة إلى الرياض؛ إذ كانت في العاصمة وقتها حركة فنية وتشجيع لها.
• هل تم تكريمك بعد إنهاء تعاونك؟
•• لا لم يكرموني وأنهوا عقدي، ولم يحترموا خدمتي الطويلة الممتدة.
• كم عدد الشخصيات التي قدمتها؟
•• قدمت 12 شخصية منوعة في وقت واحد، وهذا صعب جداً على مقلدي الأصوات، إذ ليس باستطاعتهم إتقان تقليد أصوات شخصيات مختلفة في آن واحد.
• وماذا كانت أصداء الناس عن نشاطك بعد انتقالك إلى الرياض؟
•• الرياض كانت تعج بالنشاط ومسرح التلفزيون مفعّل، وبعدها أوقفوه بحجة أنه حرام.
• ومن الذي أمر بإيقاف تلك النشاطات؟
•• وصل أمر من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتعاون مع الإذاعة والتلفزيون، وأوقفوا كل نشاط فني.
• وأين ذهبت بعد إيقاف النشاطات الفنية؟
•• ذهبت مع الناس أسوة بغيري، والنشاط الترفيهي توقف، واتجهت للعمل الإذاعي.
• متى كان آخر نشاط وقفت عنده في المجال؟
•• قبل 3 سنوات.
• ما أبرز الأعمال التي قدمتها خلال مسيرتك؟
•• قدمت نحو 2000 حلقة منوعة، جميعها تتناول قضايا اجتماعية بالطابع الفكاهي الذي يصل ويحقق الهدف بسهولة، ومن أشهر أعمالي «وسع صدرك» و«طريق المحبة» و«المسامح كريم»، إلا أنه للأسف الكثير من الشباب لا يعرفون تاريخي وأعمالي الفنية الآن.
• هل تتذكر أول عمل قدمته؟
•• كانت باكورة إنتاجي عمل «بدو في طيارة» وكانت في عام 1375هـ، وبعد هذا العمل تعرضت لعدد من المشكلات.
• وما تلك المشكلات التي تعرضت لها؟
•• مشكلات اجتماعية من كل ناحية، ومنها احتجاج أولادي على ما أقدمه، ولم يكونوا راضين عن تمثيلياتي وتقليد الأصوات من الناحية الدينية، لكن بعد محاولات عدة اقتنعوا بفني ورسالتي التي أقدمها، كون ما أطرحه يتطرق إلى قضايا اجتماعية وساهم في حل العديد من المشكلات، أي أن ما أقدمه ذو هدف سامٍ.
• إلى ماذا كنت تهدف من فنك؟
•• كنت أهدف إلى حل المشكلات الاجتماعية منذ بداية أعمالي بقالب فكاهي هادف.
• ما أبرز القضايا التي تطرقت لها؟
•• غلاء المهور التي كان يعاني منها الناس، والطلاق، وعقوق الوالدين، وهكذا.
• وهل اكتفيت بتلك الأعمال؟
•• انتقلت إلى تجربة أخرى وهي تمثيل شخصية أبو حديجان وأم حديجان بالرسوم المتحركة وطرحها كمسلسل موجه للأسرة عبر شاشة التلفاز، يناقش قضايا اجتماعية بحتة وأحمد الله أننا نجحنا.
• ماذا عن ردود الفعل على أعمالك في تلك الفترة من قبل المسؤولين؟
•• كنت أجد التشجيع الكامل من الملوك والأمراء والوزراء والمسؤولين على ما أقدمه ويشيدون بأعمالي، وكان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقفات كثيرة معي لا يمكن أن أنساها.
• ما هو الموقف الذي لا تنساه حتى الآن؟
•• من المواقف العالقة في ذهني.. قبل سنوات طويلة زار ملك العراق آنذاك المملكة (الملك فيصل الثاني)، وفي حفلة الاستقبال له في كلية الملك عبدالعزيز قدمت عملا فنيا خلف الستار بالشخصيات المتعددة التي أقلدها عادة، حينها قال ملك العراق للملك سعود إنني أريد رؤية صاحب الصوت، لعدم اقتناعه أنني بمفردي وحين جاء إليّ وجدني وحيداً، واندهش مما شاهده، ما جعله يطلب شريط التسجيل الخاص بالحفلة، وشاهده مع عائلته في العراق التي بدورها لم تصدق أن العرض يقدمه شخص واحد، فبعث ملك العراق برقية إلى الملك سعود بن عبدالعزيز وطلبني لزيارة بغداد، وذهبت إليه في العراق واستقبلوني بحفاوة كبيرة في المطار، وقالوا لي: «جبنا باص خاص لك ولفرقتك»، ورددت عليهم بأنه لا فرقة معي.. أنا لوحدي، وكانت الزيارة محددة بثلاثة أيام فقط لكنني أمضيت نحو شهرين هناك، وتلك الزيارة قابلت في بدايتها ملك العراق الذي وجدت معه عددا من الوزراء لديه، إلا أن شخصا يدعى عبدالإله وهو خال الملك أخذني وأدخلني عند النساء في القسم الآخر، وكل واحدة منهن معها جهاز تسجيل، بغية الاحتفاظ بما أقدمه لهن، وبعدها أسمعن صديقاتهن ما قدمته لهن عبر التسجيل، ويؤكدن لهن أن التسجيل لشخص واحد، وبعدها طلبوني مرة أخرى، وذهبت للسفير السعودي في ذلك الوقت واشتكيت لديه من كثرة تسجيل عملي «بدو في طيارة» أكثر من مرة، وليس من المعقول أن أمثلها كل يوم، وأخبر ملك العراق بذلك، ليطلب مني تسجيلها في إذاعة العراق.
• وهل اتجهت للإذاعة في بغداد؟
•• نعم توجهت لإذاعة العراق، وطلب مني مدير الإذاعة في العراق إحضار الفرقة التي تمثل الأدوار متوقعاً أن معي شخصيات أخرى، لكنه فوجئ بألا فرقة معي، ويعتقد أنني أمازحه في بادئ الأمر، ولم يقتنع إلا بعدما قدمت له عرضا من داخل الخزانة الخاصة بالكتب والمعاملات في الإذاعة، وقال: «الآن فهمت.. عندك جن، أو معاك مسجل»، لكنه شد على يدي وقال إن هذا الفن أول مرة يمر عليه. دخلت الاستوديو وبثت التمثيلية، وقال المذيع «هذا فرد شخص» أي شخص واحد، ما جعل مستمعي الإذاعة يحتجون عليه باعتباره يكذب عليهم ما قد يشكك في مهنية إذاعته.
• وهل اكتفيت بتقديم عملك في الإذاعة العراقية؟
•• لا.. بل طلبوا مني تقديمها عبر شاشة التلفزيون وكانت الشاشة بالأبيض والأسود، وبثت ذلك الوقت.. وحينما خرجت من مبنى التلفزيون وجدت العديد من المعجبين ينتظرونني للتوقيع لهم، وهذا أعتبره فخرا لي. وعدت للرياض مرة أخرى، وبعدها بـ20 يوما حدث انقلاب على ملك العراق وقتلت عائلته، وقال لي الملك سعود: «وجهك شؤم على العراقيين رحت لهم وقتلوا»، ورددت عليه إذا كان وجهي وجه شؤم أرسلوني لإسرائيل.
• هل كان هناك أحد يناصحك حينما يواجهك؟
•• نعم.. كنت في مناسبة، وقدمني المضيف للضيوف وأمسك بيدي رجل متدين يجلس بجانبي وقال لي: «أنت اللي تقلد صوت النساء في الراديو؟ تُب إلى الله، وهذا الميكرفون قدامك وأعلن توبتك»، ورددت عليه بأنني لم أكفر بالله حتى أتوب! كل ما أقدمه للمجتمع أعمال اجتماعية هادفة حتى لو كانت بقالب فكاهي ولا منكر فيها، بعدها اعتذر مني الرجل وطلب مني مسامحته.
• هل عُرِضت عليك المشاركة في أي أعمال درامية؟
•• لا لم يطلبني أحد لأن مجالي مختلف عن مجالهم، ولا علاقة لي معهم.
• هل كان يوجد غيرك في مجال فن المونولوج؟
•• لا يوجد أحد، وإنما ظهرت أسماء واختفت بسرعة.
• ولماذا لا يوجد أحد في المجال؟
•• لأنه مجال صعب وليس باستطاعة أي شخص دخوله.. وأنا حقيقة لا أعرف قيمتي الحقيقية إلا عندما أسافر للخارج، وحينما أقلد الأصوات ينبهرون مما أقدمه.
• طوال مسيرتك، هل كرمتك وزارة الثقافة والإعلام؟
•• للأسف لا! وهي الجهة التي توقعت أن أجد منها لفتة تكريم ولو معنويا ما دمت على قيد الحياة.. فبعد وفاتي لا أريد تكريما من أي أحد.
• وجمعية الثقافة والفنون هل كرمتك؟
•• لا.
• ومن الذي كرمك؟
•• كرمني الأمير سلطان بن فهد في عام 1415هـ.
• وماذا تريد من هيئة الإذاعة والتلفزيون خصوصاً بعد تعيين الإعلامي داود الشريان رئيساً لها الآن؟
•• ما أريده الآن يكمن في مطلبين أولهما: إعطائي نسخة من إنتاجي حتى أتمكن من التصرف فيه والاستفادة منه، كون ما لدي نحو 230 حلقة من 2000 حلقة، وثانيهما تكريم يليق بمسيرتي ومجالي الصعب.
• وماذا عن موقفك مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أخيراً؟
•• أثناء المبايعة بتوليه الحكم، بايعته بصوت أم حديجان، ففوجئ الملك وضحك من تقليدي.